جدل حول مغزى بيان لـ«الإخوان» مؤيد للانتخابات المصرية

إحالة 200 من «أنصار بيت المقدس» للجنايات

مرشد الإخوان محمد بديع يشير بعلامة رابعة خلال محاكمته الخميس وأعضاء مكتب إرشاد التنظيم وكبار مستشاري الرئيس السابق، المتهمين في قضية «التخابر الكبرى» (أ. ف. ب)
مرشد الإخوان محمد بديع يشير بعلامة رابعة خلال محاكمته الخميس وأعضاء مكتب إرشاد التنظيم وكبار مستشاري الرئيس السابق، المتهمين في قضية «التخابر الكبرى» (أ. ف. ب)
TT

جدل حول مغزى بيان لـ«الإخوان» مؤيد للانتخابات المصرية

مرشد الإخوان محمد بديع يشير بعلامة رابعة خلال محاكمته الخميس وأعضاء مكتب إرشاد التنظيم وكبار مستشاري الرئيس السابق، المتهمين في قضية «التخابر الكبرى» (أ. ف. ب)
مرشد الإخوان محمد بديع يشير بعلامة رابعة خلال محاكمته الخميس وأعضاء مكتب إرشاد التنظيم وكبار مستشاري الرئيس السابق، المتهمين في قضية «التخابر الكبرى» (أ. ف. ب)

