يتذكر المدافع الآيرلندي السابق فيل باب انتقاله لنادي ليفربول، قائلاً: «كنتُ مطلوباً من عدد كبير من الأندية. كنتُ في عطلة، وكنت أقرأ الصحف التي لم تكن تتوقف عن الحديث عن انتقالي إلى هذا الفريق أو ذاك».
وفي عام 1994، كان اللاعب، الذي رُفض ذات مرة من ناديه السابق ميلوال الإنجليزي، حديث العالم، فعقب المشاركة مع منتخب جمهورية آيرلندا في نهائيات كأس العالم بالولايات المتحدة، انضم باب إلى ليفربول في الأول من سبتمبر (أيلول) مقابل 3.6 مليون جنيه إسترليني، ليصبح أغلى مدافع في تاريخ الأندية الإنجليزية آنذاك. وفي اليوم التالي، لحق به مدافع ويمبلدون، جون سكيلز، وانتقل لليفربول مقابل 3.5 مليون جنيه إسترليني، حيث كان يريد المدير الفني لليفربول روي إيفانز تدعيم خط دفاع الفريق بقوة بعد نهاية موسم كارثي للنادي تلقى خلاله 55 هدفاً، واحتلَّ المركز الثامن في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي.
والآن، وبعد مرور أكثر من عقدين من الزمان، يجد ليفربول نفسه في الموقف ذاته، حيث يسعى لتدعيم خط دفاعه بعدما تلقت شباكه الموسم الماضي أهدافاً أكثر من أي نادٍ آخر في المراكز الأربعة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. وفي حين أعرب كثيرون عام 1994 عن اندهاشهم من قرار إيفانز بدفع أكثر من سبعة ملايين جنيه إسترليني للتعاقد مع اثنين من المدافعين آنذاك، فقد تغير المشهد الكروي بصورة كبيرة للدرجة التي جعلت ليفربول مستعدا لدفع 60 مليون جنيه إسترليني من أجل التعاقد مع المدافع الهولندي فيرجيل فان ديك، ليكون أغلى مدافع في التاريخ، قبل أن يعلن النادي انسحابه من الصفقة بصورة دراماتيكية يوم الأربعاء بعدما اتهمه نادي ساوثهامبتون بأنه يحاول الحصول على اللاعب بطريقة غير مشروعة.
وقال ليفربول في بيان إنه أنهى اهتمامه بضم المدافع فان ديك بعد أن ذكرت تقارير في وسائل إعلام بريطانية أن ناديه ساوثهامبتون اشتكى لرابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم من اتصال غير قانوني باللاعب. وكان ليفربول قريباً للغاية من ضم قلب الدفاع الهولندي، وذكرت تقارير في وسائل إعلام بريطانية هذا الأسبوع أن اللاعب أبلغ نادي المدرب يورجن كلوب بأنه يرغب في الانضمام إليه. وهذا التطور أحدث حلقة في مسلسل انتقال أبرز مدافعي الدوري الإنجليزي الذي تبلغ قيمته 60 مليون جنيه إسترليني (77.69 مليون دولار) وفقاً لتقارير صحافية.
وتحكم لوائح صارمة انتقالات اللاعبين، وتستطيع الأندية التفاوض مع اللاعبين إذا انتهت عقودهم أو بمجرد التوصل لاتفاق حول قيمة الانتقال مع النادي البائع. وقال ساوثهامبتون مراراً إنه لا ينوي بيع فان ديك الذي انضم إليه من سيلتيك الاسكوتلندي مقابل 13 مليون جنيه إسترليني في سبتمبر (أيلول) 2015، ووقع عقدا جديدا لمدة ست سنوات في 2016. وكان العقد الجديد مكافأة للمدافع الهولندي على سلسلة من العروض الرائعة مع ساوثهامبتون رغم أنه لم يلعب منذ يناير (كانون الثاني) لإصابته بقطع في أربطة الكاحل.
