ميشيل أوباما تلقي الكلمة الأسبوعية لزوجها لتندد بخطف تلميذات نيجيريا

خبراء فرنسيون ينضمون لفرق البحث الغربية والجيش النيجيري يخصص فرقتين للعملية

السيدة الأميركية الأولى ميشيل أوباما أثناء إلقاء كلمة زوجها في واشنطن أمس والتي نددت فيها بخطف بوكو حرام للتلميذات النيجيريات (إ.ب.أ)
السيدة الأميركية الأولى ميشيل أوباما أثناء إلقاء كلمة زوجها في واشنطن أمس والتي نددت فيها بخطف بوكو حرام للتلميذات النيجيريات (إ.ب.أ)
TT

ميشيل أوباما تلقي الكلمة الأسبوعية لزوجها لتندد بخطف تلميذات نيجيريا

السيدة الأميركية الأولى ميشيل أوباما أثناء إلقاء كلمة زوجها في واشنطن أمس والتي نددت فيها بخطف بوكو حرام للتلميذات النيجيريات (إ.ب.أ)
السيدة الأميركية الأولى ميشيل أوباما أثناء إلقاء كلمة زوجها في واشنطن أمس والتي نددت فيها بخطف بوكو حرام للتلميذات النيجيريات (إ.ب.أ)

