موسكو تؤكد تراجع دخل «داعش» وتسعى لعقوبات دولية ضده

وزير الدفاع الروسي يدعو إلى تشكيل جبهة موحدة للتصدي للتنظيم

موسكو تؤكد تراجع دخل «داعش» وتسعى لعقوبات دولية ضده
TT

موسكو تؤكد تراجع دخل «داعش» وتسعى لعقوبات دولية ضده

موسكو تؤكد تراجع دخل «داعش» وتسعى لعقوبات دولية ضده

بحث الجانبان الروسي والأميركي مسألة التصدي لتمويل الإرهاب، وذلك خلال الجولة التاسعة من المشاورات الثنائية الخاصة بمسائل التصدي للإرهاب التي جرت أمس في نيويورك. وعقب المشاورات قال ديميتري فيوكتيستف، مدير قسم الخارجية الروسية لشؤون التحديات الجديدة، في حديث للصحافيين، إن «العمل يجري حاليا على إعداد مشروع قرار عن مجلس الأمن الدولي» لمواجهة تمويل الإرهاب. ولفت إلى أن الجانب الروسي لم يعرض مشروع القرار المذكور على الأميركيين، لأن التوافق على صيغته في موسكو لم ينته بعد.
وقال إن موسكو ستناقش هذه المسألة مع العراق والنظام السوري، وكذلك مع الشركاء في مجلس الأمن الدولي مثل الصين وكازاخستان، مؤكدا أن «مشروع القرار سيُناقش كذلك مع الأميركيين، الذين لا يمكن اعتماد أي قرار في مجلس الأمن دون موافقتهم». وأعرب عن قناعته بأن «التجربة تؤكد أنه إذا تمكنا من الاتفاق (على مشروع القرار) مع الأميركيين، فإننا سنتفق بعد ذلك مع جميع القوى الأخرى».
وفي عرضه لمشروع القرار الذي تنوي روسيا طرحه على مجلس الأمن الدولي، قال الدبلوماسي الروسي إن النقطة الرئيسية هي أن «القرار سيؤكد أن حظر التعاملات التجارية مع تنظيم داعش لا يجوز أن ينتهك السيادة الوطنية ووحدة الأراضي في سوريا والعراق، ولن يشكل عائقا أمام العمليات التجارية في البلدين».
وتنطلق الخارجية الروسية في مبادرتها لفرض عقوبات على «مجموعة» وليس ضد دولة، من تجارب دولية سابقة، وتحديدا حين فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات ضد مجموعات سياسية في أنغولا. وتشعر موسكو بالقلق من الموقف الأميركي بشأن مبادرتها هذه، وقال مدير قسم الخارجية الروسية لشؤون التحديات الجديدة، إن الولايات المتحدة طرحت سؤالين «الأول تقول واشنطن إنه لا يوجد حدود ثابتة لمناطق سيطرة (داعش)، وفرض العقوبات يعني تعزيز الرقابة على طول الحدود السورية والعراقية مع دول الجوار»، أما السؤال الأميركي الثاني، فيتعلق بالجانب الإنساني، إذ ترى واشنطن أن فرض أي عقوبات سيؤثر بصورة سلبية على أوضاع المدنيين. غير أن موسكو ترفض هذه «المآخذ» الأميركية وترى فيها محاولة لرفض المبادرة الروسية.
وأكد فيوكتيستف أن ميزانية تنظيم داعش تراجعت إلى حد كبير نتيجة العمليات العسكرية الروسية والأميركية. وأشار بصورة خاصة إلى أن «المعلومات المتوفرة لدى الخارجية الروسية تؤكد أن تدمير البنى التحتية لدى (داعش) في مجال الطاقة، أدى إلى تراجع دخل التنظيم الإرهابي من عائدات الغاز والنفط مرتين ونصف المرة خلال العامين الماضيين، أي من 50 إلى 12 - 20 مليون دولار شهرياً». واعتبر الدبلوماسي الروسي أن «القوات الروسية حققت إنجازات في هذا المجال أكبر من القوات الأميركية». وأشار في هذا الشأن إلى أن «الولايات المتحدة أعلنت خلال المشاورات عن تدميرها خلال العام الماضي ألفي سيارة شحن (صهريج) يستخدمها (داعش) لنقل الوقود، أما روسيا فقد تمكنت منذ بدء عمليتها العسكرية في سوريا عام 2015 من تدمير 4 آلاف صهريج لنقل النفط، و206 منشآت استخدمها الإرهابيون لإنتاج النفط، و176 محطة تكرير، و112 محطة ضخ نفط، كلها كانت تشكل مصدر دخل للتنظيم الإرهابي».
في سياق متصل، بحث وزراء دفاع الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون في قضية التصدي للإرهاب الدولي، خلال اجتماع لهم في العاصمة الكازاخية آستانة. وأكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، في كلمته أمس أمام المجتمعين، ضرورة «تركيز أكبر قدر من الجهود للتصدي للإرهاب الدولي»، وقال إنه تحول خلال وقت قصير إلى أكبر تهديد للأمن العالمي، وأضاف محملا «عدم قدرة الغرب مجتمعا على تجاوز الخلافات (يقصد على الأرجح الخلافات مع روسيا)، وضمان تشكيل جبهة موحدة للتصدي لهذا الشر» المسؤولية عن تعقيد الوضع في مجال التصدي للإرهاب. ووصف وزير الدفاع الروسي الأراضي السورية «خط مواجهة متقدم مع الإرهاب»، موضحا أن «القوات الرئيسية لـ(داعش) متمركزة هناك، ومن هناك تدير العصابات المسلحة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.