ويتعين على المدير الفني لليفربول يورغن كلوب أن يجد بديلاً لفان ديك بسرعة، في ظل منافسة شهدت تعاقُد مانشستر سيتي مع جون ستونز في أغسطس (آب) الماضي مقابل 47.5 مليون جنيه إسترليني، ويبدو أن سوق انتقالات اللاعبين ستصبح أكثر جنوناً هذا الصيف. يقول سكيلز، الذي لعب لليفربول موسمين فقط قبل أن ينتقل إلى توتنهام هوتسبير: «لا أعتقد أن المقابل المادي الذي يدفع للتعاقد مع مدافعين سيصل إلى ذلك الذي يدفع للمهاجمين، لكن المقابل المادي الذي باتت الأندية مستعدة لدفعه للمدافعين البارزين قد ارتفع كثيراً بكل تأكيد. عدد أندية المقدمة في الدوري الإنجليزي الممتاز التي عانت من مشكلات دفاعية الموسم الماضي يعكس عدم وجود عمق في هذا الجزء من الملعب، وهذا ساعَدَ على ارتفاع أسعار المدافعين المتميزين، وعددهم قليل».
أضاف: «هناك بالتأكيد نقص في عدد المدافعين المتميزين المتاحين، وتبدو الأندية مستعدة لأن تدفع ما هو أكثر من ذلك، ولذلك تتصاعد الأسعار بصورة كبيرة. عندما يحصل سندرلاند على 100 مليون جنيه إسترليني لإنهائه الموسم في مؤخرة جدول الترتيب فهذا يُظهر كيف تنفق الأندية الأموال على التعاقد مع اللاعبين الآن! أضف إلى ذلك المنافسة من جانب الفرق الأخرى في الدوريات الأوروبية الكبرى، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل سريع».
وما زال البرازيلي ديفيد لويز أغلى مدافع في العالم عبر كل العصور، بعد انتقاله من تشيلسي إلى باريس سان جيرمان الفرنسي عام 2014 مقابل 50 مليون جنيه إسترليني، كما يأتي اللاعب في المركز الـ14 في قائمة أغلى اللاعبين عموماً في كرة القدم، لكن بعد العروض الكثيرة التي حصل عليها نادي نابولي الإيطالي للتخلي عن خدمات مدافعه السنغالي كاليدو كوليبالي يبدو أن الأمر لم يعد سوى مسألة وقت فقط قبل أن يُكسر الرقم القياسي لأغلى لاعب في العالم.
يقول سكيلز، الذي يعمل في هيئة اكتشاف لاعبي المدارس التابعة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم وكمحلل لمباريات الدوري الهولندي الممتاز على شبكة «سكاي سبورتس» الرياضية: «دائماً ما نقول إن أي لاعب يستحق ما يدفعه له النادي من أجل الحصول على خدماته. من الصعب للغاية أن نقيم جميع العوامل التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند التعاقد مع مدافع، لكن النضج يعد أهم عنصر بالطبع. هناك استثناءات لتلك القاعدة، لكن بصفة عامة يريد أي ناد التعاقد مع مدافع لديه خبرات لمدة ثلاث أو أربع سنوات أكثر من المدافع الشاب».
وأضاف: «بالنسبة للمهاجمين، يمكن للأندية أن تغامر وتتعاقد مع لاعبين قليلي الخبرة ثم تدفع بهم بصورة تدريجية حتى يكتسبوا الخبرات اللازمة ويثبتوا أقدامهم مع الفريق، وهو ما يعني أن الأندية يكون لديها خيارات أكبر في الناحية الهجومية، لكن الوضع مختلف مع المدافعين الذين تتعاقد معهم الأندية بمبالغ مالية كبيرة من أجل الدفع بهم مباشرة في المباريات والاعتماد عليهم في بناء الفريق. تحتاج الأندية إلى مدافعين ناضجين ولديهم قوة بدنية هائلة من أجل الاعتماد عليهم، لأن أي خطأ يعني استقبال أهداف».
