لبنان: قانون الانتخاب خلال أيام... وتمديد ولاية البرلمان سنة

مصادر برّي لـ«الشرق الأوسط»: حسمنا الخلافات لصالح الخيار الوطني

لبنان: قانون الانتخاب خلال أيام... وتمديد ولاية البرلمان سنة
TT

لبنان: قانون الانتخاب خلال أيام... وتمديد ولاية البرلمان سنة

لبنان: قانون الانتخاب خلال أيام... وتمديد ولاية البرلمان سنة

اجتاز لبنان مأزق قانون الانتخابات الجديد، الذي يتوقّع إقراره في الجلسة التشريعية في الثاني عشر من يونيو (حزيران) الحالي، كثمرة للاتفاق الذي أرساه اللقاء الثلاثي في قصر بعبدا، الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة سعد الحريري، وذلك على هامش الإفطار السنوي الذي أقامه رئيس الجمهورية، يوم الخميس الماضي. اللقاء ثبّت فيه الرؤساء اعتماد نظام النسبية الكاملة على أساس 15 دائرة انتخابية، وتجاوز مسألة نقل مقاعد نيابية من دائرة إلى أخرى، وكذلك طي صفحة اختيار الصوت التفضيلي على أساس طائفي أو مذهبي.
ومع بلوغ النهاية السعيدة لصيغة القانون، تتجه الأنظار الآن إلى الموعد الذي سيحدده وزير الداخلية نهاد المشنوق، لدعوة الهيئات الناخبة. ولقد سلّمت القوى السياسية بحتمية الذهاب إلى تمديد تقني للبرلمان يتراوح بين سبعة أشهر وسنة، بالنظر إلى حاجة وزارة الداخلية لهذه المهلة، من أجل إنجاز المتطلبات التقنية واللوجستية التي تمكنها من تطبيق النسبية لأول مرّة في تاريخ لبنان.
رئيس مجلس النواب نبيه برّي، خطا خطوة إيجابية باتجاه إفساح المجال أمام الحكومة لوضع الصيغة النهائية لمشروع القانون، من خلال تأجيل الجلسة التشريعية التي كانت مقررة غداً الاثنين، إلى 12 يونيو الحالي. وعزت مصادر برّي التأجيل الجديد لـ«إشباع مشروع القانون درساً، قبل إرساله إلى الهيئة العامة لإقراره». وأكّدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتفاق على 15 دائرة انتخابية وتقسيماتها بات ناجزاً، أما ما يجري بحثه الآن، فهو طريقة احتساب الأصوات». وحسب المصادر نفسها يبدو لقاء بعبدا «بدد هواجس الفراغ النيابي»، وأن القانون الجديد «سيتضمّن مادة تحدد مدة التمديد التقني للبرلمان، وهي المدة ذاتها التي تحتاجها وزارة الداخلية، لإنجاز التجهيزات الإدارية واللوجستية، وتدريب الموظفين على كيفية تطبيق النسبية واحتساب الأصوات».
جدير بالذكر، أن القوى السياسية اللبنانية أخفقت في السنوات الأربع الماضية في التوصل إلى قانون جديد للانتخابات يراعي ما يوصف بـ«صحّة التمثيل»ـ خصوصاً لدى الفريق المسيحي، وذلك بعدما رفض غالبية هذه القوى، إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ (قانون الستين)، وهو ما استدعى تأجيل الاستحقاق وتمديد ولاية المجلس لأربع سنوات وعلى دفعتين.
اللقاء الأخير أدى إلى إنهاء القطيعة التي كانت قائمة بين الرئيسين عون وبرّي، وشددت مصادر الأخير، على أنه «حسم كل النقاط الخلافية، لصالح الخيار الوطني، وعدم الركون إلى أي خيار طائفي أو مذهبي، سواءً بالصوت التفضيلي، أو صرف النظر عن نقل المقاعد النيابية من دائرة إلى أخرى». ورأت المصادر أن «مهلة الـ7 أشهر التي طلبها وزير الداخلية، تعني أن الانتخابات يفترض أن تحصل خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) أو يناير (كانون الثاني)، ما يضعنا أمام صعوبة إجرائها في المناطق الجبلية، بسبب الثلوج وقساوة الطقس»، مرجحة أن «ترحّل الانتخابات إلى مارس (آذار) أو أبريل (نيسان) من العام المقبل».
هذا، ولا يبدو أن هذا التأجيل مستفز للأطراف، خصوصاً التيار الوطني الحرّ (العوني)، إذ اعتبر عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب زياد أسود، أن «ما كان يطمح إليه التكتل والتيار الحر قد تحقق، وهو إنجاز قانون انتخابات على أساس النسبية، يراعي صحة التمثيل». ورأى أن «التقنيات التي ستنتج عن هذا القانون تبقى شكلية، مثل التمديد المؤقت للمجلس النيابي، تبقى ثانوية أمام الإنجاز المهم».
وتابع أسود في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لا مشكلة لدى التيار في فترة التمديد التقني للبرلمان، فالقانون الجديد يتطلّب تحضيرات وتقنيات غير متوفرة لدى وزارة الداخلية حالياً. وهي تحتاج إلى الوقت الكافي لتحضيرها». وعمّا إذا كان التيار يقبل بأن يمارس البرلمان دوره كاملاً في ظل التمديد التقني، أوضح النائب أسود، أن «لا شيء اسمه تمديد تقني، التمديد هو تمديد، كما حصل في المرتين السابقتين، ومن واجب المجلس أن يمارس دوره كاملاً في الرقابة والتشريع، ويعقد جلسات دورية لإقرار القوانين».
بدوره، رأى وزير الداخلية الأسبق المحامي زياد بارود أن «ليس هناك من قانون انتخاب مثالي، يؤمن صحة التمثيل مائة في المائة، بل هناك قانون يقترب إلى صحة التمثيل»، موضحا أنه «كان تقدم بمشروع قانون يعتمد على النسبية بـ15 دائرة، مع بعض الاختلافات عن القانون المقترح حالياً». ودعا بارود إلى «إنشاء هيئة مستقلة مهمتها الإشراف على الانتخابات، تحلّ مكان وزارة الداخلية بدءاً من الترشيح وصولاً إلى إعلان النتائج، لأنه لا ضمانة على حياد الداخلية في الانتخابات».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».