قطر... ودورها في دعم التطرف

من منطقة الخليج إلى ليبيا مروراً بسوريا ولبنان وفلسطين

قطر... ودورها في دعم التطرف
TT

قطر... ودورها في دعم التطرف

قطر... ودورها في دعم التطرف

سُلِّطت خلال الأسبوع الماضي كما لم تسلط من قبل الأضواء على دور دولة قطر في دعم مختلف الفصائل الإرهابية والمتشددة على امتداد العالم، منها «جبهة النصرة» و«الجماعة الليبية المقاتلة» و«الإخوان» وحركة حماس. والمثير في الأمر أن الدعم والاحتضان يتوازيان مع تنمية الدوحة علاقاتها المثيرة والمتناقضة مع كل من إسرائيل وإيران. وفيما يلي نسرد سجلاً للدعم القطري لقوى دأبت منذ سنين على إضعاف الاستقرار في العالم العربي، بما في ذلك الدول الخليجية المجاورة.
كشف البيان السعودي الحاسم بشأن الإجراءات السياسية والاقتصادية التي اتخذتها الرياض ضد دولة قطر، وقطع العلاقات معها، عن دور تحريضي تمارسه الدوحة في دعم الإرهاب بالقطيف (شرق السعودية)، التي تشهد نشاطاً متفاوتاً لخلايا إرهابية تعمل لحسابات إيران. إلا أن هذا الدور لا ينفصل عن دور قطر في لبنان إبان «حرب» يوليو (تموز) 2006، حين دخلت على خط الوساطة بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، أو دعمها «جبهة النصرة» وقوى متشددة شقت وحدة قوى الثورة السورية، وأنهكتها بمعارك جانبية، أو محاولتها إضعاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والسلطة الفلسطينية عبر دعم حركة حماس المعارضة. وهذا، بالإضافة إلى دورها المساند للجماعات المتطرفة في كل من مصر وليبيا وللانقلابيين الحوثيين في اليمن.

انتهاكات سراً وعلانية
وصف البيان السعودي «انتهاكات جسيمة» تمارسها السلطات القطرية، في السر والعلن، طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي، وذلك عبر دعم تنظيمات متطرفة منها الإخوان المسلمين و«داعش»، كذلك دعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وفي مملكة البحرين، وتمويل وتبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن في الداخل والخارج، واستخدام وسائل الإعلام التي تسعى إلى تأجيج الفتنة داخلياً.
وللعلم، فإن الخلايا الإرهابية في القطيف، تعمل وفقاً لأجندات إيرانية، تهدف إلى إثارة البلبلة وشق الصف السعودي بافتعال الأزمات والخروج ضد سلطة الدولة، والاعتداء على المراكز الحكومية ورجال الأمن. ولم تكن تلك النشاطات الإرهابية بمعزل عن أحداث البحرين، التي عانت خصوصاً في عام 2011 من حراك طائفي ترافق مع الثورات العربية التي دعمتها وسائل إعلام قطرية، قبل أن تخمد فتنتها دول الخليج، عدا قطر، التي استمرت في خلق حالات الاستعداء بين الشيعة والسنّة في أوطانهم الخليجية. وشهد العام ذاته، نشاطا لخلايا إرهابية، بعضها كان في قطر، وتزامن حراكها مع جماعات الإرهاب في المنامة والقطيف، كانت الدوحة أعلنت القبض عليها، وكان الهدف من مكوثها في قطر أسوة بمن سبقوها أن قطر أساساً نقطة العبور نحو إيران.
أيضاً أرادت قطر أن تلعب دوراً إقليمياً، بمساندة من هم خارج حدودها لا سيما بين جيرانها الخليجيين، بدوافع لا تخرج عن استثمار علاقتها وتحالفها مع القيادة الإيرانية في طهران، التي تربطها معها اتفاقيات أمنية واقتصادية. وتسهم هذه الاتفاقيات في إغداق مالي وفير يسهّل لها أن تلعب على حبال المراوغة بوجهي الدعم للحركات بغية إسقاط والتأثير على الأنظمة الحاكمة، ووجه يتودد البراءة ببيانات شجب لم تُكتب إلا قليلاً.