ومنذ التعاقد مع المدافع الفرنسي الياكيم مانغالا مقابل 42 مليون جنيه إسترليني في أغسطس 2014، يعاني نادي مانشستر سيتي من أجل إيجاد مدافع من طراز عالمي لكي يلعب إلى جوار فينسنت كومباني. وتعاقد النادي مع نيكولاس أوتاميندي في الصيف التالي مقابل 34 مليون جنيه إسترليني، وهو ما يعني أن التعاقد مع ستونز قد رفع الحصيلة الإجمالية للتعاقد مع المدافعين إلى 120 مليون جنيه إسترليني، في الوقت الذي يفكر فيه المدير الفني للفريق جوسيب غوارديولا في التعاقد مع المدافع الفرنسي ايميريك لابورتي من نادي أتليتك بلباو الإسباني، رغم وجود شرط جزائي في عقد اللاعب يصل إلى 65 مليون جنيه إسترليني.
وفي الوقت ذاته، يبدو مانشستر يونايتد مستعداً لأن يدفع أكثر من الـ30 مليون جنيه إسترليني التي دفعها للتعاقد مع إيريك بايلي الصيف الماضي، لكي يحصل على خدمات فيكتور لينديلوف من بنفيكا البرتغالي أو لكي يعيد لاعبه الشاب السابق مايكل كين من نادي بيرنلي.
ومن الناحية المالية، قد يكون من الأفضل التعاقد مع أحد المدافعين الشباب لنادي أياكس أمستردام الهولندي الذين قدموا أداء مثيراً للإعجاب، وساعدوا فريقهم للوصول للمباراة النهائية للدوري الأوروبي. لم يكمل ماتيس دي ليخت عامه الثامن عشر حتى الآن، لكنه يلعب مع منتخب هولندا الأول ويقولون في هولندا إنه سيكون أول مدافع يصل سعره إلى 100 مليون جنيه إسترليني، في الوقت الذي تشير فيه التقارير إلى اهتمام نادي برشلونة الإسباني بالحصول على خدمات المدافع الآخر لأياكس، الكولومبي دافينسون سانشيز.
لكن سكيلز لا يرى أن الأمور تسير بهذه البساطة، قائلاً: «يجب أن تكون حذراً من الدوري الهولندي، لأن سرعة المباريات هناك ليست بسرعة الدوريات الكبرى، ولذا يحتاج اللاعبون لبعض الوقت للتأقلم على الانتقال إلى مستوى أعلى. ورغم ذلك، يمتلك اللاعبان موهبة كبيرة وهناك فرصة عظيمة لتطور مستواهما»، ويضيف: «تكمن المشكلة في أنك لن تعرف مطلقاً كيف سيكون أداء اللاعبين إلا عندما تدفع بهم في المستوى التالي. النظر إلى شخصية اللاعب ونضجه أهم كثيراً من النظر إلى قدراته الفنية، ولذا يجب على الأندية أن تتعامل مع الأمر بحذر كبير».
* أغلى خمسة مدافعين
1: ديفيد لويز، 50 مليون جنيه إسترليني من تشيلسي لباريس سان جيرمان، عام 2014
2: جون ستونز، 47.5 مليون جنيه إسترليني من إيفرتون لمانشستر سيتي، عام 2016
3: الياكيم مانغالا، 42 مليون جنيه إسترليني من بورتو لمانشستر سيتي، عام 2014
4: شكودران موستافي، 35 مليون جنيه إسترليني من فالنسيا لآرسنال، عام 2016
5: نيكولاس أوتاميندي، 34 مليون جنيه إسترليني من فالنسيا لمانشستر سيتي، عام 2015
كيف ارتفعت أسعار المدافعين بصورة جنونية في سوق الانتقالات؟
ليفربول كان مستعداً لدفع 60 مليون إسترليني لضم الهولندي فان ديك
كيف ارتفعت أسعار المدافعين بصورة جنونية في سوق الانتقالات؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة