فاطمة الزهراء الفيلالي... تُبدع قفاطين بنكهة صحراوية مغربية

المصممة فاطمة الزهراء الفيلالي - قفطان بألوان الباستيل الهادئة مع تطريزات خفيفة - قفطان من قماش المخمل باللون الأزرق النيلي مطرز بخيوط ذهبية
المصممة فاطمة الزهراء الفيلالي - قفطان بألوان الباستيل الهادئة مع تطريزات خفيفة - قفطان من قماش المخمل باللون الأزرق النيلي مطرز بخيوط ذهبية
TT

فاطمة الزهراء الفيلالي... تُبدع قفاطين بنكهة صحراوية مغربية

المصممة فاطمة الزهراء الفيلالي - قفطان بألوان الباستيل الهادئة مع تطريزات خفيفة - قفطان من قماش المخمل باللون الأزرق النيلي مطرز بخيوط ذهبية
المصممة فاطمة الزهراء الفيلالي - قفطان بألوان الباستيل الهادئة مع تطريزات خفيفة - قفطان من قماش المخمل باللون الأزرق النيلي مطرز بخيوط ذهبية

رغم عدد المصممين الذين تخصصوا وبرعوا في تقديم القفطان المغربي ورغم المنافسة الشديدة بينهم على جذب الاهتمام والزبونات، استطاعت فاطمة الزهراء الفيلالي أن تثبت موهبتها وتظهر تفردها. فتصاميمها مبتكرة تحمل لمسات مُشبعة بأصولها الصحراوية، كما تشي بحبها للبحث الدائم عن الجديد.
لم يأتِ حبها للتصميم والأزياء صدفة، فقد ورثته عن والدتها التي كانت تعمل في مجال التطريز المغربي وتُتقن كل أنواعه، من الفاسي والرباطي إلى التطواني (نسبة للمدن التي ينتمي إليها). تقول المصممة الشابة إن ورشة والدتها كانت تشكل بالنسبة لها عالماً ساحراً كلما كانت تدخلها وهي طفلة. وتتذكر أن ألوان الأقمشة وزخارف التطريزات كانت الخيوط التي شدتها إلى هذا العالم.
كانت الانطلاقة الأولى من خلال محاولات هنا وهناك غالباً من طلب من قريباتها وصديقاتها. كان إعجابهن ورضاهن عن كل ما تقدمه لهن يشجعها على الاستمرار. ورغم أنه كان بودها أن تمتهنه قبل انطلاقتها الحقيقية بسنوات، إلا أن والدها وقف لها بالمرصاد وأصر أن تُكمل دراستها أولاً في مجال التدبير والتواصل حتى تضمن مستقبلها. لم تنفع كل محاولاتها لثنيه عن إصراره ولم يكن أمامها حل سوى الانصياع لرغبته. لكنها بمجرد حصولها على شهادة النجاح والتخرج حتى داعبها حلمها القديم بأن تصبح مصممة أزياء، وتجلى أمامها عُشقها الأول: القفطان المغربي. لم يكن إقناع والدها بالدراسة من جديد صعباً هذه المرة، إذ بارك خطوتها. إلى جانب دراسة فن التصميم تخصصت في الأقمشة، وهو ما كان له تأثير كبير على أسلوبها، من ناحية أنه ساعدها على فهم تفاصيل قد تكون غائبة عن غيرها، بدليل أن الكل يشهد بقدرتها على مزج الأقمشة المتناقضة والمتنوعة لتشكل لوحة فنية متناغمة.
فاطمة الزهراء الفيلالي اسم معروف حالياً في الساحة المغربية كمصممة لها بصمتها وأسلوبها، مما أهلها لإنشاء علامة خاصة بها تحت اسم «السلطانة». لكنها تقول إن أحلامها لا تقف عند هذا الحد، فطموحاتها أكبر بكثير، على رأسها أن تصل بتصاميمها إلى العواصم الأوروبية والعالمية. اللافت فيها أنها لا تؤمن بالمستحيل، وهو ما تؤكده بقولها إن كل شيء يهون عندما يكون هناك شغف وخيال. وهذان عنصران لا تفتقد إليهما أبداً، فكل شيء من حولها يُلهمها ويغذي خيالها كما تقول. أحياناً تستلهم من لوحة من الفن الكلاسيكي وأحياناً من مجرد قطعة ديكور تشد نظرها. مثلاً أثارت إعجابها مرة ثريا ضخمة في المسجد الأزرق بإسطنبول، الأمر الذي نتجت عنه تطريزات وزخرفات زينت قفاطين لقيت نجاحاً كبيراً. ومرة أخرى صاغت هذه التطريزات من وحي الحناء ومرات كثيرة من الأشكال الهندسية الشائعة في الصحراء المغربية. فهي لا تنكر أن ارتباطها بأصولها الصحراوية مستمر ولا تزال تغرف من ثقافتها وألوانها الشيء الكثير. وبالفعل، فكل ما تقدمه يؤكد أنها ترتاح لهذه الثقافة. فهي ميدان تعرف كل خباياه وتفاصيله.
تُعلق أنها لا تحب أن تحصر نفسها في خانة واحدة، فالثقافة الصحراوية ما هي سوى وجه واحد للوجوه المتعددة للثقافة المغربية ككل، لا سيما فيما يتعلق بالقفطان، الذي انتقل بين أرجاء المغرب وأخذ عبر تاريخه الطويل من كل منطقة ميزة تُضاف إليه. ومع ذلك، فإن الألوان التي تفضلها هي تلك الدارجة في الوسط الصحراوي، مثل الذهبي بكل تدرجاته، كونه يحيل على لون الرمل في أوقات مختلفة من اليوم. هناك أيضاً اللون الأزرق المستوحى من الأوشحة التي يستعملها الرجال في الصحراء، ويسمى «الفروال»، والأحمر الذي يحضر بقوة في الزخارف الصحراوية إلى جانب الأسود الذي يرتبط بزي العروس، بالإضافة إلى الأشكال الهندسية التي يزخر بها الموروث الصحراوي القديم. وهي أشكال تغلب عليها خطوط متوازية ومثلثات ومكعبات تستعمل في نقش الحناء، كما في الديكورات المنزلية مثل الوسائد الصحراوية المصنوعة من الجلد والخيام والأواني وغيرها.
وبما أن غنى هذه الثقافة لا يمكن اختصاره في قطعة واحدة، حسب رأي فاطمة الزهراء، فإنها تحرص أن تحضر في كل تشكيلاتها وتُميزها، الأمر الذي جعل تصاميمها بمثابة قراءة في هذه الثقافة بالنسبة للبعض، رغم أنها بعيدة كل البعد عن الفولكلوري، بل العكس تماماً، هي غنية بعناصر عصرية تقول إنها تستمدها من القصات على وجه الخصوص. صحيح أنها تحترم تاريخ القفطان الطويل وأصالته ولا تتلاعب بأساسياته، بدليل أنها لا تُلغي القصات الكلاسيكية «المخزنية»، إلا أنها تفضل قصات فساتين السهرة والمساء، كونها تضفي على المرأة رشاقة وتسلط الضوء على جمالها أكثر. حالياً تعكف الفيلالي على تصميم تشكيلة خاصة بشهر رمضان، تقول إنها ستكون متنوعة تشمل القفطان والجلابية والعباية والكندورة، حتى تلبي حاجة المرأة من النهار إلى المساء، وما إن تنتهي منها حتى تبدأ في تصميم تشكيلة خاصة بالعرائس لصيف 2017.



5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.