سحب البطاقات الأمنية من «الشبيحة» وحصرها بمكتب الأمن الوطني

القرار يأتي بعد تفاقم استخدامها في السرقات

سحب البطاقات الأمنية من «الشبيحة» وحصرها بمكتب الأمن الوطني
TT

سحب البطاقات الأمنية من «الشبيحة» وحصرها بمكتب الأمن الوطني

سحب البطاقات الأمنية من «الشبيحة» وحصرها بمكتب الأمن الوطني

بعد استفحال استخدامها في أعمال السرقة والسطو المسلح والتشبيح على المدنيين، أصدرت وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري قرارا بإتلاف كل البطاقات الأمنية، باستثناء البطاقات الصادرة عن مكتب الأمن الوطني.
وجاء في نص التعميم الصادر قبل أيام عن الهيئة العامة للجيش والقوات المسلحة والموقع من قبل العماد فهد جاسم الفريج وزير الدفاع، أمرا موجه إلى كل «الجحافل والتشكيلات والإدارات والحواجز العسكرية»، بسحب «كافة بطاقات تسهيل المرور وحمل السلاح من كافة الجهات العسكرية والمدنية، وتتلف من قبلهم أصولا».
وسمح القرار «باعتماد البطاقات الصادرة عن مكتب الأمن الوطني فقط لتسهيل حمل السلاح على الحواجز العسكرية».
وتصدر البطاقات الأمنية التي يطلق عليها السوريون اسم «العصا السحرية» عن عدة جهات في سلطات النظام؛ منها المخابرات الجوية، والدفاع الوطني، والأمن الوطني، والفرقة الرابعة، والميليشيات التابعة لـ«حزب الله»، بالإضافة إلى بطاقات تصدرها وزارة الخارجية وغيرها من جهات.
وتمكّن البطاقات حاملها من المرور بسهولة عبر حواجز النظام التي تقطع أوصال المدن الواقعة تحت سيطرته، ولكل بطاقة ميزة، فمنها لتسهيل المرور من دون تفتيش وتحمي من المضايقات والتشبيح و«السلبطة» من قبل عناصر الحواجز، ومنها للسماح بحمل السلاح، وتمنح تلك البطاقات للمتطوعين في الأمن والميليشيات الداعمة للنظام، كما تمنح للراغبين من المدنيين عبر تقديم طلب للجهات المختصة تتم دراسته من قبل كل الجهات الأمنية للتأكد من خلو سجله من الشبهات والانتماءات المعادية للنظام. وتتفاوت تكاليف البطاقات بحسب الجهة التي تصدرها والميزات التي تحملها والواسطات التي تعمل على استصدارها بأسرع وقت، وتتراوح تكاليفها بين مائة وخمسمائة دولار، في حين أن الرسوم النظامية لا تتجاوز 15 ألف ليرة سورية (30 دولارا) لبطاقة تسهيل المرور، و220 ألف ليرة لبطاقة الأمن الوطني وحمل السلاح؛ أي (450 دولارا)، وهناك من رأى في هذا القرار الأمني الذي جاء بعد ازدياد فوضى استثمار تلك البطاقات في الأعمال غير المشروعة، جانبا آخر، وهو حاجة مؤسسات النظام لجني مزيد من الأموال وحصرها بجهة واحدة، فالبطاقات الصادرة عن مكتب الأمن الوطني الذي يرأسه علي مملوك لا تقل رسوم إصدارها بشكل نظامي عن 220 ألف ليرة.
يشار إلى النشاط المتزايد لسماسرة تأمين البطاقات الأمنية خلال العامين الأخيرين إلى جانب سماسرة شعبة التجنيد الذين يستثمرون في التلاعب بقوائم المطلوبين للاحتياط، بحيث يؤخرون تاريخ التبليغ مقابل مبالغ مالية تتراوح بين الثلاثة والخمسة آلاف دولار، أما إلغاء الاسم نهائيا فيتجاوز العشرة آلاف دولار، وهذه الأسعار بات متعارفا عليها بين السوريين في الداخل بوصفها أمرا مفروغا منه.
ورجحت مصادر معارضة لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون هذا القرار تم تلبية لطلب روسي بهدف لضبط حمل السلاح وضمان عدم خروج عناصر الميليشيات، لا سيما الخاضعة لإشراف إيران، عن نطاق السيطرة، وأيضا لتعزيز سلطات جيش النظام التي تراجعت كثيرا في الأعوام الأخيرة مع زيادة أعداد المجموعات المسلحة الأجنبية والمحلية الخاضعة لإشراف إيران.
ويشتكي الموالون للنظام، بخاصة في مناطق الساحل، مما يصفونها بـ«فوضى البطاقات الأمنية» وحالات التصادم الكثيرة والشجارات بين حامليها، ففي اللاذقية وطرطوس هناك جرائم يومية من سرقة للسيارات وشجارات تصفية حساب، إضافة للخطف بهدف الحصول على المال. وبحسب مصادر إعلامية موالية للنظام في طرطوس، فإن أخطر ما يواجه الشرطة وعناصر الأمن الداخلي في ملاحقة هؤلاء كونهم محميين ببطاقات أمنية. وحسب المصادر، فإن غالبية هؤلاء ينتمون لفصائل وميليشيات تقاتل إلى جانب قوات النظام، وهم يعدون أنفسهم «ممثلين للنظام وفوق القانون».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».