السوريون في مخيمات اللجوء بتركيا... فرحة الصوم يكدّرها ألم الفراق

حتى من يعيشون في المدن يحلمون بالعودة إلى أرض الوطن

السوريون يعيشون في مخيمات اللجوء على أمل العودة إلى بلادهم - أطفال سوريون يلهون في أحد المخيمات
السوريون يعيشون في مخيمات اللجوء على أمل العودة إلى بلادهم - أطفال سوريون يلهون في أحد المخيمات
TT

السوريون في مخيمات اللجوء بتركيا... فرحة الصوم يكدّرها ألم الفراق

السوريون يعيشون في مخيمات اللجوء على أمل العودة إلى بلادهم - أطفال سوريون يلهون في أحد المخيمات
السوريون يعيشون في مخيمات اللجوء على أمل العودة إلى بلادهم - أطفال سوريون يلهون في أحد المخيمات

فرحة تختلط بالألم والحنين للوطن، هو الشعور الذي يطغى على السوريين في مخيمات اللجوء بجنوب تركيا، حيث أجبرتهم الحرب ونيرانها على الفرار منذ الأيام الأولى، للنجاة بأرواحهم... والآن يستقبلون رمضان للعام السابع على التوالي بشعور لم يتغير، وبأمل في العودة يوماً ما إلى بيوتهم وإلى حياتهم التي اعتادوا عليها.
منهم من فَقَدَ ذويه، ومنهم من أُجبِرَ على ترك أبنائه أو بعضهم، وجميعهم يوحدهم شعور الحنين وافتقاد الوطن والجيران والذكريات، وطبيعة الحياة وأجوائها في شوارع سوريا ومدنها وقراها وأزقتها التي باتت من الأحلام، وسط هذه الحياة التي تمضي بهم في مخيمات ذات أسوار تسير فيها الحياة على وتيرة واحدة وبخطى ثقيلة.
تناول ملايين اللاجئين السوريين أمس، السحور الأول لرمضان، ومع كل لقمة سيكسرونها طوال أيام الشهر ستقفز إلى الحلوق مرارة البعد وأحزان الفراق.
في مخيم «يايلاداغي» بمحافظة هطاي الحدودية مع سوريا في جنوب تركيا، وهو من أوائل المخيمات التي نُصبت للفارين من دير الزور وحلب وإدلب في عام 2011، يستطيع آلاف السوريين النظر إلى الجانب الآخر ورؤية قراهم التي تحجبهم عنها الأسوار من بعيد ليمر أمام كل منهم شريط الذكريات وكيف كان يقضي رمضان وكيف كان يلهو الأطفال مع أبناء الجيران، وكيف كانوا يذهبون إلى صلاة التراويح وكيف كان الجيران يتجمعون في أمسيات رمضان الرائعة يتسامرون ويضحكون ويتناولون أطعمة ومشروبات رمضان الخاصة.
في إحدى الخيام يعيش محمد حجي وزوجته وأطفاله الثلاثة، ظل الأب والأم ساهرين انتظاراً لموعد السحور حتى يوقظوا أبناءهم. وبعد الانتهاء من إعداد الطعام حاول الأب إيقاظ الأطفال لتناول السحور حتى يستقبلوا فرحة رمضان ومنهم من يبدأ تجربته الأولى مع الصيام.
قال الأب إن مائدة سحورهم في المخيم فقيرة بالمقارنة بتلك التي كانوا يعدونها في بيتهم بسوريا، ومع ذلك فإنهم يشكرون الله ألف مرة لأنّهم أفضل من غيرهم بكثير، فهناك من لم يستطع الخروج والنجاة بحياته.
وأضاف الأب، نحن هنا في المخيمات نحاول الحفاظ على كل عاداتنا في رمضان وفي أيام كثيرة نجتمع والجيران ونتناول الإفطار معاً، وأحياناً أخرى نتجمّع في السحور... نحاول أن نسترجع شيئاً من أجواء رمضان وإن كان ليس هناك ما يعادل يوماً واحداً في الوطن.
وفي مخيم آخر في هطاي غالبت بثينة أحمد (45 سنة)، دموعها وهي تستقبل رمضان للمرة السابعة بعيداً عن بلدها، ولا تعرف متى ستعود إلى بيتها وأرضها، وقالت: «أعيش على أمل اليوم الذي سأعود فيه إلى سوريا، واليوم الذي سنتمكن فيه من جديد من تناول سحور وإفطار أول يوم في رمضان بسوريا».
