الانقلابيون يطالبون بتغيير المبعوث الأممي لليمن

على خلفية مبادرته بتسليم ميناء الحديدة وتجنيبه المواجهات المسلحة

ولد الشيخ يتحدث إلى مسؤولين حوثيين بعد وصوله إلى مطار صنعاء يوم 22 مايو الماضي (إ.ب.أ)
ولد الشيخ يتحدث إلى مسؤولين حوثيين بعد وصوله إلى مطار صنعاء يوم 22 مايو الماضي (إ.ب.أ)
TT

الانقلابيون يطالبون بتغيير المبعوث الأممي لليمن

ولد الشيخ يتحدث إلى مسؤولين حوثيين بعد وصوله إلى مطار صنعاء يوم 22 مايو الماضي (إ.ب.أ)
ولد الشيخ يتحدث إلى مسؤولين حوثيين بعد وصوله إلى مطار صنعاء يوم 22 مايو الماضي (إ.ب.أ)

طالب الانقلابيون الحوثيون أمس، بتغيير المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مشيرين إلى أنه أصبح «شخصا غير مرغوب به» في اليمن. وقال صالح الصماد، رئيس ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى»، الذي شكله الانقلابيون العام الماضي، في تجمع بصنعاء، إنهم يوجهون رسائلهم إلى «الأمين العام للأمم المتحدة الذي جاء بولد الشيخ ليساومنا على ميناء الحديدة بالرواتب، نقول له وبصوت واحد إن مبعوثه غير مرغوب فيه بعد اليوم، وإذا أرادت الأمم المتحدة أن تأتي بمبعوث جديد، فعليه أن يتعامل مع الشعب اليمني بندية واحترام». وأضاف القيادي الانقلابي، الذي كان ضمن وفد الانقلابيين المشارك في مشاورات السلام في جولاتها الأربع في سويسرا والكويت: «عليهم أن يفهموا أن هذا هو الموقف، وأي تواصل مع ولد الشيخ أو ترحيب به بعد اليوم، ليس له أي قبول».
واعتبر وزير في الحكومة اليمنية أن ما صدر ممن وصفهم بـ«جناحي الغدر والخيانة والانقلاب» بحق المبعوث الأممي، يحمل كثيرا من القراءات. وقال الدكتور العزي هبة الله شريم، وزير المياه والبيئة اليمني، إن «هذا الموقف الانقلابي الانفعالي يرتبط بالمتغير القوي في المنطقة والمتعلق بمقاطعة النظام القطري من قبل سبع دول مهمة ومؤثرة منها الحكومة الشرعية باليمن». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أنها «أساليب ابتزاز رخيصة ومتاجرة بدماء الأبرياء». وربط الوزير اليمني موقف الانقلابيين من المبعوث الأممي بـ«ما حصل بالأمس القريب من تهديدات ومحاولات اغتيال في صنعاء للأخ إسماعيل ولد الشيخ، ثم إحاطته أمام مجلس الأمن». وتساءل ما إذا كان الانقلابيون يملكون القدرة على تغيير مبعوث الأمم المتحدة، قبل أن يشدد على أنهم لا يملكون تلك القدرة.
بدوره، رأى المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن «السبب الرئيسي وراء إعلان الحوثيين المبعوث الأممي شخصا غير مرغوب به، هو أنهم وجدوا أنفسهم أمام مقترحات ترتبط، هذه المرة، بإجراءات عملية على حساب مكاسبهم الميدانية التي أبقتهم قادرين، حتى اللحظة، على مواجهة الحكومة والتحالف عسكرياً»، مؤكدا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الانقلابيين «كانوا في السابق، يتلقون مبادرات ومقترحات تتعلق بمزيد من المكاسب السياسية، لكن المقترحات الأخيرة اقتربت من المفاصل الحقيقية لقوتهم، وبالأخص ميناء ومدينة الحديدة التي تشكل مصدر إمداد هائل بالموارد النقدية، إلى جانب ما تمثله من منفذ لتجارة سوداء موازية ساهمت في إنشاء طبقة منتفعين على علاقة وثيقة بالانقلابيين وسلطة الأمر الواقع التي أقاموها في صنعاء والمحافظات التي يسيطرون عليها». ويعتقد التميمي أنه «على الرغم من أن المقترحات الأممية تتضمن حلولا ممتازة لمواجهة الأزمات المعيشية وفي المقدمة أزمة المرتبات، فإن هذه الأزمة ليست ضمن أولويات الانقلابيين، خصوصا أن حلها سيأتي على حساب المصادر المالية التي يستأثرون بها». ويضيف أن «الحوثيين يعتقدون، أيضا، أن تعطيل مهمة المبعوث الدولي يمنحهم مزيدا من الوقت للإبقاء على مكاسبهم وإبقاء البلاد أسيرة لهذه الحالة من العنف والحرب والانهيار المعيشي». ويرى التميمي أن هذا «يقدم دليلا قويا على عبثية الجهود السياسية التي بذلت طيلة الفترة الماضية ولم تلامس أبدا الحلول والإجراءات العملية التي تقرب اليمنيين من السلام وتخرجهم من دوامة الحرب».
وكان ولد الشيخ قد قام بزيارة إلى صنعاء أواخر مايو (أيار) الماضي، لكنه لم يتمكن من إجراء مباحثات مع القيادات الانقلابية، بعد أن تعرض موكبه للاعتداء أثناء مغادرته من مطار صنعاء إلى مجمع الأمم المتحدة في جنوب العاصمة، وهو الحادث الذي نددت به الأمم المتحدة، وكثير من الأوساط الدولية. ووفقا للمعلومات التي أتيحت، حينها، فقد تقدم ولد الشيخ المبعوث الدولي بمبادرة تقضي بتسليم ميناء الحديدة من أجل تجنيبه المواجهات المسلحة والانسحاب من المحافظة من قبل الميليشيات، مقابل تشكيل لجنة خاصة لتسلم الإيرادات من المؤسسات التي تقع تحت سيطرة الانقلابيين والحكومة الشرعية، على حد سواء، من أجل الإيفاء بالتزامات دفع مرتبات الموظفين، عبر تلك اللجنة، خصوصا بعد أن دخل الموظفون شهرهم التاسع وهم من دون مرتبات، بعد أن استولى الانقلابيون على احتياطي البنك المركزي ومدخرات مؤسسات التأمينات والمعاشات.
وأعلنت الحكومة اليمنية، قبل عدة أيام، موافقتها على المقترح الذي تقدم به المبعوث الأممي، من أجل حل إشكالية المرتبات وتجنيب محافظة الحديدة المواجهات العسكرية، حيث باتت قوات الجيش الوطني، المدعومة بقوات التحالف، على مقربة من محافظة الحديدة من الجهتين الشمالية والجنوبية.
ومنذ تسلم مهامه مبعوثا للأمم المتحدة في اليمن، جمع ولد الشيخ طرفي النزاع في اليمن، الحكومة وشريكي الانقلاب، في أربعة اجتماعات لمشاورات سياسية، اثنان في سويسرا واثنان في الكويت، غير أن جهوده باءت بالفشل بعد رفض الانقلابيين الإيفاء بما تم التوصل إليه في تلك المشاورات السياسية، حسب ما أُعلن حينها، كما فشلت سلسلة من هدن وقف إطلاق النار التي سعى إليها المبعوث الأممي، بعد خروقات الانقلابيين تلك الهدن.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.