وزير الداخلية المغربي يكشف عن «مخطط مدروس» لاستمرار احتجاجات الحسيمة

نواب طالبوا بالعفو العام وإسقاط التهم عن المعتقلين

عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية المغربي في حديث مع محمد أوجار وزير العدل في مجلس النواب أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية المغربي في حديث مع محمد أوجار وزير العدل في مجلس النواب أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

وزير الداخلية المغربي يكشف عن «مخطط مدروس» لاستمرار احتجاجات الحسيمة

عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية المغربي في حديث مع محمد أوجار وزير العدل في مجلس النواب أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية المغربي في حديث مع محمد أوجار وزير العدل في مجلس النواب أمس (تصوير: مصطفى حبيس)

حمل عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية المغربي، أمس، جهات لم يسمها، مسؤولية الإصرار على تواصل الاحتجاجات بإقليم الحسيمة وفق «مخطط مدروس»، رغم التفاعل الإيجابي للحكومة مع مختلف المطالب الاجتماعية للسكان.
وقال لفتيت، الذي كان يتحدث أمس في الجلسة العامة المخصصة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، تناولت للمرة الأولى الاحتجاجات التي تعرفها منطقة الحسيمة منذ سبعة أشهر، وذلك بحضور وزير العدل محمد أوجار، إن كل المجهودات التي بذلتها الدولة في الإقليم تطرح أكثر من علامة استفهام عن المغزى من إصرار البعض على السلوك الاحتجاجي اليومي والمتواصل، رغم التفاعل الإيجابي للحكومة مع مختلف المطالب المعبر عنها.
وتساءل لفتيت عن «من له المصلحة في دفع الحوار الذي فتحته الحكومة مع السكان إلى طريق مسدود، ومن المستفيد من تبخيس الجهود التنموية للحكومة في المنطقة وخلق حالة الإحباط؟»، مضيفا أن هذه «التساؤلات تجد مصداقيتها أكثر إذا ما تم استحضار المخطط المعتمد من طرف بعض الجهات، الهادف إلى تضليل الرأي العام، ونشر وقائع غير صحيحة من خلال صناعة ونشر الأخبار الزائفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل الفورية، وذلك بشكل دقيق يتم عبره الحرص على اختيار التوقيت والمضامين بعناية فائقة، تؤكد الطابع المدروس لمثل هذه الممارسات».
في غضون ذلك، طالب نواب من الأغلبية والمعارضة باعتماد مقاربة سياسية وحقوقية لمواجهة حراك الريف، ووقف اعتقال النشطاء الذي تسبب في نظرهم بتأجيج الاحتجاجات، حيث دعا نور الدين مضيان، رئيس الفريق النيابي لحزب الاستقلال، وهو من أبناء الحسيمة، إلى العفو الشامل عن المعتقلين وإطلاق سراحهم وإطلاق مصالحة وطنية، وقال إن الدولة أخطأت التقدير عندما شرعت في الاعتقالات، بحيث أصبحت مطالب المحتجين اليوم هي الإفراج عن المعتقلين، وليس مشروعات التنمية.
بدوره انتقد إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية «تخوين» المحتجين وتوجيه تهم الانفصال إليهم، فيما طالب النائب عبد الله بوانو من الفريق نفسه بإسقاط التهم عن المعتقلين وإعادة تكييفها.
وفي هذا السياق، قال وزير الداخلية، إن حرص الدولة على تحقيق الظروف الملائمة لتحقيق التنمية وتوفير شروط العيش الكريم للسكان يوازيه حرصها على توفير حياة آمنة للمواطنين وحماية جميع حقوقهم، مضيفا أنه «إذا كانت السلطات العمومية قد ضمنت الحق في حرية التعبير وحرية التظاهر لمدة سبعة أشهر فإنه في المقابل عليها واجب فرض سلطة القانون، وتطبيق الإجراءات القانونية في حق المخالفين تحت رقابة السلطة القضائية التي تبقى أحكامها ملزمة للجميع». وأوضح لفتيت أنه «عندما يسعى البعض لاختراق القانون وعدم احترامه بعيدا عن