«داعش» يخوض اشتباكات شرسة في الرقة... ويتراجع شرق حلب

قصف مكثّف من التحالف على المدينة

صورة بثتها «القيادة الوسطى الأميركية» لضربات مشتركة في سوريا بين فرنسا والتحالف الدولي ضد «داعش»
صورة بثتها «القيادة الوسطى الأميركية» لضربات مشتركة في سوريا بين فرنسا والتحالف الدولي ضد «داعش»
TT

«داعش» يخوض اشتباكات شرسة في الرقة... ويتراجع شرق حلب

صورة بثتها «القيادة الوسطى الأميركية» لضربات مشتركة في سوريا بين فرنسا والتحالف الدولي ضد «داعش»
صورة بثتها «القيادة الوسطى الأميركية» لضربات مشتركة في سوريا بين فرنسا والتحالف الدولي ضد «داعش»

مع اقتراب المعركة من معاقل تنظيم داعش في الرقة، تعيش المدينة حالة من الإرباك في ضوء تضارب المعلومات حول مصير قياديي التنظيم من جهة وقصف التحالف المكثف الذي زادت وطأته في الساعات القليلة الماضية من جهة أخرى.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه جبهات ريف حلب الشرقي وخصوصاً أطراف مدينة مسكنة مواجهات عنيفة بين قوات النظام وتنظيم داعش الذي بدأ يتراجع من آخر معاقله في المنطقة.
وفي ظل تضارب المعلومات التي انتشرت أمس حول بدء انسحاب مقاتلي التنظيم من الرقة، نفت مصادر عدة هذا الأمر، مؤكدة أن «داعش» لا يزال متحصناً في المدينة، كما يواجه المعارك بشراسة واستطاع نتيجتها إبعاد «قوات سوريا الديمقراطية» أكثر عن «سد البعث»، بعدما كانت حققت تقدماً باتجاهه قبل يومين، بحسب ما أفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن.
ونفى عبد الرحمن «وجود أي اتفاق لغاية الآن بين (قسد) و(داعش) لخروج مقاتلي الأخير من الرقة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «على العكس من ذلك، التنظيم لا يزال متحصناً بشكل كبير في المدينة، كما حقّق مزيداً من التقدم في الريف الغربي»، وهو ما أشار إليه الناشط في «الرقة تذبج بصمت» أبو محمد الرقاوي قائلاً: «هناك كثير من المعلومات التي يتم تداولها في المدينة على وقع تكثيف القصف، وهي تزيد إرباك التنظيم والتوتّر والخوف في صفوف الأهالي، إنما لغاية الآن يمكن التأكيد أن التنظيم لا يزال موجوداً في المدينة، بل ويحارب بشراسة». من جهته، قال الناطق باسم «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي إبراهيم إبراهيم، لـ«الشرق الأوسط»: «التنظيم يواجه المعارك بشراسة في الرقة وهناك معلومات عن هروب بعض قيادييه من المدينة».
ويوم أمس، قال المرصد: «شنّ التحالف الدولي غارات مكثفة ليلاً على مدينة الرقة ترافقت مع قصف من قبل قوات عملية (غضب الفرات) مع استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات النخبة السورية المدعمة بطائرات التحالف الدولي من جانب، وتنظيم داعش من جانب آخر، على محاور في محيط مزرعة الأسدية على بعد نحو 3 كلم شمال مدينة الرقة».
ونفى المرصد، كما أبو محمد الرقاوي من حملة «الرقة تذبح بصمت»، «الأنباء التي تحدّثت عن خروج رتل من آليات التنظيم من مدينة الرقة وتوجهه نحو ريف حمص الشرقي»، وأكد أن الاستهداف الجوي الذي وقع صباح السبت استهدف آليات كانت متجهة من البادية السورية بريفي حمص الشرقي والجنوبي الشرقي ومن أطراف القلمون الشرقي، نحو ريف الرقة الجنوبي.
وفي حين أشار المرصد إلى أنه لم يتم التأكد من هوية الطائرات إذا كانت روسية أم تابعة للنظام السوري، لفت إلى أن القصف أدى إلى مقتل عناصر من التنظيم كانوا ضمن الرتل، كما أفاد في الوقت عينه بمقتل 18 شخصاً على الأقل، لم يتم التأكد من هويتهم، جراء ضربات نفذتها طائرات التحالف الدولي على المنطقة الواقعة بين قرية رطلة ومنطقة الكسرات الواقعة جنوب مدينة الرقة، كما تسبب القصف بأضرار مادية ووقوع جرحى لا تزال إصابات بعضهم خطرة، مما يرشح عدد القتلى للارتفاع.
ويضيق الخناق الذي باتت تفرضه قوات «قسد» على مدينة الرقة، لا سيما بعد سيطرتها على مدينة الطبقة بريف المحافظة الغربي، وتوسعها باتجاه الشرق، إضافة للعمليات العسكرية المستمرة شمال مدينة الرقة وشرقها، تمهيداً لعملية عسكرية تستهدف المدينة باتت قريبة، بحسب عدة مصادر.
وفي ريف حلب الشرقي وصلت قوات النظام السوري والموالون لها إلى أطراف مدينة مسكنة (100 كيلومتر شرق حلب)، وهي أهم وآخر معاقل تنظيم داعش في المنطقة.
وقال مصدر في المعارضة السورية لوكالة الأنباء الألمانية، إن «قوات النظام والميليشيات الموالية لها باتت على أبواب مدينة مسكنة بعد انسحاب عناصر التنظيم من عدد من القرى والبلدات غرب وجنوب مدينة مسكنة وسط قصف جوي عنيف من الطيران الروسي، تجاوز 120 غارة، على المدينة وريفها. ودمرت تلك الغارات جميع مساجد المدينة وعددها 17 مسجداً وسط نزوح كبير لسكان المدينة باتجاه الريف ومناطق سيطرة (داعش) شرق المدينة».
وأضاف المصدر أن الطائرات الروسية قصفت قرى السكرية والجعابات ومزرعة الرابعة والفرعية والبوعاجوز ومعمل السكر وبعض التلال القريبة في ريف مسكنة، آخر معاقل التنظيم في المنطقة.
وأكدت مصادر ميدانية لـ«شبكة الدرر الشامية» المعارضة، أن التنظيم بدأ بالانسحاب خلال اليومين الماضيين من كثير من القرى والبلدات في ريف حلب الشرقي بعد اشتداد القصف ودخول الطيران الروسي بشكل مُباشِر في العمليات الجوية، الأمر الذي أدى لسقوط أغلب خطوط الدفاع التي أنشأها التنظيم.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.