هزائم تلد أخرى

في حرب 67 لم تهزم الدبابات وحدها بل هزمت الكتب والقصائد وما زال أثر النكسة ساريا بقوة في الأدب (أ.ف.ب) - أحمد عبد المعطي حجازي - أحمد الخميسي
في حرب 67 لم تهزم الدبابات وحدها بل هزمت الكتب والقصائد وما زال أثر النكسة ساريا بقوة في الأدب (أ.ف.ب) - أحمد عبد المعطي حجازي - أحمد الخميسي
TT

هزائم تلد أخرى

في حرب 67 لم تهزم الدبابات وحدها بل هزمت الكتب والقصائد وما زال أثر النكسة ساريا بقوة في الأدب (أ.ف.ب) - أحمد عبد المعطي حجازي - أحمد الخميسي
في حرب 67 لم تهزم الدبابات وحدها بل هزمت الكتب والقصائد وما زال أثر النكسة ساريا بقوة في الأدب (أ.ف.ب) - أحمد عبد المعطي حجازي - أحمد الخميسي

ذاكرتنا الجمعية كما يبدو ليست على ما يرام. فنحن لا نكف عن إعادة إنتاج الأوهام ذاتها، مرة تلو مرة. وإذا كانت في المرة الأولى مأساة، إذا استعرنا تعبير فريدريك هيغل، فهي في المرة الثانية مسخرة. الجوهر باقٍ كما هو في الحالتين. يتغير الديكور في كل مرة، ونصوره على أنه الجوهر. وهكذا، لم نتعلم شيئاً من هزائمنا التي لا نكف عن إنجابها كل عقد تقريباً ابتداء من النكبة الأولى - هل كانت الأولى - ؟ عام 1948. ثم الانقلابات العسكرية في مصر وسوريا والعراق، التي سميناها ثورات على طريقتنا في صناعة الأوهام الكبرى. وهي لم تكن في الحقيقة سوى عمليات قطع تاريخية واجتماعية كبرى في طريق تطورنا الطبيعي.
تولد من هذا الوهم ما سميناه بالفكر القومي، وشقه البعثي. ولم يكن هذا الفكر بتنظيراته الهجينة، المتأثرة أساساً بالمنطلقات الفكرية للحزب النازي، في تبنيه للفكر الشمولي الذي أراد من المجتمع كله أن يؤمن به بالقوة تحت شعارات هائمة مثل الوحدة والحرية والاشتراكية، سوى الحامل الفكري للأنظمة العسكرية الديكتاتورية، تحت شعار «محاربة الإمبريالية» و«مساندة الأنظمة الوطنية». والمفارقة، إن الأحزاب اليسارية، التي كانت تنازع الاتجاهات القومية في الشارع العربي، تبنت الأطروحات نفسها، على الرغم من التنافر الآيديولوجي الكبير بين الطرفين. كل الأنظمة العسكرية المتعاقبة منذ انقلاب جمال عبد الناصر حظيت بمباركة الطرفين، اللذين ساهما مساهمة كبرى في خلق الوهم الكبير عند الناس حول طبيعة السلطة الحاكمة، وتمييع المطلب الأساسي المفقود في حياتنا السياسية والاجتماعية: الديمقراطية.
هل تغير شيء بعد خمسين عاما من هزيمة 67؟ للأسف، لم يتغير شيء. فلا تزال الأسباب التي أدت إلى الكارثة هي نفسها، ولا تزال البنى الفكرية والاجتماعية هي نفسها، ولا يزال الخراب المادي والاجتماعي والثقافي هو نفسه مهما جمّلناه، أو هربنا منه إلى الأمام، بينما المطلوب العودة إلى الماضي، ونبش ما أبقيناه عالقاً في الأرض، بانتظار أن ينبثق من جديد، وهو يفعل ذلك كلما غفلنا أو تغافلنا.
ولنذكر هنا بتقرير التنمية البشرية التابعة للأمم المتحدة الصادر قبل ستة أشهر فقط: نحن نشكل 5 في المائة فقط من سكان العالم، ومع ذلك 45 في المائة من الإرهاب العالمي انطلق من أرضنا وتاريخنا، و58 في المائة من لاجئي العالم ينتمون إلينا. أما فسادنا فهو يلتهم 75 ملياراً في كل سنة على مدى ربع قرن، وتريليوناً يتسرب إلى الجيوب عبر السرقات الصغيرة غير المرئية. في المقابل هناك جيل ينمو: 100 مليون شاب، أي 30 في المائة من 370 مليون عربي، وهو، حسب التقرير، الجيل الأكثر تمدناً في تاريخ المنطقة، والأكثر مستوى تعليمياً.. لكن هناك حقيقة أخرى، لا يراها البعض أو لا يريد أن يراها عن سابق إصرار، وخصوصاً السياسيون. هذا الجيل مختنق سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ونفسياً.. وحينما تحين اللحظة الذاتية والموضوعية المناسبة، كما يعلمنا التاريخ، والدروس القريبة للربيع العربي، سيعبر هذا الجيل عن نفسه بأشكال مختلفة، ليس أقلها الانفجار.
وأضيفوا إلى هذه القائمة حرماننا، منذ عهد موغل في القدم، من حقنا الأساسي في الحياة: الحرية.
لماذا، إذن، لا ننجب ألف كارثة، ليس في الماضي فقط، وإنما في المستقبل أيضاً؟



إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.