التأجيج في اليمن
وفي اليمن، كشفت التطورات التي شهدتها البلاد، طوال السنوات الثلاثة الماضية، أن قطر لعبت دوراً كبيراً في تأجيج الصراعات الداخلية تحت يافطات وشعارات مختلفة. ووفق متابعين مطلعين، توزع الدور القطري على محورين رئيسيين: الأول دعم قديم - جديد لحركات الإسلام السياسي المتمثلة في الإخوان المسلمين (حزب التجمع اليمني للإصلاح)، والثاني دعم حركة التمرد الحوثية منذ بداياتها الأولى تحت غطاء الوساطات لإيقاف النزاع المسلح الذي كان محدوداً، في بدايته، بمحافظة صعدة. ومن أبرز الشواهد، رعاية الدوحة أول اتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين مطلع عام 2008، وهو الاتفاق الذي مهّد لإخراج الحركة الحوثية من المحلية إلى المحيط الإقليمي، وفقاً للمتابعين.
وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، يشرح المحلل السياسي اليمني عبد الله إسماعيل أن الموقف القطري اتسق مع الحركات الآيديولوجية وأهدافها، ولدينا في اليمن كان الأمر أشد وضوحاً في تحركها مبكراً لصالح الحوثيين وتحويلهم إلى معادلة ضد الدولة ودعم «الإخوان» لاختطاف التحرك الشعبي بعد ثورة الشباب في 11 فبراير (شباط) 2011.
ويرى إسماعيل أن الدور القطري في اليمن «هو ما يبرز الآن في تبني هذه الحركات جانب قطر في مقابل الانتصار للشرعية والتحالف، واختيار التضحية بمعركة استعادة الدولة لصالح الانتقام السياسي».

وسيط بين «حزب الله» و«النصرة»
ولدى الانتقال إلى لبنان وسوريا، نجد أنه إبان حرب يوليو 2006، دخلت قطر على خط الوساطة بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وبدا أن الدور القطري مقبولاً لدى حزب الله الذي رحب فيما بعد بالدعم القطري المالي لإعادة إعمار الجنوب، إذ قدمت قطر ما يقارب 300 مليون دولار أميركي خصّصت لإعادة إعمار مناطق في الجنوب بعد الحرب.
هذا الدور سمح للدوحة بأن تكون لاعباً على خط التسويات الداخلية، وتمثل الدور الأبرز لها في استضافة «مؤتمر الدوحة» الذي تلا هجوم حزب الله العسكري على مناطق في بيروت والجبل في مايو (أيار) 2008، وعرف بـ«غزوة 7 »، وخلف أزمة سياسية كبيرة.
وفي أواخر الشهر نفسه، عقد «مؤتمر الدوحة»، الذي أنتج ما يشبه التسوية مع الحزب، وبدا أن الغاية منه الحلول محل «اتفاق الطائف» الذي غدا جزءاً من الدستور اللبناني. ولكن، في أي حال حال، انتهى بالاتفاق على قانون جديد للانتخابات البرلمانية التي أُجريت في العام 2009، كما أسفر عن إيصال قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان إلى سدة الجمهورية، ولكن في ظل احتفاظ حزب الله بسلاحه ونفوذه.
كذلك تُرجم قبول الدور القطري بالنسبة لحزب الله، بزيارة أميرها السابق الشيخ حمد بن خليفة جنوب لبنان ليفتتح مشاريع في مدينة بنت جبيل الحدودية، بعدما أعادت إعمار 12000 وحدة سكنية في أربع بلدات جنوبية حدودية. ورفع له الحزب لافتات حملت شعار «شكراً قطر» الذي بقي مرفوعاً إلى حين اندلاع الأزمة السورية، وتنافر الحزب والدوحة حول الموقف من رئيس النظام السوري بشار الأسد.