وتوفّر مديرية الطوارئ والكوارث الطبيعية والهلال الأحمر التركي والكثير من الجمعيات الخيرية من تركيا ومن دول الخليج، كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات واحتياجات المخيمات في رمضان.
وتنظم السلطات التركية المشرفة على المخيمات برامج خاصة في الشهر الكريم للإفطار والسحور وتنظّم بعض الأنشطة الترفيهية والثقافية، كما ذكر نهاد يازيجي أوغلو، مسؤول أحد مخيمات اللاجئين في شانلي أورفا جنوب تركيا مضيفاً: «نشارك في برامج السحور والإفطار التي تنظم في المخيمات وفي الفعاليات المختلفة التي تقام خلال الشهر الكريم، في محاولة لإدخال السرور على قلوب المقيمين في المخيمات وتخفيف شعورهم بالبعد عن وطنهم في هذه الأيام».
وفي أحد مخيمات غازي عنتاب قال أبو أحمد علي أحد أوائل من قدموا إلى المخيم لـ«الشرق الأوسط»: «نحاول إحياء تقاليدنا وعاداتنا في رمضان، ونعدّ الأطعمة نفسها التي كنّا نجهزها في شهر رمضان، وفي أول سحور من رمضان نجمع العائلات في المخيم لنتناوله معاً، ونستمر على هذا النحو طوال الشهر الفضيل. كما يحرص البعض على إرسال الأطباق الرمضانية إلى الجيران وبعد السحور يجلس الرجال على مداخل خيامهم انتظاراً لآذان الفجر، ونحرص على صلاة التراويح في جامع المخيم».
وقبل حلول رمضان هذا العام أتيح لآلاف السوريين العودة إلى بلادهم في المناطق التي حررتها تركيا والجيش السوري الحر، من تنظيم داعش الإرهابي في جرابلس وأعزاز والباب، بعد 6 سنوات من اضطرارهم للخروج منها بسبب اشتعال الحرب واستحالة الحياة فيها. وعبَّر كثيرون ممن تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» في المخيمات، عن شكرهم لتركيا ولكل من ساعد في تخفيف آلامهم وظروفهم الصعبة خارج وطنهم، متمنين أن يأتي رمضان العام المقبل وقد تمكنوا من العودة إلى ديارهم.
وخارج المخيمات، هناك مئات الآلاف ممن يعيشون في المدن التركية، وتشهد مدينة إسطنبول بالذات، تجمعاً ضخماً للسوريين الذين نقلوا إلى أحياء المدينة التي يتركزون بها بكثافة، في حي الفاتح في قلب إسطنبول، وباتت لهم مطاعمهم الخاصة وأسواقهم ومنتجاتهم المنتشرة في غالبية المحال التجارية في هذه المناطق، من الفاتح إلى أسنيورت وأفجيلار وبيلك دوزو وغيرها من الأحياء.
وبات من السهل في هذه الأماكن أن يجد السوريون ما اعتادوا عليه، مثل الخبز السوري والتمر هندي والعرق سوس والفول والفلافل والحلوى الشامية وحتى النرجيلة والأغاني السورية. وعلى الرغم من ذلك، فهمم يشعرون بأن ما ينقصهم يظل أهم من كل شيء ألا وهو «أرض الوطن»، ويخيم عليهم الشعور بالغربة ويعيشون على أمل العودة.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال بلال عريبي الذي يعيش في إسطنبول وقد فتح محلاًّ تجاريّاً لبيع المأكولات والمنتجات السورية: «للأسف نعيش هنا وتمضي بنا السنين، استطعنا أن نعيش شيئاً من الأجواء الرمضانية، لكن لا شيء يعادل حلاوة الوطن ولا نشعر هنا بأنّنا في الأجواء نفسها... أتمنى العودة إلى بلدي... لا شيء يساوي الوطن».


ليبيون يشترون الخضراوات في سوق بوسط العاصمة طرابلس استعدادا لبدء الشهر الكريم (أ.ف.ب)

صاحب متجر أفغاني في العاصمة كابل يعدّ الفاكهة المجففة (أ.ف.ب)

فنان فلسطيني يزيّن مقهى «قهوتنا» قبل يوم من بدء الشهر في مدينة غزة (أ.ف.ب)



