المعارضة السورية تتصدى لـ«الهلال الإيراني»... ومقاتلات روسية توقف تقدمها

حصلت على أسلحة نوعية وبدأت هجومها من دون إسناد جوي

صورة من فيديو وزعته وزارة الدفاع الروسية أمس لقصف تدمر بصاروخ «كاليبر» من البحر المتوسط (إ.ب.أ)
صورة من فيديو وزعته وزارة الدفاع الروسية أمس لقصف تدمر بصاروخ «كاليبر» من البحر المتوسط (إ.ب.أ)
TT

المعارضة السورية تتصدى لـ«الهلال الإيراني»... ومقاتلات روسية توقف تقدمها

صورة من فيديو وزعته وزارة الدفاع الروسية أمس لقصف تدمر بصاروخ «كاليبر» من البحر المتوسط (إ.ب.أ)
صورة من فيديو وزعته وزارة الدفاع الروسية أمس لقصف تدمر بصاروخ «كاليبر» من البحر المتوسط (إ.ب.أ)

قالت فصائل مسلحة تابعة للجيش السوري الحر المدعوم من الغرب، أمس، إن طائرات روسية مقاتلة هاجمتها لدى محاولتها التقدم في مواجهة مقاتلين مدعومين من إيران في منطقة صحراوية في جنوب شرقي سوريا، بعد أن أطلقت فصائل معارضة في الجنوب معركة «الأرض لنا» لقطع طريق «الهلال الإيراني» من تحقيق تقدم في البادية السورية، في ظل استمرار الحشود التي تستقدمها قوات النظام، وسعيها للسيطرة على طريق دمشق - بغداد، بهدف تأمين ممر بري لطهران إلى «البحر المتوسط» بحسب معارضين سوريين.
وقالت الفصائل إن 6 مقاتلات قصفت مواقعها أثناء تحركها صوب حاجز ظاظا قرب بلدة السبع بيار الصغيرة القريبة من الطريق السريع الواصل بين دمشق وبغداد والحدود مع العراق والأردن، وإن الطائرات روسية لأنها كانت تحلق في تشكيلات، وعلى ارتفاع أعلى من الطائرات السورية.
وأصبحت المنطقة الصحراوية في جنوب شرقي سوريا المعروفة بالبادية جبهة قتال مهمة في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا بين الرئيس بشار الأسد المدعوم من إيران ومقاتلين شيعة ومعارضين يسعون للإطاحة به. ويتنافس الطرفان على انتزاع السيطرة على أراضٍ يسيطر عليها تنظيم داعش، الذي يتراجع مع تعرضه لهجمات مكثفة في العراق، وعلى امتداد حوض نهر الفرات في سوريا.
وقال المسؤول الإعلامي في «أسود الشرقية» سعد الحاج إن أياً من مقاتليه لم يقتل في الغارة. وقال سيد سيف وهو مسؤول آخر من الجيش السوري الحر من فصيل «الشهيد أحمد عبدو» إن «الطائرات الروسية قصفت قوات المعارضة عندما بدأت اجتياح دفاعات المقاتلين المتحالفين مع قوات النظام».
وتمكّنت معركة «الأرض لنا» التي أطلقتها فصائل معارضة في الجنوب لقطع طريق «الهلال الإيراني» من تحقيق تقدم في البادية السورية، في ظل استمرار الحشود التي تستقدمها قوات النظام، وسعيها للسيطرة على طريق دمشق - بغداد، بهدف تأمين ممر بري لطهران إلى «البحر المتوسط» بحسب معارضين سوريين.
وبعد ساعات على إعلان البنتاغون عن تواجد الميليشيات المدعومة من قبل إيران والمساندة للنظام السوري قرب منطقة التنف الحدودية مع العراق والأردن جنوب سوريا، ما يهدد قوات التحالف الدولي الموجدة في المنطقة لقصف تنظيم داعش، أعلن كل من «جيش أسود الشرقية» و«قوات الشهيد أحمد العبدو» الفصيلين المعارضين، عن تمكنهما من كسر الخطوط الدفاعية الأولى للميليشيات الإيرانية والسيطرة على عدة نقاط بالقرب من حاجز ظاظا والسبع بيار، بينما كان لافتا غياب الدعم الجوي لهما. وقال فصيل «أسود الشرقية» إن «سيارات محملة بالقتلى والجرحى انسحبت باتجاه مطار السين وسط تصاعد ألسنة اللهب داخل معاقل النظام والميليشيات بعد استهدافهم بالراجمات وقذائف المدفعية، بينما شنّ الطيران الروسي غارات جوية على نقاط الاشتباكات، ومناطق سيطرة الجيش الحر، في محاولة منه لوقف تقدم الثوار ومساندة الميليشيات الشيعية».
وقال أبو برزان أردني، نائب قائد «أسود الشرقية»، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعمل كل ما بوسعنا لمنع النظام من فتح طريق دمشق - بغداد، ولدينا إمكانية لتحقيق ذلك، ولكن في ظل الدعم الروسي له قد تكون قدرتنا مؤقتة، لذا لا نزال نعوّل على أن يتغير الموقف الدولي والموقف الأميركي بشكل خاص». واعتبر أن النظام لا يستطيع حماية كل البادية السورية التي تعتبر واسعة وتستنزف كل جيشه، كما أن انتشاره الآن يمكننا من استهدافه في مواقع كثيرة ويسهل علينا مهمات اقتحامه».
