«النهضة» و«النداء» يشكلان هيئة سياسية عليا وسط احتجاج المعارضة التونسية

لتأكيد تحالفهما القوي وسيطرتهما على المشهد السياسي في البلاد

«النهضة» و«النداء» يشكلان هيئة سياسية عليا وسط احتجاج المعارضة التونسية
TT

«النهضة» و«النداء» يشكلان هيئة سياسية عليا وسط احتجاج المعارضة التونسية

«النهضة» و«النداء» يشكلان هيئة سياسية عليا وسط احتجاج المعارضة التونسية

سارعت حركة النهضة التونسية إلى «نجدة» حليفها السياسي الأساسي حزب النداء، عبر عقد اجتماع بين مكتبي كتلة «النهضة» وكتلة «نداء تونس» بالبرلمان، بهدف «تقريب وجهات النظر بين الحزبين وكتلتيهما البرلمانيتين، وتدعيم التوافق الحاصل بينهما».
وترأس الاجتماع راشد الغنوشي، رئيس حزب حركة النهضة، وحافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحزب النداء. وتوصل المجتمعون إلى إرساء هيئة سياسية عليا دائمة بين الحزبين والكتلتين البرلمانيتين، تعقد جلساتها مرة كل شهر من أجل دعم التنسيق بين كل الأطراف الموقعة على «وثيقة قرطاج»، والمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، وتجديد التزام الحزبين بدعم المجهودات المبذولة لمحاربة الفساد، وذلك في إطار احترام الدستور والقانون، والعمل على تسريع المصادقة على القوانين الضامنة لذلك.
وحسب مراقبين فإن هذا الاجتماع جاء نتيجة تطورات المشهد السياسي، إثر تراجع عدد نواب حزب النداء في البرلمان من 67 نائبا إلى 59 نائبا برلمانيا جراء موجة الاستقالات والانقسامات التي أفرزت عدة كتل برلمانية (كتلة الحرة والكتلة الديمقراطية)، أغلب أعضائها نواب سابقون من حزب النداء.
ويخشى حزب النداء من مطالبة حركة النهضة بحقها الدستوري في قيادة البلاد بفضل تصدرها البرلمان بـ69 نائبا، واحتلالها المرتبة الأولى خلافا لنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت سنة 2014، غير أن «النهضة» تبدو حسب متابعين للشأن السياسي المحلي زاهدة في الحكم ومتمسكة بالشرعية الانتخابية التي عاد فيها الفوز إلى حزب النداء، إثر خروجها من الحكم نهاية 2013 تحت ضغط المعارضة، وتخوفها من إعادة السيناريو المصري في تونس، وهي بذلك لا تدعم أي دعوات لإسقاط حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد، حسب نفس المتابعين.
ووجهت عدة أحزاب سياسية معارضة انتقاداتها لهذه الهيئة السياسية الجديدة، واعتبرتها «استمرارا للاستقطاب السياسي الثنائي الذي فشل في إنقاذ تونس من مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية».
وفي المقابل، أكد نور الدين البحيري، رئيس كتلة حركة النهضة في البرلمان، أن الحزبين الرئيسيين غلّبا من جديد روح التوافق والتحالف السياسي الذي يبعد التطاحن، ويقوي حظوظ الائتلاف السياسي الحاكم، معتبرا أن تونس كانت ستغرق في الفوضى والمشكلات التي لا تنتهي في غياب وجود تحالف سياسي قوي بين «النهضة» و«النداء»، كما أشار في هذا السياق إلى التزام الحزبين، اللذين يملكان الأغلبية البرلمانية، بإجراء الانتخابات البلدية في 17 من ديسمبر (كانون الأول) من السنة الحالية، والإسراع في المصادقة على قانون الجماعات المحلية. كما طالبا حكومة الشاهد بدعم وتحفيز الاستثمار في الجهات، والتسريع في الوفاء بالوعود التي التزمت بها لفائدة العاطلين عن العمل.
من جهته، قال المنجي الحرباوي، القيادي في حزب النداء، إن اجتماع قيادات الحزبين تناول أيضا مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية مع رموز النظام السابق، ودعوة البعض إلى ضرورة التخلي عن مساءلة رجال الأعمال وعدم مناقشة المسائل المالية في مشروع قانون المصالحة، وأن يقتصر القانون حول المصالحة مع الإداريين والموظفين. أما فيما يتعلق بالهيئة السياسية العليا الدائمة بين الحزبين، فقد أكد الحرباوي أنها هيكل سياسي يهدف إلى «توفير الحاضنة السياسية لحفظ الاستقرار بالبلاد»، على حد تعبيره.
على صعيد آخر، اعتبر مهدي جمعة، رئيس الحكومة السابق ورئيس حزب البديل التونسي، أن حزبه الذي حصل رسميا يوم الثلاثاء الماضي على الترخيص القانوني، يهدف إلى خلق «جيل سياسي جديد، ولن يكون آلة انتخابية»، بل حزبا يحمل رؤية وبرامج إصلاحية، مؤكدا أن أولى خطوات حزبه ستكون خلق أكاديمية سياسية لتكوين جيل قيادي جديد، وإعادة بناء السلم الاجتماعي لتشكيل الطبقة الوسطى في تونس.
ويصل عدد الأحزاب السياسية في تونس إلى 205 أحزاب، أحدثها حزب البديل التونسي الذي أسسه مهدي جمعة، الذي ترأس الحكومة سابقا، إثر خروج تحالف «الترويكا» بزعامة حركة النهضة من الحكم.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.