الدراما الاجتماعية تتصدر «الماراثون» التلفزيوني مصرياً

من مسلسل {جعفر العمدة}
من مسلسل {جعفر العمدة}
TT

الدراما الاجتماعية تتصدر «الماراثون» التلفزيوني مصرياً

من مسلسل {جعفر العمدة}
من مسلسل {جعفر العمدة}

من بين 30 عملاً درامياً مصرياً تم عرضها خلال ماراثون دراما رمضان 2023، تنوعت بين دراما اجتماعية وكوميدية، ووطنية، وتاريخية، تصدرت الدراما الاجتماعية السباق، بعدما حققت بعض المسلسلات التي تنتمي لها تفاعلاً كبيراً بين الجمهور، وإشادات نقدية لافتة.
وشهد هذا الموسم ظواهر عديدة، منها زيادة عدد المسلسلات القصيرة، وتشابه الأفكار بين أكثر من عمل، وتصدر الفنانات لبطولات العديد من الأعمال، وعودة الدراما الدينية مع مسلسل «رسالة الإمام»، وطرح قضايا المرأة الشائكة، على غرار مسلسلات «تحت الوصاية، وعملة نادرة، وستهم»، كما أنتجت الشركة المتحدة عملين وطنيين يرصدان بطولات الجيش المصري في حربه ضد الإرهاب، وهما: «الكتيبة 101»، و«حرب»، وقدمت عملاً تاريخياً بعنوان «سره الباتع» كأول أعمال المخرج خالد يوسف في الدراما التلفزيونية، فيما كان نصيب الأسد للأعمال الكوميدية بـ7 مسلسلات.

نيللي كريم

وبينما احتلت بعض الأعمال «الترند» أكثر من مرة، خلال الماراثون على غرار مسلسلي «جعفر العمدة، وتحت الوصاية»، و«ضرب نار»، و«المداح»، مرت أعمالاً أخرى مرور الكرام، ولم تكن مثار اهتمام على أي وجه. وفق نقاد.
وبحسب محلل البيانات والذكاء الاصطناعي مصطفى أبو جمرة، فإن مواقع «السوشيال ميديا» كانت محركاً أساسياً في دفع الجمهور لمشاهدة أعمال دون أخرى، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن أكبر دليل على ذلك نسب المشاهدة لـ«جعفر العمدة» التي عززتها مواقع التواصل ودفعت لتوجيه متابعين جدد للمسلسل، مشيراً إلى أن «جعفر العمدة» لمحمد رمضان، و«تحت الوصاية» لمنى زكي، نالا نصيب الأسد في نسب المشاهدة خلال الماراثون الرمضاني، وفقاً لمؤشرات تحليل مواقع «السوشيال ميديا»، على حد تعبيره.
وبين صعود وهبوط مسلسلات ماراثون دراما رمضان، ترصد «الشرق الأوسط» أبرز الأعمال التي نجحت في جذب الانتباه من خلال أفكارها الجذابة وسردها المشوق، والأخرى التي فشلت في لفت الأنظار وشهدت تراجع بعض النجوم، عبر آراء نقاد.

خالد النبوي في {رسالة الإمام}

- تألق منى زكي
تقيس الناقدة خيرية البشلاوي نجاح العمل الفني بمدى ما يحققه من صدى اجتماعي إيجابي، لذا ترى أن مسلسل «تحت الوصاية» عمل جيد تتكامل فيه العناصر الفنية، ونجحت بطلته منى زكي في أداء دورها بشكل صادق، ولم تكن الطفلة «التوأم» ولا الطفل «عمر الشريف» بأقل حضوراً وتلقائية، وكل الممثلين على نسق أداء بارع مثل رشدي الشامي، كما أن نيللي كريم التي طرحت قضية تمس آلاف النساء في صعيد مصر تتعلق بحرمان بعض النساء من ميراثهن الشرعي بحكم عادات وتقاليد مغلوطة عبر مسلسل «عملة نادرة».
ورغم الانتشار الكبير لمسلسل «جعفر العمدة»، فإن الناقدة المصرية تتحفظ على النجاح الجماهيري الذي حققه المسلسل، وتراه مؤشراً على تراجع المجتمع، مبررة ذلك بقولها إن المسلسل ومعه «المداح» هما الأسوأ لأنهما يشدان المجتمع للخلف عبر ما يطرحانه من أفكار تمثل ردة حقيقية. على حد تعبيرها.

