قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي

قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي
TT

قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي

قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي

بدأت تتشكل ملامح قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، وذلك بعد أن تقدمت فرنسا ليل أول من أمس بمشروع قرار يجيز نشر هذه القوة إلى مجلس الأمن الدولي، وموافقة الاتحاد الأوروبي على منح 50 مليون يورو لتمويلها.
فرنسا التي تقود الحرب على الإرهاب في الساحل الأفريقي، تقدم ممثلها لدى الأمم المتحدة بمشروع قرار «يجيز نشر قوة عسكرية أفريقية لمحاربة الإرهاب وتهريب المخدرات في منطقة الساحل الأفريقي». وينص مشروع القرار الفرنسي على أنه يمكن لهذه القوة العسكرية «استخدام كل الوسائل الضرورية» بهدف «محاربة الإرهاب والاتجار بالمخدرات والاتجار بالأشخاص».
وتوقع ممثل فرنسا لدى الأمم المتحدة، فرنسوا ديلاتر، في حديث مع الصحافيين، أن يوافق مجلس الأمن على مشروع القرار الفرنسي، وقال: «لا يمكننا أن نترك الساحل الأفريقي ليتحول إلى وكر جديد لإرهابيي المنطقة بأسرها»، ولمح المسؤول الفرنسي إلى أن التصويت على مشروع القرار قد يجري الأسبوع المقبل.
في غضون ذلك، عقد وزراء خارجية دول الساحل الخمس (موريتانيا، ومالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد) اجتماعا يوم الاثنين الماضي اتفقوا خلاله على «تشكيل قوة مشتركة مكونة من 10 آلاف جندي لتأمين الحدود»، وقال وزير الشؤون الخارجية المالي عبد الله ديوب، إن القوة المشتركة «ستتولى تأمين الحدود، خصوصا بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، كما ستعنى بمحاربة تهريب المخدرات، والاتجار بالبشر».
وخلال اجتماع لرؤساء أركان دول الساحل في مارس (آذار) الماضي، وافقت الدول الأعضاء على خطة لتشكيل قوة من خمسة آلاف عسكري وشرطي ومدني، إلا أن وزير الخارجية المالي أعلن أن رؤساء الدول الخمس قرروا خلال اجتماع في السعودية في مايو (أيار) الماضي على هامش القمة الإسلامية - الأميركية زيادة هذا العدد إلى الضعف. وتابع ديوب: «قرر رؤساء دول الساحل خلال اجتماع في الرياض، زيادة العدد من 5 آلاف إلى 10 آلاف، مما يدل على التزامهم، لأن المساحة شاسعة».
وبحسب ما أعلن عنه في أعقاب اجتماع باماكو، فإن القوة العسكرية المشتركة الأولى من نوعها في القارة الأفريقية، سوف تتخذ من مدينة غاو، كبرى مدن شمال مالي، مقرا دائما لها ومركزا استراتيجياً، بالإضافة إلى مقرات أخرى في بقية بلدان الساحل الأفريقي.
ولم يعلن حتى الآن عن مساهمات جيوش دول الساحل الخمس في هذه القوة العسكرية التي تواجه تحديات كبيرة، ويقع على عاتقها مواجهة الجماعات الإرهابية النشطة في المنطقة، ومحاربة التهريب بمختلف أنواعه (تهريب البشر، وتهريب السلاح، وتهريب السجائر والمخدرات).
في غضون ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي عن دعمه لتشكيل هذه القوة العسكرية المشتركة، وذلك انطلاقا من موقف أوروبي يرى أن أي انعدام للأمن والاستقرار في منطقة الساحل الأفريقي يهدد أمنه القومي، خصوصا بعد أن حاولت عدة تنظيمات إرهابية (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) شن هجمات داخل الأراضي الأوروبية تم التخطيط لها من دول الساحل الأفريقي.
وفي هذا السياق أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، التي حضرت اجتماع وزراء خارجية دول الساحل في باماكو، عن مساعدة الاتحاد الأوروبي لمجموعة دول الساحل بمبلغ 50 مليون يورو، معبرة عن ارتياح الاتحاد الأوروبي لكونه كان «المساهم الأول» في دعم إنشاء قوة مشتركة بالساحل.
وأمام تزايد خطر الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، أسست موريتانيا ومالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو، مجموعة الخمس لدول الساحل التي تتخذ من العاصمة الموريتانية نواكشوط مقرا لها منذ عام 2014.
ومع أن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن إنجازات المجموعة، إلا أنها وضمن جهودها العسكرية افتتحت هذا العام كلية عسكرية لكبار الضباط للدول الخمس في نواكشوط أطلق عليها اسم كلية الدفاع «محمد بن زايد».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.