ازدواجية في محنة سوريا
لكن التباين بالموقف السياسي في سوريا، لم يُفقد الدوحة دورها كوسيط غير مباشر بين الحزب أو النظام السوري من جهة، وجماعات متشددة في المعارضة السورية كانت تدعمها في سوريا، وأخرى مصنفة إرهابية على قوائم الإرهاب العربية والدولية، من جهة ثانية، فيما بدا أن خطوط الدوحة كانت مفتوحة عليها.
وتمثل هذا الدور في التوصل إلى تسوية أدت إلى الإفراج عن الزوّار اللبنانيين المخطوفين في مدينة أعزاز (شمال غربي سوريا) في العام 2013، الذين زاروا الدوحة، حيث التقوا أميرها الشيخ تميم بن حمد آل خليفة الثاني، الذي أقام حفل تكريم لهم بعد الإفراج عنهم.
وإذا كانت الصفقة أدت إلى الإفراج عن عشرات المعتقلات والمعتقلين في السجون السورية بجانب الإفراج عن الطيارين التركيين اللذين خُطِفا في لبنان في أغسطس (آب) من العام نفسه، فإن جهود الدوحة للإفراج عن راهبات معلولا الذين كانوا محتجزين لدى «جبهة النصرة» في ربيع 2014، تمت بعد تكفُّل قطر بدفع فدية مالية للتنظيم المصنف إرهابياً، قدّرت بنحو 16 مليون دولار، إلى جانب إطلاق سراح سجى الدليمي، طليقة زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، التي كانت موقوفة في لبنان، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام المحلية آنذاك.
الدور نفسه، لعبته الدوحة في الخريف الماضي، حين أسفرت «الوساطة» القطرية بين جبهة النصرة والسلطات اللبنانية إلى الإفراج عن 15 عسكرياً لبنانياً كانوا مختَطَفِين لدى الجبهة منذ أغسطس 2014.

شق الصف الفلسطيني
بالنسبة لفلسطين، لم تكفّ قطر يوماً عن محاولاتها إضعاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والسلطة الفلسطينية، مستخدمة أولاً أدوات سياسية ومالية كحال دعمها حركة حماس المعارضة التي سيطرت على قطاع غزة منقلبة على السلطة عام 2007، وثانياً إعلامية عبر قناة «الجزيرة»، التي بذلت كل جهد لتشويه السلطة وفعلت كل ما يمكن لتمجيد حماس.
وحقاً، منذ سيطرت حماس على غزة، حصلت الحركة على دعم قطري ضخم لم يوازِهِ في مراحل محددة إلا الدعم الإيراني، بينما كانت السلطة تحاول استرجاع القطاع. وليس سرّاً أن هذا الدعم القطري - الإيراني مكّن حماس من الهيمنة على غزة وساعدها على مواجهة السلطة الفلسطينية، ما خلف انقساماً دامياً أضر بالقضية الفلسطينية كلها.
كذلك دخلت قطر على خط حماس بشكل مباشر عام 2008، حين بدأ حمد بن جاسم، رئيس الحكومة القطرية ووزير الخارجية (في حينه) التوسط بين إسرائيل وحركة حماس، متجاهلة بطبيعة الحال السلطة الفلسطينية. ولم يقف هذا الدعم القطري عند حدود تقوية حماس وإضعاف السلطة، بل تعداه إلى محاولة فرض حماس بديلاً للسلطة.
وبعد عام واحد فقط، انفضحت النيات القطرية، حين دعا أمير قطر عام 2009 رئيس حماس خالد مشعل لحضور قمة عربية مفترضة في قطر، ضارباً عرض الحائط شرعية الرئيس عباس، الذي خرج عن «دبلوماسيته»، آنذاك، واتهم قطر بالمس الخطير بالشرعية والتمثيل الفلسطيني.
وهذا المس بشرعية عباس أتبعه حمد بن جاسم، آنذاك، بمحاولة المس بشخص عباس نفسه وإظهاره تابعاً وضعيفاً، حين قال إن عباس أخبره أنه لم يحضر لأنه «خاف أن يذبح من الوريد للوريد»، وهو ما ردت السلطة عليه بتكذيبه فوراً مطالبة قطر الكف عن العبث، والتدخل في الشأن الفلسطيني.
وبموازاة الهجوم السياسي، عمدت قناة «الجزيرة» إلى تشويه عباس والسلطة فيما كانت تبث أفلاماً بطولية عن حماس. وفي 2011 بثت القناة نفسها وثائق سرية عن اجتماعات بين السلطة وإسرائيل اتهمت فيها السلطة «بالتنسيق مع إسرائيل من أجل قتل فلسطينيين»، وهو الأمر الذي عده كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بمثابة «نشر الفتنة في الأراضي الفلسطينية»، وأضاف: «إنهم يفتحون أبواب الثارات الشخصية والعائلية».
وبلغت ذروة الاستهداف القطري لعباس، عام 2012 حين زار الأمير السابق حمد بن خليفة قطاع غزة متجاهلاً الرئيس الفلسطيني الشرعي ومتعاملاً مع رئيس وزراء حكومة حماس إسماعيل هنية كممثل شرعي للفلسطينيين. وبطبيعة الحال أغدق الأمير القطري الأموال والثناء على حماس بطريقة جعلت السلطة تتهمه بالعمل على فصل غزة وليس فقط تعزيز الانقسام.
وهنا يقول بكر أبو بكر، القيادي في حركة فتح، عن علاقة قطر بالسلطة «لقد عملت قطر بعد سوريا عام 2012 جاهدةً على تخريب جسدنا عبر المؤتمرات، بأن تسحب التمثيل الفلسطيني من المنظمة لصالح الانقلابيين في حماس». وتساءل على صفحته على موقع «فيسبوك»: «من أين تم تمويل الأسلحة والمعدات والتجييش الإعلامي الملفَّق والكاذب ضدنا الذي به انقلبت ميليشيات (حماس) على غزة عام 2007؟».
واتهم أبو بكر، قطر بـ«تنقيط» الأموال على غزة «بهدف زعزعة الشرعية الفلسطينية»، كما اتهم قناة «الجزيرة» بأنها «فتحت منبرها لكل مشكك وطاعن وحاقد ومكفّر ومخوّن للقيادة الفلسطينية تحت عنوان الرأي والرأي الحاقد». وتابع أن الرئيس عباس «صبر عليها كثيراً وحمل على كتفيه ظلمها، ووهن السنين، ولم ينطق ضدها بكلمة لعلها تفهم وتدرك وترعوي وتحترم ولكن هيهات؟».

