كردستان تعتبر وجود المالكي «مشكلة للعراق» بعد انتقاداته لبارزاني

حكومة بغداد تتجاهل هجوماً مبطناً على العبادي

كردستان تعتبر وجود المالكي «مشكلة للعراق» بعد انتقاداته لبارزاني
TT

كردستان تعتبر وجود المالكي «مشكلة للعراق» بعد انتقاداته لبارزاني

كردستان تعتبر وجود المالكي «مشكلة للعراق» بعد انتقاداته لبارزاني

اشتعلت التصريحات العدائية مجدداً بين نائب الرئيس العراقي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وحكومة إقليم كردستان، على خلفية انتقادات خلال لقاء صحافي وجهها المالكي إلى رئيس الإقليم مسعود بارزاني. وهذه ليست المرة الأولى التي يتناول فيها الطرفان الانتقادات والاتهامات المتبادلة، إلا أن مراقبين يذهبون إلى أنها تأتي في سياق ضغوط يمارسها المالكي وبعض أجنحة «الحشد الشعبي» المرتبطة به والقريبة منه، على بارزاني للتأثير على مواقفه في مرحلة ما بعد تحرير الموصل والمدن المتنازع عليها في نينوى عموماً، إلى جانب قضية الاستقلال التي يلوح بها بارزاني.
وفي حين اتهم المالكي سياسات غريمه بارزاني بـ«العنف والتفرد» داخل الإقليم، رد الإقليم على المالكي ببيان شديد اللهجة قال فيه: «المفروض أن تنتهي حياتك السياسية، أو على الأقل أن تتوارى عن أنظار العراقيين».
وجاءت انتقادات المالكي لبارزاني في تصريحات صحافية، أول من أمس، قال فيها إن سياسات بارزاني الداخلية «تتسم بالعنف، والتفرد، وتفتقر إلى أي غطاء شرعي. يحكم كردستان على طريقة شيوخ العشائر الكردية سابقاً والآغاوات». وعدّ أن التلويح بالانفصال «قضية للاستهلاك المحلي». واتهم بارزاني بالسعي إلى «اقتطاع أجزاء من سوريا وإيران والعراق وتركيا» لتشكيل دولة كردية... «والاعتماد على إسرائيل» فقط في مسعاه للانفصال. وجاء رد حكومة إقليم كردستان على لسان المتحدث الرسمي باسمها أوميد صباح، في بيان نشر على الموقع الرسمي لرئاسة الإقليم؛ إذ قال إن المالكي «تجاوز من دون أي حق على مطالب شعب كردستان وحقوقه، وأطلق الكثير من التصريحات والكلام غير المقبول بحق رئيس الإقليم». وأضاف أن «المالكي اعتاد أن يسخِّر عداءه لشعب كردستان للدعاية الانتخابية»، لافتاً إلى أنه «رغم كل محاولاته آليائسة، فإن المالكي ومن يسير خلفه ومن يصدق كلامه وتصريحاته، لا يشكلون أي محل للاهتمام لدينا، ولا تشكل تصريحاتهم وآراؤهم أي قيمة بالنسبة إلينا».
واستغرب الناطق باسم الإقليم أن «شخصاً شكّل بوجوده أكبر مشكلة للعراق، وكان مصدراً للفشل والمصائب التي تعرض لها هذا البلد، وساهم في انتشار الإرهاب واستشرائه، لا ينتابه الخجل والاستحياء من مجرد الظهور والكلام»، عادّاً أن على المالكي «الذي ساهم في تخريب العراق» أن «ينهي حياته السياسية أو على الأقل أن يخفي نفسه ويتوارى عن أنظار العراقيين». وأشار إلى أن «المالكي هو من وضع العراق على رأس قائمة أكثر دول العالم فساداً، وهو من دعم السرقة وانعدام الشفافية في البلد، وهو من رمى العراق إلى أتون نيران الطائفية». واتهمه بـ«عدم الوفاء بالعهد» وبأنه «بعيد كل البعد عن مبادئ النخوة والأصالة والإنسانية كافة، فكيف يمكن أن يتم منحه فرصة أخرى ليحكم العراق؟».
وتفيد أنباء واردة من الإقليم بانشغال المواطنين هناك بالتصعيد الإعلامي بين بغداد وأربيل والمخاوف الناجمة عن احتمال الصدام بين قوات «الحشد الشعبي» القريبة من المالكي وقوات البيشمركة الكردية في مناطق التماس بينهما في محافظة نينوى. ولم يكتف المالكي بتوجيه الانتقادات إلى بارزاني؛ إذ وجه في تصريحاته انتقادات مبطنة إلى رفيقه في حزب «الدعوة» رئيس الوزراء حيدر العبادي، واتهمه بـ«الضعف» والتغاضي عن الفساد، لكن حكومة العبادي لم تصدر أي رد.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.