أعلنت السلطات الفلبينية وجود نحو ألفي مدني عالقين أمس في مدينة بجنوب البلاد، حيث يقاتل الجيش مسلحين متشددين، في وقت اقتربت حصيلة قتلى نحو أسبوع من المعارك من المائة.
وكثف الجيش حملته على أجزاء من مراوي الواقعة في جزيرة مينداناو، إحدى أكبر المدن التي تقطنها غالبية مسلمة في البلاد. ودفع القتال الرئيس رودريغو دوتيرتي إلى إعلان الأحكام العرفية يوم الثلاثاء الماضي في الثلث الجنوبي من الفلبين، لمواجهة ما اعتبر أنه تنامي التهديد الذي يمثله مسلحون محليون تابعون لتنظيم داعش. وهرب أكثر من 200 ألف من سكان المدينة من القتال، ولكن هناك نحو ألفين لا يزالون عالقين في مناطق يسيطر عليها المسلحون، بحسب ضيا ألونتو اديونغ، المتحدث باسم لجنة إدارة الأزمات الإقليمية.
وقال اديونغ: «إنهم يرسلون إلينا رسائل نصية، ويتصلون بخطنا الساخن، ويطلبون منا إرسال فرق إنقاذ، ولكن بكل بساطة لا يمكننا الذهاب إلى المناطق التي لا نستطيع الوصول إليها». وأضاف: «يريدون المغادرة. هم خائفون على سلامتهم. بعضهم نفد لديه الطعام. يخشون من أن ينالهم الرصاص والقصف الجوي».
وأعلن الجيش الفلبيني أول من أمس مع بداية شهر رمضان، أنه سيصعد الحملة. وقال المتحدث باسم الجيش العميد ريستوتيتو باديا: «رغم رغبتنا في تفادي الأضرار الجانبية، فإن هؤلاء المتمردين يجبرون الحكومة على التدخل باختبائهم في المنازل الخاصة والأبنية الحكومية وغيرها من المنشآت». وأضاف أن «رفضهم الاستسلام يجعل من المدينة أسيرة. ولذا، بات الآن من الضروري استخدام ضربات جوية مركزة لتطهير المدينة وإنهاء هذا التمرد بشكل أسرع».
وأوضح المقدم خو - آر هيريرا أن المسلحين قتلوا 19 مدنياً على الأقل، بينهم 3 نساء وطفل وجدوا قتلى قرب إحدى الجامعات. وقال هيريرا: «إنهم مدنيون، نساء. هؤلاء الإرهابيون ضد الناس». وقالت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها إن مصوراً تابعاً لها رأى 8 جثث ملقاة من جسر في ضواحي مراوي أمس، عرف عنهم سكان محليون على أنهم موظفون في طاحونة أرز وكلية طبية. ولم يتضح إن كانوا ضمن تعداد الجيش لحصيلة القتلى أم لا.
وأفادت السلطات بأن 15 جندياً وعنصري شرطة و61 مسلحاً قتلوا في المواجهات، وهو ما يرفع إجمالي عدد القتلى بحسب الإحصاءات الرسمية إلى 97. واندلع العنف عندما اجتاح عشرات المسلحين مراوي رداً على محاولة قوات الأمن توقيف ايسنيلون هابيلون، الذي يعتبر زعيم تنظيم داعش في المدينة. ورصدت الولايات المتحدة التي تصف هابيلون بأنه واحد من أخطر الإرهابيين في العالم، جائزة قدرها 5 ملايين دولار لمن يساعد في القبض عليه. ورفع المسلحون يوم الخميس الماضي أعلام تنظيم داعش السوداء واختطفوا كاهناً و14 شخصاً رهائن من الكنيسة، وأشعلوا النيران في المباني. وأفادت السلطات أول من أمس بأن مصير الرهائن لا يزال مجهولاً.
وكان دوتيرتي ومسؤولون عسكريون أشاروا إلى أن معظم المسلحين ينتمون إلى جماعة «ماوتي» التي أعلنت ولاءها لتنظيم داعش، والتي تقدر الحكومة أن لديها 260 مسلحاً تابعاً لها. وأوضح دوتيرتي أن المجرمين المحليين يدعمون كذلك جماعة «ماوتي» في مراوي.
ويعد التعاون بين المسلحين المتشددين والمجرمين والساسة الفاسدين سائداً في مينداناو، حيث أسفر تمرد انفصالي عن مقتل أكثر من 120 ألف شخص منذ سبعينات القرن الماضي. ووقعت المجموعات المسلمة المتمردة الرئيسية اتفاقات مع الحكومة تهدف إلى التوصل لسلام نهائي، متخلية بذلك عن طموحاتها الانفصالية لصالح الحكم الذاتي. ولكن حركات مثل «ماوتي» وجماعة «أبو سياف» وغيرها من الجماعات الصغيرة المتشددة لم تبدِ اهتماماً بالتفاوض واصطفت خلال السنوات الأخيرة إلى جانب تنظيم داعش.
وأبدى الرئيس دوتيرتي أول من أمس استعداده للإبقاء على حالة الأحكام العرفية حتى يتم القضاء على تهديد الإرهاب، معرباً عن استعداده لتجاهل المحكمة العليا والبرلمان اللذين يملكان حق الإشراف عليها بحكم الدستور. ويفرض دستور عام 1987 قيوداً على الأحكام العرفية لتجنب عودة الانتهاكات التي عرفتها البلاد في عهد نظام الديكتاتور السابق فرديناند ماركوس الذي أطاحت ثورة شعبية به قبل عام من ذلك التاريخ. ويوضح الدستور أن الأحكام العرفية يمكن أن تستمر 60 يوماً. ويمكن للرئيس تمديدها بموافقة برلمانية. ولكن المحكمة العليا تستطيع كذلك البت في مدى قانونيتها. وقال الرئيس للجنود أول من أمس: «ستستمر الأحكام العرفية إلى حين إعلان الشرطة والقوات المسلحة أن الفلبين باتت آمنة. لن أستمع إلى الآخرين. المحكمة العليا والبرلمان لا وجود لهما».
ألفا مدني محاصرون جراء القتال في جنوب الفلبين
العثور على جثث مدنيين والجيش يصعّد حملته ضد «دواعش محليين»
ألفا مدني محاصرون جراء القتال في جنوب الفلبين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة