جنوب السودان: سياسيون يطالبون بإشراك المعارضة في الحوار الوطني

جنوب السودان: سياسيون يطالبون بإشراك المعارضة في الحوار الوطني
TT

جنوب السودان: سياسيون يطالبون بإشراك المعارضة في الحوار الوطني

جنوب السودان: سياسيون يطالبون بإشراك المعارضة في الحوار الوطني

طالب كلمنت واني كونقا، مساعد رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت بضرورة إشراك كافة فصائل المعارضة في الحوار الوطني، بما فيها الفصيل الذي يقوده نائب الرئيس السابق رياك مشار.
ودعا كونقا، مستشار الرئيس للشؤون الخاصة، إلى إشراك كافة فصائل المعارضة المسلحة، بما فيهم نائب الرئيس السابق الدكتور رياك مشار الذي يقود تمرداً منذ أربع سنوات، في وقت برز فيه اتجاه كبير داخل لجنة الحوار الوطني بضرورة إشراك كافة الأطراف وألا يتم عزل أي جهة.
وقال كونقا وهو أيضا عضو في اللجنة العليا للحوار الوطني في كلمة له أمام الاجتماع التشاوري للجنة في جوبا أمس إن هناك اليوم ضرورة لإشراك كافة الفصائل المعارضة السياسية والمسلحة في الحوار الوطني، وأضاف موضحاً أنه «لابد من إشراك كل المتمردين، بمن فيهم رياك مشار نفسه، في هذا الحوار، وعلى الحكومة أن توفر الحماية والضمانات اللازمة من أجل مشاركتهم في العملية السياسية».
وأوضح كونقا أن هذا الحوار في ظل المشاكل المتعددة التي تشهدها البلاد «يعد الفرصة الوحيدة لشعب جنوب السودان لحل كافة المشاكل بأنفسهم، وأسباب الأزمة القائمة الآن مردها إلى عدم وحدة القادة في حزب الحركة الشعبية الحاكم لأنهم نسوا أهداف النضال وانصرفوا إلى منافعهم الذاتية»، داعياً كافة القيادات إلى الوحدة والعمل على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، والخروج من الأزمة التي تعانيها البلاد منذ نهاية عام 2013.
من جهته، كشف ألفريد تعبان عضو سكرتارية لجنة الحوار الوطني، ورئيس رابطة تنمية الصحافة في جنوب السودان، عن وجود اتجاه لتشكيل لجنة مصغرة للاتصال مع فصائل المعارضة في الخارج، وضمنها فصيل رياك مشار ومجموعة المعتقلين السابقين بزعامة باقان اموم، بغية إشراكهم في الحوار الوطني، مشيراً إلى أن اللجنة ستجري مشاورات واسعة مع كافة الفعاليات والمكونات في جنوب السودان.
وكان الرئيس سلفا كير قد رفض في كلمة له خلال تدشين أعمال لجنة الحوار الوطني في مايو (أيار) المنصرم إشراك زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار في الحوار، رغم أن كير أعرب عن ترحيبه بكافة القوى والأطراف السياسية بالمشاركة، وأعلن عن وقف إطلاق النار من طرف الحكومة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين. لكن المعارضة المسلحة بقيادة رياك مشار وصفت مبادرة الحوار الوطني بالأحادية وغير الشاملة.
وغادر رياك مشار جوبا بعد معارك دارت بين قواته مع الجيش الحكومي في يوليو (تموز) 2016 بعيد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، التي أقرتها اتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين عام 2015، والتي وصفت بالهشة، وأصبح يقيم حالياً في جنوب أفريقيا.
وتشهد الدولة الفتية حرباً أهلية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2013 سرعان ما تحولت إلى حرب إثنية بين قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها الرئيس سلفا كير، واثنية النوير، التي ينتمي إليها رياك مشار، وتقول الأمم المتحدة إن نحو 7.5 مليون شخص من أصل 12.5 مليون نسمة في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.