معاناة مصر... المستمرة
في مصر، المعروف أنها شهدت العديد من العمليات الإرهابية، في سيناء ومدن أخرى، راح ضحيتها مسؤولون وجنود من الجيش والشرطة ومواطنون، خصوصاً بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي الذي كان مدعوماً من قطر. وكان من آخر العمليات الإرهابية استهداف كنائس وأقباط، حيث اتهم السيسي دولاً لم يُسمِّها برعاية الإرهابيين، واستغلال الفوضى في ليبيا لتصدير المتطرفين عبر الحدود الغربية لمصر.
وهنا يُعتبر العميد أركان حرب، عادل العمدة، المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا في القاهرة، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن منافع مقاطعة قطر أكبر من أضرارها، بالنسبة لمصر وباقي الدول العربية، مشيراً إلى وجود كثير من الأدلة على رعاية الدوحة للإرهاب. وأوضح أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أشار إلى هذا المعنى، بشكل غير مباشر، في كلمته في القمة العربية الإسلامية الأميركية التي حضرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في الرياض، قبل أسبوعين.
ووصف العمدة توقيت القرار المصري بقطع العلاقات مع قطر، بأنه جاء في وقته، بعد وضع تقدير للموقف من كل جوانبه، خصوصاً أن الدول العربية المحيطة بدولة قطر، تأثرت هي الأخرى بدعم الدوحة للإرهاب، مشيراً إلى أن القرار المصري «يؤتي ثماره، ويعطي مردوداً إيجابياً».
وعما إذا كان يعتقد بوجود أدلة عن أن قطر كانت وراء أعمال العنف في مصر، وتأييد الإرهابيين وتمويلهم، قال العمدة: «بالتأكيد... ولولا يقين القاهرة والدول العربية من هذه المعلومات، لما قطعوا العلاقات معها. لقد ظهرت أدلة دامغة على تورط عناصر إرهابية مدعومة من قطر داخل عدد من الدول العربية، منها مصر. ولهذا كان لا بد من وقفة مع قطر». وتابع قائلا إن قطر تأوي عناصر من جماعة الإخوان المصنفة بمصر ودول أخرى «منظمة إرهابية»، مشيراً إلى تحذير الرئيس السيسي، في كلمته بـ«قمة الرياض» من خطورة الملاذات الآمنة التي تتخذها بعض العناصر الإرهابية، بالإضافة إلى توفير التمويل المباشر إلى بعض العمليات الإرهابية التي وقعت على الأراضي المصرية.
ووفق العمدة، فإن مثل هذه الأعمال الإرهابية «استهداف لمصالحنا ولأمننا القومي... الرئيس السيسي وضع العالم أمام مسؤولياته، لمعاقبة كل من يرعى مثل هذه التصرفات»، وأشار العمدة إلى أن قطر «دعمت الفوضى التي وقعت في ليبيا، وهذا كان له تأثير على الأمن القومي المصري». وتابع موضحاً أن التهديد الإرهابي لم يقتصر على الحدود الغربية فقط، ولكن من الحدود الجنوبية ومن شبه جزيرة سيناء، ومن غزة التي تسيطر عليها حركة حماس.
وعن توقعه احتمال وجود تأثير سلبي على العمالة المصرية في قطر أو على الاستثمارات القطرية في مصر، قال العميد العمدة إن القطيعة مع قطر لو كانت اقتصرت فقط على مصر، لكان الضرر كبيراً، لكن «حينما تتحد عدة دول عربية في اتخاذ مثل هذا القرار، فإن الإيجابيات تكون أكثر من السلبيات».

