استمرار نزوح المدنيين من مناطق «داعش» شرق سوريا

نازحون من مناطق «داعش» شرق سوريا أمس. (حملة تحرير الرقة)
نازحون من مناطق «داعش» شرق سوريا أمس. (حملة تحرير الرقة)
TT

استمرار نزوح المدنيين من مناطق «داعش» شرق سوريا

نازحون من مناطق «داعش» شرق سوريا أمس. (حملة تحرير الرقة)
نازحون من مناطق «داعش» شرق سوريا أمس. (حملة تحرير الرقة)

فر مئات المدنيين من مدينتي البوكمال والميادين في محافظة دير الزور الخاضعتين لسيطرة تنظيم داعش شرق سوريا، بعد سلسلة غارات جوية نفذتها طائرات تابعة للتحالف الدولي، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن «حركة النزوح هذه بدأت الجمعة وتواصلت حتى صباح السبت (أمس)»، مشيراً إلى أن «بين النازحين أقارب وعائلات مقاتلين من تنظيم داعش».
وتقع مدينتا البوكمال والميادين في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور الحدودية مع العراق، الغنية بالنفط التي يسيطر تنظيم «داعش» على الجزء الأكبر منها، باستثناء أجزاء من مدينة دير الزور مركز المحافظة ومطارها العسكري، وبعض القرى المحدودة في ريفها الغربي، التي لا تزال تحت سيطرة النظام والميليشيات التابعة له.
وتستهدف طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، بالإضافة إلى طائرات سورية وروسية مواقع التنظيم في محافظة دير الزور، وأدى قصف التحالف الدولي الذي استهدف مدينة الميادين الجمعة، إلى مقتل 80 شخصاً على الأقل، بينهم 33 طفلاً، وجميعهم من أفراد عائلات عناصر تنظيم داعش.
وتعد حصيلة القتلى هذه، وفق تقدير عبد الرحمن «الأعلى في صفوف عائلات المتطرفين جراء ضربات التحالف». وقال إن التحالف «كثف أخيراً غاراته على مواقع المتطرفين في سوريا والعراق المجاور، خصوصاً منذ تبني التنظيم المتطرف اعتداء مانشستر الذي أوقع 22 قتيلاً».
وشكلت مدينة الميادين في الأشهر الأخيرة وجهة عدد كبير من النازحين، بينهم عائلات المتطرفين، وتحديداً من محافظة الرقة المجاورة ومدينة الموصل العراقية، حيث يتعرض التنظيم لهجمات من مقاتلين محليين بدعم من التحالف الدولي. وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قتل 62 شخصاً، بينهم 42 مدنياً، في غارات استهدفت مدينة البوكمال المحاذية للحدود مع العراق، ونفى التحالف الدولي وقتها مسؤوليته عن تلك الضربات.
وأعلن «المرصد السوري» أن التحالف الدولي في سوريا «نفذ في الفترة الممتدة بين 23 أبريل (نيسان) و23 مايو (أيار) غارات جوية كثيفة، أوقعت 225 قتيلاً من المدنيين، وهي الحصيلة الأعلى في صفوف المدنيين منذ بدء التحالف في سبتمبر (أيلول) 2014 توجيه ضربات جوية في سوريا».
وكان الجيش الأميركي أعلن مطلع الشهر الحالي أن «ضربات التحالف الدولي في سوريا والعراق منذ عام 2014، أوقعت بشكل غير متعمد، 352 قتيلاً مدنياً»، لكن منظمات حقوقية تؤكد أن عدد القتلى أكبر بكثير.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.