أثار بيان أصدرته جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مساء أول من أمس، جدلا حول موقفها من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، فبينما قرأ مراقبون البيان كأقوى إشارة ترسلها الجماعة عن عزمها خوض الانتخابات البرلمانية، قال آخرون إن البيان موجه لقوى سياسية تسعى الجماعة للتحالف معها، لكن القيادي الإخواني البارز محمد علي بشر قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن البيان لا يعدو أن يكون ردا على الشبهات التي أثيرت حول «الإخوان» في الفترة الماضية.
وأصدرت جماعة الإخوان بيانا حول علاقتها بمؤسسات الدولة، قالت فيه إنها «تسعى إلى تصحيح الأوضاع المنقلبة، بأن يعود الشعب هو السيد وهو مالك الدولة ومؤسساتها، وهو الذي يحكم نفسه بنفسه عن طريق نوابه، ويختار حاكمه وبرلمانه بحرية ونزاهة كاملة، وأن تعود مؤسسة الجيش إلى ثكناتها، وأن تمارس تخصصها ودورها في الدفاع والحماية، وأن تبتعد عن السياسة والحكم». وتتعامل السلطات السياسية المؤقتة مع جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي بعد أن صدر حكم قضائي يعدها تنظيما إرهابيا في فبراير (شباط) الماضي، مؤيدا لقرار حكومي مماثل صدر نهاية العام الماضي.
وقال الدكتور بشر، وهو عضو سابق في مكتب إرشاد الجماعة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «البيان جاء للرد على الشبهات التي تثار في الإعلام وفي المحاكم، وهو محاولة لتصحيح هذه الشبهات».
وأضاف بشر، وهو يمثل حاليا حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة، قائلا: «لا أستطيع أن أتحدث باسم (الإخوان)، لكن ما قرأته من البيان هو تأكيد للمواقف السابقة، ولا يعدو أن يكون ردا على الشبهات والاتهامات التي تكال لـ(الإخوان)، ولا يحمل في طياته أي بادرة للاعتراف بشرعية الوضع القائم من قريب أو بعيد».
وعزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان الصيف الماضي، عقب مظاهرات حاشدة ضد حكمه. وترفض جماعة الإخوان الإجراءات السياسية التي تلت عزله.
وكانت شخصيات مصرية معارضة للسلطات الحالية، أعلنت مساء الأربعاء الماضي، في العاصمة البلجيكية بروكسل، «إعلان مبادئ» لـ«استعادة ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011»، وضمت مبادئ عشرة منها «إدارة التعددية التشاركية ضمن حالة توافقية، وعودة الجيش الوطني إلى ثكناته، وبناء استراتيجية للمصالحة، والقصاص وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتمكين الشباب، وسيادة القانون، والمواطنة، وتشكيل مؤسسات الدولة العميقة من أبنائها الشرفاء».
وأشار بشر، وهو ممثل حزب الحرية والعدالة في «تحالف دعم الشرعية» (تحالف إسلامي تقوده جماعة الإخوان)، إلى أن موقف حزبه ملتزم بالموقف الذي اتخذه «تحالف دعم الشرعية» بمقاطعة الانتخابات الرئاسية، لافتا إلى أنه لم يجر حتى الآن بحث الموقف من الانتخابات البرلمانية، مشددا على أن البيان الأخير لـ«الإخوان» لا يرتبط بالوثيقة التي أعلن عنها قبل أيام (في إشارة إلى إعلان بروكسل).
وقالت الجماعة في بيانها إن «(الإخوان) يريدون مصر دولة قوية كبيرة على المستوى العالمي، وهذا شأنه أن يؤدي إلى تقدم دول المنطقة ودول العالم الثالث، فمصر هي قاطرة العالم العربي، وتأثيرها في دول العالم الثالث لا يخفى عبر التاريخ، وذلك لن يتحقق إلا بقوة كل مؤسسة من مؤسسات الدولة وتمتع شعبها بالحرية والديمقراطية والوحدة».
ولمح مراقبون إلى تقارب بين اللغة التي استخدمتها جماعة الإخوان في بيانها الأخير، والخطاب السياسي للمرشح الرئاسي حمدين صباحي زعيم «التيار الشعبي»، بشأن بناء المؤسسات في البلاد وعدم الارتكان إلى مؤسسة واحدة (في إشارة إلى الجيش).
وقال أحمد إمام، المتحدث الرسمي باسم حزب مصر القوية، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «بيان الجماعة يبدو غامضا، ويمكن قراءته على أكثر من وجه، قد تكون مناورة أو رفضا للإجراءات التي تجريم حاليا لتشكيل مؤسسات الدولة، لكن في النهاية هو أقرب لمقال الرأي».
وأشار إمام إلى أن الواقع يظهر أن طرفي الصراع لا يبديان حرصا على التوافق رغم أن خطابهما حافل بالمفردات التي توحي بذلك، لافتا إلى أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق السلطات.
وعملت جماعة الإخوان معظم تاريخها الممتد لأكثر من 80 سنة كجماعة محظورة، ونجحت خلال العقد الأخير من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك من المشاركة بقوة في البرلمان. وأعرب الدكتور معتز عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن اعتقاده أن جماعة الإخوان تسعى إلى بناء تحالف سياسي جديد في الداخل، وأنها تعتمد لغة بعيدة عن لغتها التقليدية لاستقطاب القواعد الثورية. وقال عبد الفتاح لـ«الشرق الأوسط» إن «الجماعة تسعى لطمأنة بعض الأطراف بشأن عدم تمسكها بالرئيس السابق مرسي، لكن هناك شكوكا حول جدوى تلك المحاولة فلم يعد أحدا يثق بجماعة الإخوان في الوقت الراهن، وربما أزمة الثقة تتسع لتشمل الجميع».
وتقترب السلطات المصرية المؤقتة من إنجاز ثاني خطوات «خريطة المستقبل» التي توافق عليها الجيش وقوى سياسية في البلاد عقب عزل مرسي، بانتخاب رئيس جديد للبلاد أواخر الشهر الحالي، بعد أن أقر دستور جديد مطلع العام الحالي. وتنتهي«خريطة المستقبل» بانتخاب مجلس النواب (المسمى الجديد لمجلس الشعب).
ولا تزال جماعة الإخوان التي تواجه أكبر محنة في تاريخها قادرة إلى حد بعيد على دفع أنصارها إلى التظاهر بشكل شبه يومي منذ يوليو (تموز) الماضي، رغم الملاحقات الأمنية.
ويحاكم حاليا معظم قادة الجماعة في قضايا جنائية، وعلى رأس تلك القيادات مرشد الجماعة محمد بديع، ونائباه خيرت الشاطر ورشاد البيومي، وعدد كبير من قادة مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.