تهديد الدولة في ليبيا
أما فيما يخص ليبيا، فقال الدكتور محمد الزبيدي، الرئيس السابق للجنة القانونية لمؤتمر القبائل الليبية، إن «محاور النشاط القطري في ليبيا أربعة كلها تسببت في القضاء على فرص عودة الدولة، من بينها دعم التيارات المتطرفة بالمال والسلاح، والوقوف مع قبائل ضد أخرى».
وتابع الزبيدي موضحاً أن المحور الأول انصَبَّ على العمل الإعلامي، حيث كان هدف مجموعة القنوات التلفزيونية المموَّلَة من قطر، إثارة الفتنة في ليبيا، وفبركة الأخبار وتزييف الحقائق ونشر ادعاءات باطلة. أما المحور الثاني فكان يتعلق بخلق أرضية قانونية لما حصل في ليبيا، منذ البداية، وذلك من خلال جلب المساندة الدولية للتنظيمات المتطرفة التي كنت تحارب القذافي. وأضاف: «حين كانت الدول العربية منشغلة بمواجهة ما يعرف بـ(الربيع العربي)، استغلت قطر الفرصة، ومررت قرارات ضد ليبيا، منها تجميد عضويتها في الجامعة العربية، ووقوفها وراء تقديم طلب من الجامعة لمجلس الأمن، ما ترتب عليه تدخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ليبيا وتدمير المؤسسات ومقدرات الشعب».
وأما عن المحور الثالث للنشاط القطري في ليبيا، وفقاً للزبيدي، فهو التسبب في «تخريب وتمزيق النسيج الاجتماعي بواسطة شراء الذمم بالمال القطري»، إذ ذكر إن الدوحة استدعت وفوداً قبلية ليبية لزيارتها، و«أعطتها هدايا، منها سيارات فاخرة وساعات ذهبية، وأموال سائلة، وهناك من اعترف بهذا علانية بعد عودة هذه الوفود من قطر». وأردف أن هذا أدى لأن يكون هناك دعم قطري لمجموعة من القبائل ضد قبائل أخرى، الأمر الذي ترتب عليه دخول ليبيا في حرب قبلية ما زالت نتائجها ماثلة للعيان، إلى الآن.
واختتم، قائلاً، وفي ما يخص المحور الرابع الذي عملت عليه قطر، فهو دعم الميليشيات المؤدلجة التابعة لما يعرف بالتيار الإسلامي، بالمال والسلاح. «وهذا موثق بالصوت والصورة.. وأسهم في زعزعة الاستقرار والتأثير بالسلب على دول الجوار». وأعلن البرلمان الليبي والجيش، موقفاً واضحاً ضد قطر، بعكس المجلس الرئاسي. وتابع الدكتور الزبيدي إن تأخر «الرئاسي» في تحديد موقفه، يرجع إلى أنه ما زال في قبضة المتطرفين، مضيفاً أن تنظيم القاعدة، و«الجماعة الليبية المقاتلة» وجماعة الإخوان، كلهم يدينون بالولاء لقطر، وهم المهيمنون على المجلس الرئاسي حتى الآن.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».