مصر في اختبار «الثانوية العامة»... وجهة سيادية تولت وضع الأسئلة

وسط تخوفات من تكرار صراع العام الماضي السياسي بين الشباب والسلطة

مصر في اختبار «الثانوية العامة»... وجهة سيادية تولت وضع الأسئلة
TT

مصر في اختبار «الثانوية العامة»... وجهة سيادية تولت وضع الأسئلة

مصر في اختبار «الثانوية العامة»... وجهة سيادية تولت وضع الأسئلة

تدخل مصر اليوم اختبار «الثانوية العامة» وسط تخوفات من تكرار صراع العام الماضي السياسي بين الشباب والسلطات المصرية. وتحاول وزارة التربية والتعليم تفادي ما حدث العام الماضي من تسريب أغلب الامتحانات، خاصة عقب تولي جهة سيادية وضع الأسئلة وطباعتها، واتخذت الوزارة إجراءات وضوابط غير مسبوقة للتصدي ومحاصرة ظاهرة الغش الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي.
ودفعت قوات الأمن بوزارة الداخلية بعدد من التشكيلات الأمنية للمشاركة في عمليات التأمين على مستوى محافظات مصر، وتعزيز الخدمات الأمنية بمحيط المدارس للتصدي لظاهرة الغش من الخارج. في حين قال مصدر مطلع بوزارة التربية والتعليم إنه «سيتم تفتيش الطلاب ذاتيا باستخدام البوابات الإلكترونية على مقار اللجان وذلك في إجراء لأول مرة يحدث في مصر»، لكن مراقبين أكدوا أن «هذا الإجراء سوف يستغرق وقتا طويلا، وسوف يعطل دخول الطلاب عن أداء الامتحانات مقارنة باستخدام العصا الإلكترونية التي تستخدم كل عام».
وشهدت مصر وقائع غير مسبوقة خلال امتحانات الثانوية العامة التي تعد سنة دراسية مفصلية للطلاب، حيث يتحدد بناء على نتائجها المستقبل الدراسي للطالب، حيث ألغت وزارة التربية والتعليم امتحانين للثانوية العامة بسبب تسريبهما قبل بدء الامتحان العام الماضي... كما أرجأت أربعة امتحانات أخرى لحين إعادة طباعة أوراق الأسئلة في جهة سيادية.
هذه الإجراءات من قبل الوزارة أعقبها وقفات احتجاجية من الطلاب وأولياء أمورهم رافضة إلغاء وتأجيل الامتحانات على خلفية تسريبها، وقتها قررت السلطات القضائية إحالة ملف قضية تسريب الامتحانات إلى نيابة أمن الدولة باعتبار القضية تمس «الأمن القومي».
وتبنى تسريب امتحانات العام الماضي صفحة تحمل اسم «شاومينغ بيغشش ثانوية عامة»... وقالت وزارة الداخلية آنذاك إن «هذه الصفحة تخصصت في تسريب امتحانات الثانوية وإنها ألقت القبض على طالب بإحدى الجامعات الخاصة بالقاهرة، وهو القائم على الصفحة».
من جهته، قال المصدر المطلع في التعليم إن «الوزارة شكلت هذا العام فريقا لتتبع صفحات الغش وإبلاغ الجهات الأمنية بها، كما لجأت الوزارة لأول مرة إلى الاستعانة بشركة أمن خاصة لتأمين لجان الشغب، فضلا عن عدم السماح لأي فرد مشارك في أعمال الامتحانات سواء كانوا طلبة أو ملاحظين أو رؤساء لجان بحيازة الهاتف الجوال داخل اللجان الامتحانية».
مضيفا أنه «تم الاستعانة بما يقرب من 7 آلاف عضو أمن في اللجان، لتفتيش الطلاب والمرور على اللجان قبل دخول الطلاب للتأكد من عدم وجود أي وسيلة غش في الأدراج باللجنة»، لافتا إلى أن «الوزارة تراهن هذا العام على الخروج من موسم الامتحانات بنتائج مرضية ومن دون تسريب للامتحانات». وبدت لعبة تسريبات الامتحانات العام الماضي معركة بين الشباب بوجه عام والسلطات المصرية، حيث أعلن المسؤول عن واحدة من أشهر صفحات الغش على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أنه لن يتوقف عن تسريبها؛ إلا بعد تطوير منظومة التعليم التي وصفها بـ«الفاشلة».
وتعترف السلطات في مصر بتردي أوضاع التعليم؛ لكنها تقول إن كلفة إصلاح المنظومة التعليمية فوق طاقة الحكومة التي تعاني بالفعل من أوضاع اقتصادية ضاغطة.
في غضون ذلك، حرصت وزارة الداخلية على زيادة أعداد الخدمات الأمنية بالمدارس التي توجد بمناطق ملتهبة في صعيد مصر، والتي شهدت الأعوام السابقة مشاجرات ومشاحنات، لتفادي تلك الحوادث هذا العام، وإقامة كردون أمني بمحيط هذه المدارس... وطالت التعزيزات الأمنية مدارس محافظة شمال سيناء، التي تشهد عمليات إرهابية من التنظيمات المتشددة ضد الجيش والشرطة والمدنيين.
ويضع مسؤولو امتحانات الثانوية العامة أملا كبيرا على الكراسة الامتحانية «البوكليت» في نجاح الامتحانات ومنع الغش، حيث أعلنت الوزارة أن «البوكليت» صنع خصيصا للحد من الغش... كما قررت وزارة التربية والتعليم إلغاء الآلية القديمة لطباعة الامتحانات والمطبعة السرية، حيث تم إسناد مهمة الطباعة والتصوير والتظريف وصندقة ووضع الأسئلة لإحدى الجهات السيادية في الدولة، لضمان السرية التامة في وضع الامتحانات.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.