البرلمان اليمني يعود عبر «اتحادية عدن» بمشاركة منشقين عن صالح

استكمالاً لخطوات استعادة مؤسسات الدولة

البرلمان اليمني يعود عبر «اتحادية عدن» بمشاركة منشقين عن صالح
TT

البرلمان اليمني يعود عبر «اتحادية عدن» بمشاركة منشقين عن صالح

البرلمان اليمني يعود عبر «اتحادية عدن» بمشاركة منشقين عن صالح

بعد انسداد الأفق أمامهم في صنعاء؛ يعكف عدد من النواب المحسوبين على الرئيس السابق علي عبد الله صالح على المشاركة في جلسات البرلمان اليمني، المزمع إعادة جلساته من العاصمة المؤقتة عدن، وفقاً لما ذكرته مصادر سياسية يمنية، قالت لـ«الشرق الأوسط» إنهم يتحفظون على إعلان أسمائهم أو أسماء مناطقهم التي سيحضرون منها، حتى يقر موعد انعقاد الجلسات.
ويقدر عدد النواب المؤيدين للشرعية في البرلمان اليمني بنحو 60 في المائة، وبالمجمل فإن معظم نواب الشرعية يوجدون خارج اليمن، حيث يتوزعون على عدد من العواصم العربية وغيرها، بعد أن تمكنوا مع بداية الانقلاب من مغادرة صنعاء.
وتجري ترتيبات في عدن بشكل مكثف لانعقاد مجلس النواب اليمني (البرلمان) في عدن، خلال الفترة المقبلة، وذلك في ضوء التجهيزات التي تقوم بها حكومة الدكتور أحمد بن دغر، من خلال الإعداد لمكان الانعقاد المتوقع أن يكون في قاعة الاتحادية بمنطقة حقات قرب قصر معاشيق الرئاسي في عدن.
ويحمل اسم القاعة رمزية تشير إلى اليمن الاتحادي المنصوص عليه في مخرجات الحوار الوطني الشامل التي صدرت عام 2013، التي انقلب عليها الحوثيون وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وقال محمد مقبل الحميري، رئيس كتلة النواب المؤيدين للشرعية في البرلمان اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن «الترتيبات جارية على قدم وساق من أجل انعقاد مجلس النواب في العاصمة المؤقتة عدن، وقاعة المجلس بعدن على وشك أن تجهز لتحتضن اجتماعات البرلمانيين الذين سيقفون أمام جملة من القضايا الوطنية المهمة، وستلتحم السلطة التشريعية مع مؤسسة الرئاسة والسلطتين التنفيذية والقضائية بالعاصمة عدن».
ويتكون مجلس النواب اليمني (المعطل) من 301 عضو، وعقب التحركات السياسية للانقلابيين، العام الماضي في صنعاء، حاول الانقلابيون إحياء المجلس عبر عقد جلسات غير قانونية (بمن حضر من النواب)، وذلك لتمرير اتفاق قيام ما سمي بالمجلس السياسي الأعلى، الذي جاء صيغة للتحالف بين صالح والحوثيين، إضافة إلى منح الثقة لحكومة الانقلابيين، برئاسة الدكتور عبد العزيز بن حبتور، المقرب من الرئيس السابق صالح. وخلال الفترة الماضية لم يتمكن نواب الانقلاب من إيقاف نزيف مؤسسات الدولة، باستثناء عدد من الجلسات التي سخرت لحصول البرلمانيين الانقلابيين على امتيازات مالية، وفقاً للمراقبين.
ويشدد مراقبون تحدثت معهم «الشرق الأوسط» على أهمية انعقاد مجلس النواب في العاصمة المؤقتة عدن، في المرحلة الراهنة، خاصة في ظل التطورات العسكرية الجارية في تعز والساحل الغربي ومناطق مختلفة من البلاد.
المحلل السياسي، ياسين التميمي، يرى أن «الترتيبات الجارية لعقد اجتماع مرتقب للبرلمان اليمني في عدن، خطوة تأخرت ولكنها مهمة للغاية، وتستكمل خطوات استعادة مؤسسات الدولة وسلطاتها ومن أهمها بالتأكيد السلطة البرلمانية»، ويضيف أن الانقلابيين أعطوا «طيلة الفترة الماضية انطباعاً للعالم بأنهم يسيطرون على إحدى أهم ركائز الشرعية الحالية التي يعترف بها المجتمع الدولي، على الرغم من أنهم يوظفونها في تكريس نفوذهم غير الشرعي وتأسيس سلطة غير شرعية موازية في صنعاء»، مؤكدا أن «انعقاد البرلمان في عدن، سيضفى معنى لقرارات الرئيس التي قضت بنقل مجلس النواب إلى العاصمة المؤقتة في وقت سابق، والأهم من ذلك أنها ستجرد المجلس المنعقد في صنعاء من مشروعيته». ويشير التميمي إلى أن «المعركة السياسية، مع الانقلابيين، لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية، وأنا متفائل من إمكانية أن يحدث اجتماع كهذا فارقاً مهماً في إطار معركة استعادة الدولة التي تخوضها السلطة الشرعية بإسناد من التحالف العربي».
من جانبه، يرى باسم الشعبي، رئيس مركز مسارات للاستراتيجيات والإعلام، أن الأوضاع متهيئة لانعقاد مجلس النواب في العاصمة المؤقتة عدن، وبخصوص القضايا المطروحة للنقاش أو التي يمكن مناقشتها، في حال الانعقاد، يقول إن «من القضايا الرئيسية التي ينبغي مناقشتها هي الحسم العسكري ابتداء بدخول الحديدة، والسيطرة على الميناء، وصولا إلى دخول صنعاء»، إضافة إلى «القضية الثانية وهي الوضع الإنساني في اليمن، ووضع حلول سريعة وإنقاذية». أما «القضية الثالثة فهي قضية المرتبات والأجور لموظفي الدولة وتكمن في دفع مرتبات الموظفين في الجمهورية وتفعيل البنك المركزي والحركة الاقتصادية، ورابعاً، قضية الخدمات في العاصمة الاتحادية المؤقتة عدن ووضع حلول جذرية لمشكلة الطاقة وغيرها من مشاكل الخدمات». ويؤكد الشعبي أن المطلوب من أعضاء البرلمان المؤيدين للشرعية هو ألا يكون مجلس النواب «مجلسا ميتا، فالبلاد حبلى بالأحداث، وأمام الحكومة مهام وتحديات كثيرة، وعلى البرلمان أن يساعدها»، مشيرا إلى أن استئناف البرلمان لجلساته من عدن «يضيف كثيرا للشرعية، ويعزز من دور عدن كعاصمة، ويوجه ضربة كبيرة للانقلابيين».
وافتتح رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، مطلع الأسبوع الجاري، قاعة الاتحادية الواقعة في حي حقات، قرب المجمع الرئاسي في منطقة معاشيق، وتتوقع مصادر محلية أن تشهد الفترة المقبلة حالة من الاستقرار في عدن، بما يهيئ الأوضاع لعمل الحكومة للقيام بواجباتها في المناطق المحررة انطلاقاً من عدن، التي كانت قد شهدت، عقب استعادة السيطرة عليها من قبضة الانقلابيين، منتصف عام 2015، حوادث أمنية واغتيالات، غير أن وتيرة تلك الأحداث تراجعت بشكل كبير منذ منتصف العام الماضي.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تنديد أميركي ويمني بجرائم الحوثيين في قرية «حنكة آل مسعود»

جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)
جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)
TT

تنديد أميركي ويمني بجرائم الحوثيين في قرية «حنكة آل مسعود»

جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)
جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)

على وقع الحصار والهجوم العنيف الذي تشنه الجماعة الحوثية على قرية «حنكة آل مسعود» في محافظة البيضاء اليمنية، أدانت السفارة الأميركية لدى اليمن هذه الجرائم، بالتزامن مع إدانات حقوقية وحكومية واسعة.

وحسب مصادر محلية، عزز الحوثيون من قواتهم لاقتحام القرية المحاصرة منذ نحو أسبوع، مستخدمين مختلف الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة في مهاجمة منازل القرية، وسط مخاوف من «ارتكاب إبادة» في أوساط السكان، بخاصة مع قيام الجماعة، بقطع الاتصالات عن القرية.

وكان هجوم قوات الجماعة على القرية، الخميس الماضي، أدى إلى مقتل وإصابة 13 مدنياً، في حين زعم إعلام الجماعة، السبت، أن عملية الهجوم متواصلة، وأن أربعة من سكان القرية قتلوا عندما فجروا أحزمة ناسفة.

وفي بيان للسفارة الأميركية، السبت، أدانت «بشدة» الهجمات الحوثية التي تستهدف المدنيين الأبرياء في محافظة البيضاء، وقالت: «إن عمليات القتل والإصابات والاعتقالات غير المشروعة التي يرتكبها الإرهابيون الحوثيون بحق اليمنيين الأبرياء تحرم الشعب اليمني من السلام ومن المستقبل المشرق».

وعادة ما يشن الحوثيون عمليات تنكيل وقمع في محافظة البيضاء منذ احتلالها في 2014، في مسعى لإخضاع أبناء القبائل المختلفين مذهبياً، والسيطرة عليهم خوفاً من أي انتفاضة تنشأ في تلك المناطق، بخاصة في مناطق قبائل «قيفة».

115 منظمة

مع استمرار الهجمة الحوثية على القرية الواقعة في مديرية القريشية القريبة من مدينة رداع، أدانت 115 من منظمات المجتمع المدني هذه «الجريمة» بحق المدنيين والأعيان المدنية في قرية الحنكة، حيث قبيلة آل مسعود.

وقال بيان مشترك للمنظمات إن الميليشيات الحوثية قامت بمنع إسعاف المصابين، إلى جانب تدمير وإحراق عدد من الأعيان المدنية ودور العبادة وتشريد مئات الأسر بعد أيام من فرض الحصار الغاشم على أهالي القرية.

واتهم بيان المنظمات الجماعة الحوثية بقطع المياه والغذاء والأدوية عن سكان القرية، بالتزامن مع استمرار القصف بالطائرات المسيرة، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كارثي، خصوصاً بين الأطفال والنساء وكبار السن.

وقال البيان: «إن هذه الجرائم التي تشمل القتل العمد والحصار والتهجير القسري، واستهداف الأعيان المدنية ودور العبادة تأتي في سياق تصعيد عسكري من قِبل الحوثيين على مختلف الجبهات بالتزامن مع تدهور الأوضاع الإنسانية».

وطالبت منظمات المجتمع المدني في اليمن، الحوثيين، بفك الحصار الفوري، ووقف الاعتداءات العسكرية التي تستهدف المدنيين في المنطقة، كما دعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات.

هجوم وحشي

أدان معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، الهجوم الحوثي على القرية، ووصفه بـ«الوحشي»، وقال إنه «يظهر بوضوح بشاعة الجرائم التي ترتكبها الميليشيا ضد المدنيين الأبرياء، ويؤكد تعمدها إراقة الدماء، ونشر الخراب (...) دون أي اعتبار للقوانين الدولية وحقوق الإنسان».

وأوضح الوزير اليمني، في تصريح رسمي، أن الجماعة الحوثية أرسلت حملة ضخمة من عناصرها المدججين بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة، وقامت بشن هجوم على منازل وممتلكات المدنيين في القرية، إذ استخدمت قذائف الدبابات والمدفعية، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى أضرار كبيرة للمنازل والممتلكات الخاصة، وتدمير مسجد القرية.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وحسب الوزير اليمني، يأتي الهجوم الحوثي في وقت تعيش فيه المنطقة تحت حصار خانق منذ أكثر من أسبوع، في محاولة لحرمان الأهالي من احتياجاتهم الأساسية، مما يزيد من معاناتهم اليومية ويضاعف الأوضاع الإنسانية المزرية التي يعيشونها، في حلقة جديدة من مسلسل التنكيل المتواصل.

وأضاف بالقول: «هذا الهجوم المروع الذي استهدف منازل المواطنين والمساجد، وأدى إلى سقوط العديد من الضحايا، بينهم نساء وأطفال، وتدمير الممتلكات، ليس إلا انعكاساً لحقد ميليشيا الحوثي الدفين على أبناء البيضاء بشكل عام وقيفة رداع بشكل خاص، وكل من يقف ضد مشروعها الإمامي الكهنوتي العنصري المتخلف».

وأكد وزير الإعلام اليمني أن ما تعرضت له قرية «حنكة آل مسعود» يُظهر مرة أخرى كيف أن الميليشيا الحوثية لا تكترث بالقوانين الدولية، مشدداً على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، مسؤوليته في اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الهجمات الوحشية فوراً.