«بوسطجي السعادة»... مبادرة لنشر الأمل والبهجة في الإسكندرية

يوزع مندوبوها الفوانيس والبالونات ورسائل مرحة للصغار والكبار

فريق بوسطجي السعادة يسعى لبث الأمل والبهجة
فريق بوسطجي السعادة يسعى لبث الأمل والبهجة
TT

«بوسطجي السعادة»... مبادرة لنشر الأمل والبهجة في الإسكندرية

فريق بوسطجي السعادة يسعى لبث الأمل والبهجة
فريق بوسطجي السعادة يسعى لبث الأمل والبهجة

«ما تخليش الانتظار عادة... خللي السعادة عادة»، «اضحك للدنيا تضحك لك»، «عيش الحياة دلوقتي مش بعدين»... رسائل ستحصل عليها إذا تصادف وأنك تسير على كورنيش الإسكندرية؛ لأنك ستكون على موعد مع «بوسطجي السعادة»؛ الفكرة التي انتقلت من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع.
هم مجموعة من الشباب بملابس مهرجين وقمصان صفراء مبهجة عليها وجوه مبتسمة، يظهرون على أنغام أغاني مرحة، يوزعون الفوانيس وإمساكيات رمضان وبالونات و«غزل البنات» والسكاكر والحلوى على الأطفال ويوزعون رسائل ملونة بها كلمات تحث على السعادة لكبار السن. أصبحوا مبعوثي المرح والسعادة في الإسكندرية والمحافظات المجاورة لها، وفي شهر رمضان الكريم يسعون لتوزيع 5 آلاف وجبة إفطار للمحتاجين؛ سعياً منهم لإدخال السعادة على القلوب.
«بوسطجي السعادة» فكرة بدأها الشاب السكندري عمرو الجندي مع مجموعة من أصدقائه، بدأت بإرسال رسالة مبهجة منه على هواتفهم الجوالة ثم تطورت لتصبح صفحة على «فيسبوك» تنشر رسائل السعادة على نطاق أوسع. وتشرح لنا رنا طارق، التي تنتسب لـ«بوسطجي السعادة» كواحدة من المسؤولين عن تنظيم فعاليات السعادة كيف بدأت الفكرة والهدف منها، موضحة: «في البداية كان الناس ينتابهم القلق والتوجس حينما نقترب منهم ونطلب منهم فتح صندوق الرسائل، لأننا كنا نرتدي ملابسنا العادية. مع الوقت فكرنا في ارتداء قميص موحد عليه شعار بوسطجي السعادة، وحاليا أصبح لنا جمهور ينتظر فعاليتنا على (فيسبوك) نلتقي معا ونمرح، ثم نقيم ما قمنا به خلال اليوم، وفي كل مرة نخرج فيها إلى الشارع ونرى فرحة الناس وسعادتهم بوجودنا نجتمع لنفكر كيف نسعدهم في المرات القادمة؟».
يتكون فريق «بوسطجي السعادة» من نحو 20 شابا وشابة تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 30 سنة، وانضم إليهم طفلتان بعمر 6 سنوات و4 سنوات، يجوبون شوارع المدينة الساحلية لتحقيق غايتهم في نشر السعادة. وتشير طارق: «خلال الشهرين الماضيين نظمنا 10 فعاليات نقوم بجمع نفقاتها بتمويل ذاتي من مدخراتنا الخاصة، واستطعنا أن نوزع 1200 فانوس و1000 إمساكية و2500 رسالة».
تقول طارق: «أكثر ما يسعدنا هو الدعوات الصادقة التي يدعو بها لنا كبار السن، وسعادة الأطفال بالبالونات والحلوى تمدنا بالأمل وتدفعنا للمزيد». وتتذكر عن أكثر المواقف الإنسانية التي واجهتها: «أثناء توزيع الفوانيس قابلنا فتاة، قالت لي: «هذا أول فانوس أحصل عليه منذ سنوات، يومي كان في غاية السوء، لقد أدخلتم السعادة إلى قلبي» وطلبت منى أن أحتضنها وشعرت بالفعل بقيمة ما نفعله.
يزور «بوسطجي السعادة» مستشفيات ودور أيتام ومراكز لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة لإدخال البهجة والسرور عليهم، بل ويحاول جمع التبرعات لهم. ومؤخراً، توسع الفريق وقاموا بزيارة مراكز ريفية قريبة من محافظة الإسكندرية التي لا تصلها وسائل الترفيه، وقاموا بزيارة جريئة لواحة سيوة المنعزلة وقدموا لأهل الواحة عروضاً ترفيهية ووزعوا البالونات والحلوى والرسائل المبهجة. وعن تلك التجربة، قالت طارق: «في البداية حذرنا البعض من الاحتكاك بأهل الواحة أو احتمال رفضهم لوجودنا، لكننا وجدنا منهم حسن الاستقبال، ونجحنا في إدخال السعادة على الصغار والكبار، من خلال احتفال صغير أمام أكبر مسجد بالواحة، وشعرنا فعلا بحاجة الأطفال لأجواء ترفيهية».
وتشير إلى أن كثيراً من الجهات أعجبتهم الفكرة وتحمسوا لها ومنهم مستشفى علاج سرطان الأطفال «75375»، حيث طلب أحد الأطباء بها أن يقوم «بوسطجي السعادة» بزيارة الأطفال للترفيه عنهم، وتقول: «نرغب فعلا في التوسع وزيارة باقي المحافظات المصرية، وقد وصلتنا رسائل من أسوان وحاليا نسعى لتعم الفكرة أرجاء مصر».
فريق «بوسطجي السعادة» لديهم طموح لكي يصبحوا مؤسسة خيرية لا تسعى للربح، غايتها وهدفها الوحيد هو أن تكون السعادة حقا مكفولا للجميع. يتلقى الفريق دعما كبيرا من أعضاء «فيسبوك» و«تويتر» الراغبين في الانضمام إليهم، إلا أن رنا طارق تشير تقول: «لا نود أن نتوسع في عدد الأعضاء حاليا فقط حتى نضع أسسا لمؤسستنا الخيرية، وحتى لا نخضع لشروط الممولين، أو نقع في فخ الدعاية لهم دون تقديم (السعادة) الحقيقية للمجتمع».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».