وأوضح المسؤول الإعلامي في «أسود الشرقية» سعد الحاج لـ«الشرق الأوسط»، أن المعركة المدعومة من «غرفة الموك» التي ترأسها الولايات المتحدة وتشكل فرنسا وبريطانيا أبرز أعضائها، إضافة إلى الأردن، يهدف إلى طرد قوات النظام والميليشيات الإيرانية من البادية السورية، واستعادة المناطق التي سيطر عليها النظام في المرحلة الأخيرة، وهي تتركز حاليا على طول أتوستراد دمشق - بغداد، بدءاً من شرق مطار السين بريف دمشق وصولاً للقرب من معبر التنف الحدودي مع العراق والأردن، ومن محور ريف السويداء الشرقي جنوباً في منطقة الزلف والصفا وقرى ريف السويداء الشرقي، وصولا لأطراف العليانية باتجاه دير الزور شرقاً».
وفي حين أكّدت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» حصول الفصائل المقاتلة في جبهة البادية على أسلحة نوعية جديدة دعما لمعركتها، قال الناطق باسم الجبهة الجنوبية الرائد عصام الريس، إن «النظام وإيران يريدان تأمين ممرّ إيراني عبر البادية السورية وصولاً للبحر المتوسط، ولكن الجيش الحر مستمر في منع الميليشيات ولن يسمح لقوات طهران من تحقيق هذا الهدف، من دون أن ينفي صعوبة المعركة». واعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام يحاول السيطرة على المنطقة ووضع قواته بين الجيش الحر و«داعش»، محاولاً منع الأول من التقدم على التنظيم أكثر وفرض نفسه كشريك في محاربة الإرهاب، «خاصة بعد أن قامت هذه الفصائل بالسيطرة على أكثر من عشرة آلاف كم مربع من (داعش) أخيراً». وهو ما يشير إليه أيضاً، المعارض أحمد أبا زيد، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «المعركة تهدف إلى استعادة المناطق التي تقدم إليها النظام في البادية السورية، وحصره عند حاجز الظاظا، بعدما حاول مواجهة المشروع الأميركي بفتح معركة دير الزور، لكن في حال أصرّ النظام على التقدم أكثر، قد تتوسّع المعركة إلى مناطق أخرى كمطار السين».
من جهته، يقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إن «معركة البادية السورية التي أطلقتها الفصائل أمس، تبدو هجوماً بتخطيط من الفصائل من دون تدخل من داعميها، إذ لم يسجّل إسناد جوي لها من قبل الطائرات الأميركية أو الغربية». واعتبر أن «المعركة لم تحقق نتائج واضحة إلى الآن، وقد تكون تحصينات النظام في المنطقة قادرة على صد الهجوم، أو أن قوة الفصائل ليست الكافية لطرد قوات النظام من هذه المنطقة».
وكان مقاتلون معارضون قالوا إن المساعدات العسكرية زادت عبر قناتين منفصلتين، هما برنامج تدعمه وكالة المخابرات المركزية الأميركية ودول بالمنطقة، منها الأردن، ويعرف باسم غرفة عمليات الموك، وآخر تديره وزارة الدفاع الأميركية. وقال طلاس السلامة، قائد جيش أسود الشرقية، لـ«وكالة رويترز»: «تمت زيادة للدعم»، مضيفاً: «مستحيل أن ندعهم لكي يفتحوا هذا الطريق» بين بغداد ودمشق.
وقال قائد في جماعة «مغاوير الثورة» المدعومة من البنتاغون للوكالة نفسها: «الأسلحة تتدفق بانتظام على قاعدته قرب الحدود العراقية منذ أن بدأت قوات النظام بالانتشار هذا الشهر. العتاد والتعزيزات تأتي يومياً لكن في الأسابيع القليلة الماضية جاء المزيد من المركبات العسكرية الثقيلة وصواريخ تاو والعربات المدرعة». وأشار إلى أن جهود تجنيد وتدريب مقاتلين محليين من دير الزور تسارعت في قاعدتهم بالتنف على الطريق السريع على مسافة نحو 20 كيلومتراً من الحدود العراقية.
في المقابل قال الكولونيل ريان ديلون المتحدث باسم التحالف الدولي: «قوات التحالف مستعدة للدفاع عن نفسها إذا رفضت القوات الموالية للنظام إخلاء منطقة عدم اشتباك حول التنف»، مضيفا: «تحركات القوات الموالية للنظام واستمرار الوجود المسلح للقوات داخل المنطقة غير مقبول ويهدد قوات التحالف».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».