«داعش» يخوض 3 معارك متزامنة ويتكبد خسائر بالجملة

خبراء: تراجع عدد مقاتليه الأجانب وهبوط مصادره المالية أكثر من 70 %

رجال فروا من مدينة الرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش واستسلموا لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في مارس الماضي (رويترز)
رجال فروا من مدينة الرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش واستسلموا لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في مارس الماضي (رويترز)
TT

«داعش» يخوض 3 معارك متزامنة ويتكبد خسائر بالجملة

رجال فروا من مدينة الرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش واستسلموا لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في مارس الماضي (رويترز)
رجال فروا من مدينة الرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش واستسلموا لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في مارس الماضي (رويترز)

يخوض تنظيم داعش 3 معارك كبيرة داخل سوريا بشكل متزامن، فُرضت بمعظمها عليه في وقت يعاني فيه من مشكلات داخلية كبيرة تزعزع كيانه، مما يؤدي لتكبده خسائر في الميدان، وبالتالي إلى تراجع مناطق سيطرته. ويتصدى التنظيم لـ«قوات سوريا الديمقراطية» فيما تبقى من ريف الرقة، ويتحضر لخوض مواجهة كبيرة داخل معقله في المدينة، فيما يواجه قوات النظام في ريف حلب الشرقي كما في البادية حيث تتصدى له أيضاً فصائل المعارضة.
ويرصد خبراء بشؤون «داعش» ضعفاً يفتك به وتراجعاً واضحاً لعناصره في الميدان، ويردون ذلك إلى تقلص عدد المقاتلين المهاجرين المنضمين إليه كما لمحدودية مصادره المالية التي تراجعت أكثر من 70 في المائة، خلال عام واحد، أضف إلى كل ذلك الزخم الذي تشهده الحملة الدولية للقضاء عليه.
وفي هذا السياق، يقول الباحث المتخصص بشؤون الجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج، إن «تقدم عملية درع الفرات وتزايد الوجود العسكري الأميركي مع تسريع وتيرة العمليات العسكرية البرية بالاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية وتقدم المعارضة السورية في البادية، إضافة إلى مقتل معظم قادة الصف الأول في التنظيم، كل هذه العناصر وغيرها انعكست على أداء (داعش) العسكري في الميدان»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيم من الآن وصاعداً لن يعطي الأولوية للمدن والمناطق المدنية بقدر ما سيعطيها لمناطق آبار النفط وطرق الاتصال بأماكن وجوده في العراق».
ويضيف الحاج: «ما دامت لا قاعدة اجتماعية له في سوريا فسيكون من السهل اقتلاعه منها، بخلاف العراق حيث سيبقى موجوداً ما دامت مبررات هذا الوجود قائمة، وما دام لم يتم حل المشكلة الطائفية هناك».
وتعهدت «قوات سوريا»، يوم أمس، بألا يلحق أي ضرر بمقاتلي التنظيم في الرقة إذا ما استسلموا بنهاية الشهر الحالي، ودعتهم في بيان إلى إلقاء أسلحتهم قبل الهجوم المتوقَّع على المدينة.
وأوضحت جيهان شيخ أحمد، المتحدثة باسم «قسد» أن هذه المبادرة تأتي «بناء على مطالبات أهل الرقة الشرفاء... لتمكين أكبر عدد ممكن ممن غُرِّر بهم أو أُجبِروا على الانضمام للاستفادة من هذه الفرصة»، وإن كانت مصادر قيادية كردية لا تعول على تجاوب التنظيم مع المبادرة، متوقعة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون المواجهة طويلة معه في الرقة، فإن خبراء بشؤونه يرجحون انطلاق معركة المدينة قريباً، معتبرين أنها «آيلة للسقوط لا محالة، فـ(داعش) لن يدافع عنها كما يدافع عن الموصل، لأن قضيته الأساسية ليست في سوريا، وإنما في العراق، ولأنها ليست حيوية مثل آبار النفط بالنسبة له، فضلاً عن أن ملامح الإنهاك بدأت تظهر على التنظيم، وبالتالي سيكون مضطراً للتراجع إلى مناطق يمكنه الدفاع عنها بشكل أفضل».