المطالب الاجتماعية، فإن الدولة لا تبقى في وضعية اختيار بشأن إمكانية تطبيق القانون من عدمه، بل هي ملزمة كذلك من منطلق صلاحياتها بحفظ الأمن، والحفاظ على سلامة الأفراد والجماعات والممتلكات، وتوفير ظروف مواتية لممارسة جميع حقوقهم، وعلى رأسها الحق في حياة آمنة مستقرة»، مشيرا إلى أنه «لم يتم اعتقال أي شخص من المتظاهرين منذ بداية حركة الاحتجاجات بإقليم الحسيمة إلا بعد أن تم اللجوء إلى عرقلة حرية العبادة بأحد مساجد المدينة من خلال منع الخطيب من إتمام خطبته أمام المصلين، وتوجيه وابل من السب والقذف في حقه دون مراعاة حرمة المكان المقدس وحق المواطنين في صلاة آمنة»، في إشارة إلى ما قام به ناصر الزفزافي متزعم الاحتجاجات المعتقل.
وردا على ما أثير حول تعرض المعتقلين للتعذيب والاختطاف، أكد لفتيت أن «جميع الأشخاص المتابعين يتمتعون بجميع الضمانات التي يخولها لهم القانون، وفي مقدمتها قرينة البراءة، كما أن أماكن اعتقالهم معروفة للجميع على عكس ما يروج له البعض من ادعاءات باطلة لم يعد من المقبول تصورها، أو اللجوء إليها في مغرب اليوم». وكشف المسؤول المغربي عن أنه منذ 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي جرى تنظيم 843 احتجاجا، أي بمعدل أربعة احتجاجات في اليوم، كما جرى الاعتداء على 205 من عناصر الأمن خلال هذه المدة من مختلف التشكيلات وتعريضهم لإصابات متفاوتة الخطورة، وتسجيل خسائر مادية تتمثل في تدمير أو إحراق 42 سيارة أمن، فضلا عن الإحراق الكلي لبناية معدة لسكن العناصر الأمنية بامزورن.
ورغم ما أثير من انتقادات بشأن المقاربة الأمنية التي اعتمدتها الدولة في التعامل مع الاحتجاجات، فقد أعلن لفتيت أن «الدولة ستواصل بكل حزم حرصها على احترام القانون، وردع المخالفين له بما يضمن أمن المواطنين ويحفظ الاستقرار الذي تنعم به المنطقة». بيد أن وزير الداخلية شدد في المقابل على أن «التصرفات غير المسؤولة للبعض لن تثني الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها التنموية تجاه سكان إقليم الحسيمة كما بباقي المناطق»، مؤكدا أهمية دور الأحزاب السياسية والنقابات والمنتخبين وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الجادة في مواكبة هذه المجهودات، وأشار إلى أن «الدولة تعتبر تحقيق التنمية أولوية استراتيجية وليس رد فعل ظرفي». كما تعهد لفتيت، الذي استعرض برامج التنمية التي أطلقت في المنطقة منذ 2015 بانتهاء الأشغال فيها نهاية 2019 مقرا بتأخر التنفيذ.
من جهته، قال وزير العدل محمد أوجار، إن السياسية الجنائية التي اعتمدت في مواجهة الاحتجاجات اتسمت بكثير من الليونة والمرونة واحترام القانون، ولم يتم التدخل إلا بعد أن تم خرق القانون من طرف بعض المتحجين.
ودعا أوجار، في الجلسة ذاتها، النواب إلى التعامل مع هذا الملف بكثير من الوطنية والنضج لأنه ليس موضوع تبادل الاتهامات، مشددا على حرص الحكومة على المقاربة الحقوقية للملف، ومؤكدا أنه «لن يظلم أحد، والأصل هو قرينة البراءة، وتمكين المعتقلين من المحاكمة العادلة»، وزاد أوجار أنه حتى الآن لم يحتج أي محام، وكذلك المعتقلون لم يدعوا تعرضهم للتعذيب.
في غضون ذلك، أوقف متزعم احتجاجات الحسيمة ناصر الزفزافي احتياطيا في سجن بالدار البيضاء بعد أسبوع على توقيفه كما أعلن أمس محامي الدفاع.
وبعد جلسة حضرها «عدد كبير من محامي الدفاع» قرر قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف في الدار البيضاء وضع الزفزافي في الحبس المؤقت مع ستة ناشطين آخرين، كما قال عبد الصادق البشتاوي أحد محامي الدفاع.



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.