اتخذت سيدة أميركا الأولى ميشيل أوباما خطوة نادرة بإلقاء الكلمة الأسبوعية لزوجها الرئيس باراك أوباما عبر الراديو أمس لتعبر عن الغضب بسبب خطف نحو 200 تلميذة في نيجيريا الشهر الماضي.
وقالت أوباما في الكلمة «مثل ملايين الناس في أنحاء العالم أشعر أنا وزوجي بالغضب وانفطار القلب بسبب خطف أكثر من 200 فتاة نيجيرية من نزلهن المدرسية في وضح النهار».
وأضافت «هذا التصرف غير المعقول ارتكبته جماعة إرهابية مصممة على منع هؤلاء الفتيات من الحصول على تعليم.. رجال كبار يحاولون وأد طموحات فتيات صغيرات».
وقال الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان يوم الجمعة إنه «يعتقد أن الفتيات اللواتي خطفتهن جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة ما زلن في نيجيريا. ولم ينقلن إلى الكاميرون. وهذا أول مؤشر يقدمه الرئيس النيجيري عن مكان الفتيات المخطوفات».
وأضاف أن المهاجمين يتمركزون في منطقة سامبيسا في ولاية بورنو وهي معقل لجماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة قريب من المدرسة التي خطفت التلميذات منها. وتخشى الولايات المتحدة ومسؤولون محليون في شيبوك من أن تكون بوكو حرام قد نقلت الرهائن إلى تشاد أو الكاميرون لبيعهن هناك.
وحول الوضع دعا ممثل الأمم المتحدة الخاص في غرب أفريقيا سعيد جينيت كل المنطقة إلى تعزيز التعاون من أجل مواجهة الإرهاب ولو أنه يصيب نيجيريا وحدها. فهو آفة تهدد كامل المنطقة.
واقتحم مسلحون مدرسة ثانوية في قرية تشيبوك قرب حدود الكاميرون يوم 14 أبريل (نيسان) وخطفوا الفتيات اللواتي كن يؤدين الامتحان. وفرت 50 فتاة منذ ذلك الوقت لكن ما تزال أكثر من 200 في أيدي المتمردين.
وعرضت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي إرسال فريق من الخبراء إلى نيجيريا لدعم جهود الحكومة في التعامل مع المسألة والتي تواجه انتقادات بأنها لا ترقى لمستوى الحدث.
وقالت أوباما ما وقع في نيجيريا ليس حدثا معزولا. إنها قصة نراها كل يوم إذ تخاطر الفتيات في أنحاء العالم بأرواحهن للسعي من أجل طموحاتهن. وأوضحت أوباما وهي أم لابنتين أن التعليم أفضل فرصة لأي فتاة لتحقيق مستقبل مزدهر ليس فقط لها بل لأسرتها وبلادها. وأكدت أن ذلك ينطبق أيضا على الولايات المتحدة وقالت «آمل في أن تشكل قضية الفتيات النيجيريات مصدر إلهام للفتيات الأخريات والفتيان أيضا في هذا البلد».
ودعت إلى «الصلاة لعودة التلميذات النيجيريات سالمات». وتابعت «فلنظهر ولو القليل من شجاعتهن لنسعى إلى إعطاء كل فتاة في العالم إمكانية التعلم وهذا حقها».
وفي باريس أعلنت الرئاسة الفرنسية أن فريقا من الخبراء الفرنسيين المتخصصين في الاستخبارات «الإنسانية والتقنية» وصل أمس إلى نيجيريا للمشاركة في عمليات البحث عن أكثر من مائتي تلميذة مخطوفة لدى جماعة بوكو حرام الإسلامية.
وقالت أوساط الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لوكالة الصحافة الفرنسية إن «بعثة الخبراء الفرنسيين المتخصصين في الاستخبارات الإنسانية والتقنية، وكذلك في رصد الصور وتحليلها، وصلت إلى نيجيريا أمس، وإن البعثة سيجري تعزيزها عند الحاجة».
وأوضحت الرئاسة أن «هذه التعبئة للخبراء الفرنسيين المتخصصين في هذه المجالات تأتي تلبية للطلب الذي قدمه رئيس نيجيريا جودلاك جوناثان خلال اتصاله الهاتفي برئيس الجمهورية في السابع من مايو». بدورها، عرضت الصين تقاسم المعلومات التي تحصل عليها أجهزة استخباراتها وأقمارها الصناعية. ووصل خبراء بريطانيون وأميركيون إلى نيجيريا للمشاركة في عملية البحث عن الرهائن، بحسب السفارة الأميركية.
وكان مسؤولون أميركيون أعلنوا أن واشنطن سترسل فريقا عسكريا يضم عشرة عسكريين وخبراء من وزارتي الخارجية والعدل وعناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف.بي.آي).
ويضم الفريق البريطاني دبلوماسيين وخبراء من وزارة الدفاع. وأضاف البيان أن «الفريق لن يأخذ في الاعتبار الحوادث الأخيرة فحسب بل أيضا الحلول من أجل مكافحة الإرهاب على المدى البعيد لمنع حصول هذه الهجمات في المستقبل وللتغلب على بوكو حرام». وأعلن الأمين العام للإنتربول رونالد نوبل أن المنظمة مستعدة لتقديم أي مساعدة تطلبها السلطات النيجيرية.
وفي تطور جديد كلف الجيش النيجيري فرقتين بالمشاركة في البحث عن التلميذات المخطوفات، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريس أولوكولادي أن الجنود تمركزوا في المناطق الحدودية مع تشاد والكاميرون والنيجر للتعاون مع أجهزة الأمن الأخرى.
ووجهت لحكومة الرئيس جودلاك جوناثان أول من أمس انتقادات لبطء تحركها منذ أن اقتحم مسلحون مدرسة ثانوية في قرية تشيبوك قرب حدود الكاميرون يوم 14 أبريل (نيسان) وخطفوا الفتيات.
وقال أولوكولادي في بيان إنه «تم تخصيص مرافق الإشارة للجيش النيجيري وكذلك مرافق اتصالات الشرطة وجميع الأجهزة لتنسيق عملية البحث».
وأضاف يظل التحدي الرئيس هو اتضاح أن بعض المعلومات التي قدمت كانت مضللة.. لكن ذلك لن يثنينا عن الجهود التعاونية المستمرة.
وتابع أن «القوات الجوية قامت بأكثر من 250 طلعة وتشارك أيضا وحدة من سلاح الإشارة والشرطة إضافة إلى قوة مهام متعددة الجنسيات وجرى نشر أجهزة استطلاع لدعم عشر فرق تقوم بأعمال البحث». وسلط الغضب العالمي تجاه عملية الخطف الضوء على خطر المتشددين وعلى الضعف المؤسسي الذي تعاني منه الحكومة والجيش بعد أن احتل الاقتصاد النيجيري مكان اقتصاد جنوب أفريقيا كأكبر اقتصاد في القارة الأفريقية. وهدد زعيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو في وقت سابق هذا الشهر ببيع الفتيات في السوق.
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان استنادا إلى عدة مقابلات مع مصادر أنه جرى تحذير قوات الأمن قبل أكثر من أربع ساعات من الهجوم على المدرسة لكنها لم تبذل جهودا كافية لمنعه. وانتقد أولوكولادي هذا التقرير قائلا إنه بلا أساس.
ودان مجلس الأمن الدولي الجمعة بشدة خطف التلميذات والمجزرة التي ارتكبت الاثنين في غاميورو نغالا (شمال شرق).
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان إن «شهادات قاسية جمعتها تكشف أن قوات الأمن النيجيرية لم تتحرك على إثر تحذيرات تلقتها بشأن هجوم مسلح محتمل لبوكو حرام ضد المدرسة الداخلية الحكومية في شيلبوك والذي أدى إلى عملية الخطف هذه».
وأكدت منظمة العفو في بيانها أنها «تلقت التأكيد بأن المقر العام للجيش في مايدوغوري تبلغ بهجوم وشيك بعيد الساعة 19:00 (18:00 ت غ) في 14 أبريل، أي قبل نحو أربع ساعات من شن بوكو حرام هجومها» في مدينة شيبوك في ولاية بورنو (شمال شرق).
لكن الجيش لم يتمكن من جمع القوات الضرورية لوقف هذا الهجوم «بسبب الإمكانات الضعيفة التي لديه وخشية مواجهة مجموعات مسلحة (إسلامية) أفضل تجهيزا في غالب الأحيان»، بحسب منظمة العفو الدولية.
وقد تمكن المهاجمون من تخطي الـ17 جنديا المتمركزين في شيلبوك والذين اضطروا للقتال وهم ينسحبون، بحسب منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان ومقرها لندن.
ومساء الجمعة أصدر الجنرال أولوكولادي بيانا أكد فيه أن القوات المتمركزة في مايدوغوري لم تتبلغ بأمر الهجوم على شيبوك إلا عند وقوعه وقد «وقعت في كمين نصبه الإرهابيون» على الطريق المؤدي إلى شيبوك الواقعة على بعد 120 كلم من مايدوغوري.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.