ويوم أمس، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات سوريا الديمقراطية المدعمة بقوات خاصة أميركية وطائرات التحالف الدولي، تمكنت من السيطرة على قرية كديران الواقعة عند الضفاف الشمالية لنهر الفرات، بالريف الغربي لمدينة الرقة، التي تبعد نحو 21 كلم إلى الغرب من المدينة ونحو 12 كلم إلى الشرق من مدينة الطبقة، لافتاً إلى أنه «وبهذا التقدم، فإن تنظيم داعش لم يتبقَ له سوى بضع مواقع ونقاط تمركز في الريف الغربي للرقة، والممتد من سد الفرات إلى السلحبية الشرقية، إضافة لتمركزه في سد البعث الواقع على نهر الفرات».
وفي البادية السورية، تواصلت في الساعات الماضية المعارك في الريف الشرقي لحمص بين عناصر «داعش» وقوات النظام، وقال المرصد إن الأخيرة تقدمت بدعم من المسلحين الموالين لها وباتت على مسافة عدة كيلومترات من منطقة البصيري ببادية تدمر الجنوبية الغربية، مضيِّقَة بذلك الخناق على التنظيم المتطرف، ومقَلِّصَة مناطق سيطرته.
بالمقابل، أعلن فصيل «أسود الشرقية» المعارض أنّه «تمكن من إيقاف تقدُّم الميليشيات الشيعية التابعة لإيران في القلمون الشرقي وريف السويداء الشرقي».
وقال يونس السلامة، مدير المكتب الإعلامي في جيش أسود الشرقية، لـ«شبكة شام» الإخبارية إن عناصره «تمكنوا من إيقاف تقدم هذه الميليشيات، التي أَمَّنَت قوات الأسد الغطاء الناري والمدفعي لتقدمها»، واصفاً الاشتباكات التي تشهدها المنطقة بـ«العنيفة جداً»، مع حضور مكثف للطيران الروسي (الحربي - المروحي) في مساندة الميليشيات.
وأوضح السلامة أن «(أسود الشرقية) يخوض حالياً معارك واسعة في القلمون الشرقي على جبهتي تنظيم داعش والميليشيات الإيرانية»، في وقت تواصل فيه قوات النظام محاولات تثبيت الحصار على نقاط سيطرة المعارضة في القلمون الشرقي، وذلك من خلال وصل نقاطها في البادية السورية ببعضها عبر السيطرة على مواقع «داعش» الذي بات يتراجع بشكل سريع.
وأفادت «وكالة الأنباء الألمانية» يوم أمس، بسيطرة قوات النظام مدعومة بمقاتلين من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني على مناطق جديدة بريف القريتين جنوب شرقي مدينة حمص بنحو 90 كلم في طريقهم باتجاه مناجم خنيفيس للفوسفات التي حصلت إيران على عقد استثمار لها، مطلع العام الحالي، فيما ذكرت شبكة «الدرر الشامية» أن «داعش» انسحب الأربعاء من عدة مواقع تابعة له بريف حمص الشرقي لصالح النظام السوري.
وتُعتبر المناطق التي انسحب منها عناصر «داعش» ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للنظام من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى، حيث كانت الأخيرة تسعى للسيطرة عليها من أجل وصل مناطق القلمون الشرقي بالبادية السورية، وسيطرة النظام السوري عليها ستحول دون ذلك.
أما على جبهة ريف حلب الشرقي، فقد واصلت قوات النظام والمسلحين الموالين تقدمهم على حساب تنظيم داعش. وقال المرصد السوري إنّها تمكنت من تحقيق تقدم جديد والسيطرة على 4 قرى ومزارع، لتقترب من بلدة مسكنة التي تعد آخر بلدة يسيطر عليها «داعش» في محافظة حلب، ويرتفع إلى 10 على الأقل عدد القرى التي سيطر عليها النظام وحلفائه منذ الثلاثاء الماضي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.