قطاع المقاولات السعودي يسعى لمواجهة ضعف التدفقات المالية

توقعات بنموه بنسبة 6 % وزيادة المحتوى المحلي

يتوقع أن تتمكن السعودية من التفوق على الإمارات في 2020 كأضخم سوق بناء في الشرق الأوسط
يتوقع أن تتمكن السعودية من التفوق على الإمارات في 2020 كأضخم سوق بناء في الشرق الأوسط
TT

قطاع المقاولات السعودي يسعى لمواجهة ضعف التدفقات المالية

يتوقع أن تتمكن السعودية من التفوق على الإمارات في 2020 كأضخم سوق بناء في الشرق الأوسط
يتوقع أن تتمكن السعودية من التفوق على الإمارات في 2020 كأضخم سوق بناء في الشرق الأوسط

يسعى قطاع المقاولات السعودي، إلى إيجاد حلول لمواجهة ضعف التدفقات المالية وزيادة مطالبات الموردين، في وقت رجّح فيه اقتصاديون زيادة وتيرة نمو القطاع خلال العام الحالي، مع استمرار الإنفاق على المشروعات التنموية المتعلقة بالبنى التحتية، متوقعين مساهمته الإيجابية في نمو القطاع على مستوى الشرق الأوسط بنسبة 6 في المائة عام 2017.
وأوضح المهندس صالح الهبدان رئيس لجنة المقاولين بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، أن اللجنة تسعى إلى توعية وتهيئة المقاولين للاضطلاع بدورهم خلال المرحلة المستقبلية، من أجل العمل على رفع الجاهزية لدى شركات المقاولات المحلية، بما يحقق أهداف الحكومة لزيادة ودعم المحتوى المحلي وفقاً لـ«الرؤية السعودية 2030».
وأضاف أن اجتماع اللجنة الخامس استعرض الشكاوى والمقترحات التي وصلتها من بعض منتسبي القطاع، ومن أهمها معاناة عدد من شركات المقاولات من ازدياد المطالبات عليهم من قبل الموردين ومقاولي الباطن رغم ضعف التدفقات المالية.
وقال الهبدان: «رأت اللجنة وجوب التدخل لطرح حلول تتجاوز تلك العقبات، وذلك من خلال تكليف فريق عمل لإعداد المقترحات ومناقشتها مع المعنيين في الجهات الحكومية ذات العلاقة، مع الأخذ بالاعتبار الملاحظات والتوجيهات لاستمرار العمل على تحقيق أهداف المبادرات التي أقرّتها اللجنة مؤخراً».
إلى ذلك، قال الباحث الاقتصادي الدكتور عبد الحليم محيسن، لـ«الشرق الأوسط»: «من المتوقع أن تزدهر سوق البناء والمشروعات في السعودية خلال العام الحالي بوتيرة أسرع من العام الماضي، في ظل السياسات الاقتصادية والمالية المحفزة التي تتناغم مع (الرؤية 2030) و(برنامج التحوّل الوطني)».
وأكد الدكتور عبد الرحمن باعشن، رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية في جازان بالسعودية، لـ«الشرق الأوسط»، أن سياسة التنوع الاقتصادي، تجعل قطاع المقاولات شريكاً أساسياً، كونه المستفيد من هذه السياسات، مشيراً إلى رفع حجم المشروعات في المملكة 28 في المائة بين عامي 2012 و2016.
وفي الإطار ذاته، لفت الباحث الاقتصادي عبد الرحمن العطا، إلى أن قطاع المقاولات السعودي، مرشح للنمو خلال الأعوام المقبلة، اتساقاً مع التوجه العام، الذي يستهدف النهوض بالقطاعات كافة، مع الاستمرار في الإنفاق على المشروعات الحيوية المهمة، ومن بينها قطاعات البنى التحية، ما من شأنه أن يعزز من النمو الإجمالي للقطاع على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف العطا، أن تقريراً صدر عن «بزينس مونيتور إنترناشيونال» «BMI»، توقع أن تتمكن السعودية من التفوق على الإمارات في 2020 كأضخم سوق بناء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متوقعاً نمو القطاع في الشرق الأوسط بنسبة 6 في المائة في 2017.
يذكر أن لجنة المقاولين بغرفة الرياض، أقرّت في اجتماعها الخامس، إقامة «ملتقى الإنشاءات والمشروعات» في دورته الرابعة عام 2018، فيما ستقيم «يوم المقاول» بنهاية عام 2017، بهدف عرض ومناقشة ما يهم القطاع وتقييم دور اللجنة في التعاطي مع تلك الموضوعات، وتلقي اقتراحات المنتسبين للقطاع، سعيا لتطوير الأداء بما يحقق الأهداف العامة لغرفة الرياض.
واستعرضت اللجنة حزمة من الموضوعات شملت العمل على تنظيم محاضرة تستعرض تجارب إعادة هيكلة شركات المقاولات وتطويرها من الداخل، بما يتناسب مع المتغيرات الجديدة وبما يحقق لها الاستمرارية والعمل المؤسساتي، وبما يتوافق مع «برنامج التحول الوطني 2020».
وتعتزم عقد ورشة عمل بشأن آلية التمويل من البنوك، وتحقيق أقصى درجات التوافق بين شركات المقاولات كأحد العملاء المهمين، وكذلك البنوك بصفتها القناة التمويلية الرئيسة لشركات المقاولات، ووافقت على إعداد دراسة جدوى بشأن إنشاء شركة لتأجير المعدات الخاصة بالقطاع.



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».