ياسمين عبد العزيز في مشهد من مسلسل (ضرب نار)

- تراجع يسرا
فيما يرى الناقد طارق الشناوي أن أبرز أعمال رمضان 2013 مسلسل «تحت الوصاية» لتميزه في الكتابة لخالد وشيرين دياب، وتكامل عناصره الفنية التي قادها المخرج محمد شاكر خضير، ووصول أداء منى زكي فيه إلى ذروة الإبداع.
وأشار إلى أن فكرة البطولة الثنائية في مسلسلي «الكتيبة 101، وحرب» من الجماليات الفنية التي تحسب لصناع العمل، كما جاء «رسالة الإمام» بطولة خالد النبوي، في توقيته ليقدم صورة صادقة عن سماحة الإسلام.
وعن أفضل الأعمال الكوميدية هذا العام قال: «كامل العدد، والصفارة» الأبرز.
ويعتقد الشناوي، أن مسلسل «سوق الكانتو» عمل مهم، لكن ظلمه صخب العرض الرمضاني، مما أثر عليه سلباً، لكنه يرى أنه سيأخذ حقه في عرضه الثاني بعد شهر رمضان.
ولم يخف الشناوي انحيازه لـ«الهرشة السابعة» لجرأته في الكتابة، وبطلته أمينة خليل التي تعبر بقوة عن فن أداء الممثل الفطري، مشيراً إلى أن مسلسل «1000 حمد الله على السلامة» شهد تراجعاً بالنسبة للفنانة يسرا لأن اختيارها لم يكن موفقاً نصاً وإخراجاً.

علي قاسم وأسماء جلال في مشهد من مسلسل «الهرشة السابعة»

- تكرار الشخصيات
من جهتها، أكدت الناقدة ماجدة خير الله، أن مسلسل «تحت الوصاية» تصدر قائمة الأفضل لديها من دون منازع، لكن هذا لا يمنع من تميز مسلسلات أخرى من بينها «الهرشة السابعة» و«كامل العدد» كأعمال اجتماعية لطيفة، بجانب «تغيير جو» الذي يمثل نوعية أخرى تتطلب تأملاً، وكذلك «رشيد» لمحمد ممدوح، و«جت سليمة» لدنيا سمير غانم.
وترى خير الله أن الممثل محمد سعد «انتحر فنياً» بإصراره على اختيارات غير موفقة، معلنة عدم تعاطفها مع «جعفر العمدة»، مشيرة كذلك إلى تكرار عمرو سعد نفسه، على مدى ثلاث سنوات بالمحتوى والأداء نفسيهما.
- الأفضل كوميدياً
ورغم عرض سبعة أعمال كوميديا خلال الشهر الكريم، فإن الجمهور يميل أكثر للدراما الاجتماعية في رمضان بحسب الناقد خالد محمود، الذي يرى أن «الكبير أوي» لأحمد مكي إضافة مهمة في جزئه السابع، وتميز بالدفع بوجوه جديدة، وهو يظل عملاً ناجحاً، و«الصفارة» كان الأبرز لأن أحمد أمين لديه قدرة على التغيير والتلوين، ونجح مسلسل «جت سليمة» لدنيا سمير غانم في الجمع بين الكوميديا والاستعراض والغناء، لكن محمود يرى أن تجربة يسرا مع الكوميديا هذا العام غير موفقة لضعف السيناريو.

زكي خطفت الإشادات عبر «تحت الوصاية» (الشرق الأوسط)

- مستوى متوسط
ووفقاً للناقد رامي عبد الرازق فإن الموسم الدرامي هذا العام جاء متوسط المستوى والنجاح، وأن الخاسرين أكثر من الفائزين، مؤكداً أن المسلسلات القصيرة ستفرض وجودها في المواسم اللاحقة، لا سيما مع تفوق أعمال من بينها، «الهرشة السابعة» و«الصفارة» و«تحت الوصاية»، التي يراها «أكثر ثلاثة أعمال رابحة على مستوى الشكل الفني والمضمون الدرامي الذي ينطوي على قدر كبير من التماسك والنضح والعمق والتوزان».
وأعرب عبد الرازق عن إحباطه من مسلسل «سره الباتع»، مبرراً ذلك بقوله: «المسلسل شهد استسهالاً في المعالجة، ومباشرة في الطرح، ونمطية وعدم إتقان في الشكل رغم الميزانية الضخمة التي أتيحت له، وأن مسلسل «سوق الكانتو» حقق نقلة فنية في شكل الديكورات والإخراج الفني لكن الدراما به جاءت هشة كما أن إيقاعها بطيء، بالإضافة إلى أن كثيراً من الأعمال سوف تتبخر تماماً من ذاكرة المشاهد ولن يعود إليها مرة أخرى، باستثناء مسلسل «تحت الوصاية». مؤكداً أن على ياسمين عبد العزيز أن تكتفي بهذا القدر من الأعمال التي تجمعها وزوجها الفنان أحمد العوضي بعد «ضرب نار».