استمرار الجدل القانوني بشأن تعيين رئيس الحكومة الليبية الجديد

الذراع السياسية لجماعة الإخوان: معيتيق رئيسا للوزراء شاء من شاء وأبى من أبى

استمرار الجدل القانوني بشأن تعيين رئيس الحكومة الليبية الجديد
TT

استمرار الجدل القانوني بشأن تعيين رئيس الحكومة الليبية الجديد

استمرار الجدل القانوني بشأن تعيين رئيس الحكومة الليبية الجديد

لوح عز الدين العوامي النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام في ليبيا، باحتمال لجوئه إلى المحكمة الدستورية العليا، للطعن في قرار رئيس المؤتمر نوري أبو سهمين، بتعيين أحمد معيتيق رئيسا للحكومة، مشيرا إلى أن هناك مساعي لإيجاد حل هذه الأزمة الدستورية والقانونية غير المسبوقة، بما في ذلك إعادة جولة التصويت مجددا.
وقال العوامي في تصريحات لقناة محلية، مساء أول من أمس، إنه لن يتخلى عن مجابهة تعيين معيتيق بالطرق القانونية، مكررا أن انتخابه شابته أخطاء قانونية لأنه حصل على 113 صوتا فقط، أي أقل من النصاب القانوني المطلوب، وهو 120 صوتا، من إجمالي مقاعد البرلمان البالغ عددها 200 مقعد.
لكن نزار كعوان عضو حزب العدالة والبناء الذي يعد الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، قال في المقابل، بحسب وسائل إعلام محلية، إن معيتيق هو رئيس الوزراء شاء من شاء وأبي من أبي، في لهجة متشددة تعكس تمسك «الإخوان» بمرشحهم لرئاسة الحكومة.
ودخل عبد الباسط أقطيط المرشح لرئاسة الدولة الليبية، على خط الأزمة، ودعا في المقابل المؤتمر الوطني إلى الإبقاء على الحكومة القائمة حاليا برئاسة عبد الله الثني، في مهام تصريف الأعمال، حتى انتخاب البرلمان المقبل.
وشن أقطيط هجوما لاذعا على تيار الإسلام السياسي، منتقدا إصرار مسؤولين من جماعة الإخوان المسلمين، على التمسك بمعيتيق، الذي طالبه أيضا بالانسحاب أو طلب إعادة جولة الانتخابات بشكل شفاف.
وربما يؤدي تعيين رئيس جديد للحكومة الليبية يدعمه الإسلاميون إلى تغذية حالة انعدام الثقة، وهو ما من شأنه أن يؤثر على اتفاق أعلنته الحكومة الليبية لفتح ميناءين رئيسين للنفط يسيطر عليهما معارضون.
ويرى محللون أن التصويت الذي ثار الجدل من حوله، وانعدام التأييد الواسع لمعيتيق، يشيران إلى ضعفه، وسيشجعان الجماعات السياسية في ليبيا المنقسمة على معارضته. واستغرق انتخاب معيتيق شهرا كي يجري اختياره من قبل البرلمان، من بين سبعة مرشحين.
وسيؤدي هذا إلى تعقيد الجهود الرامية لإقناع المعارضين الذين يسيطرون على ميناءين حيويين في شرق البلاد بفتحهما، وهو ما يجعل من المستبعد أن يعود إنتاج النفط الخام إلى مستوى 1.4 مليون برميل يوميا، الذي وصل إليه قبل موجة الاحتجاجات في المنشآت النفطية التي بدأت الصيف الماضي.
إلى ذلك، طالب حزب العدالة والبناء، السلطات الليبية، بالتحقيق بشأن تقارير نشرتها بعض وسائل الإعلام المحلية والعالمية أخيرا، بشأن تسلل بعض العناصر الأجنبية المتطرفة داخل البلاد.
وترددت في السابق معلومات عن تسلل مجموعات من المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين المصرية وعدة تنظيمات متطرفة أخرى في المنطقة، بالتسلل إلى الأراضي الليبية أخيرا، ولكن السلطات الليبية التزمت الصمت حيالها، ولم تؤكد أو تنفِ صحة هذه التقارير.
وتعانى ليبيا من فوضى أمنية عارمة منذ الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 في الانتفاضة الشعبية التي دعمها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولم تتمكن على مدى السنوات الثلاث الماضية من تشكيل جيش قوى ومحترف قادر على فرض سيطرته على الحدود المترامية للدولة الليبية.
وقال الحزب في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «إننا نطالب المؤتمر الوطني العام والحكومة المؤقتة بتحمل مسؤولياتهما التاريخية من خلال الوقوف على حقيقة هذه التقارير ومصارحة الشعب الليبي بها»، ودعا إلى قيام السلطات المختصة بضبط الحدود أولا، وبحصر كل الأجانب الموجودين على الأراضي الليبية، ومطالبتهم بتصحيح أوضاعهم.
كما حث على معاقبة كل من يتخلف عن ذلك بالإبعاد الفوري من البلاد، كما يجب معاقبة أي مواطن يقوم بتشغيل المخالفين، وذلك من أجل المحافظة على الأمن القومي الليبي.
وأعلن الحزب رفضه لكل أشكال الافتئات على الدولة الليبية وإنشاء الأجسام الموازية لها، ونطالب السلطات بالتصدي بكل حزم لمثل هذه الممارسات.
وعدّ أن ظاهرة التطرف ظاهرة فكرية ينبغي التصدي لها من خلال تصحيح مسار كل وسائل التنشئة في المجتمع، ابتداء من الاهتمام بالأسرة وتفعيل دور المدارس وتقويم دور المساجد ووسائل الإعلام، وكذلك من خلال الحوار والتنمية.
وطالب الحكومة المؤقتة بضرورة تشكيل أجهزة استخباراتية قادرة على الوصول للمعلومة من مصدرها، بدلا من الحصول عليها من وسائل الإعلام، واتخاذ كل التدابير اللازمة للتصدي لكل ما يمس هيبة الدولة وسيادتها.
كما طالب المؤتمر الوطني بضرورة التأكد من قيام الحكومة بمسؤولياتها في تشكيل لجان تحقيق قادرة وفعالة للكشف عمن يقوم بالخروق الأمنية، وفي مقدمتها التفجيرات والاغتيالات وتقديم الجناة للعدالة بشكل فوري.
إلى ذلك، استحوذت محاولة اغتيال امرأة ليبية في مدينة بنغازي ثاني كبريات المدن الليبية، على اهتمام الليبيين على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين نفى مسؤول بالمجلس المحلى للمدنية ما تردد عن تعرض رئيس المجلس المهندس محمود بورزيزه لمحاولة اغتيال.
ورغم تعدد عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية التي طالت المئات من النشطاء السياسيين والإعلاميين ورجال الجيش والشرطة والمخابرات، فإن محاولة اغتيال المواطنة نجية التائب، أثارت بشكل واضح غضب المواطنين، بعدما استهدفها مجهولون، مساء أول من أمس، بالقرب من مقر محكمة الشمال بمدينة بنغازي.
ونقلت مسؤولة بمستشفى محلية عن شهود عيان قولهم إن مسلحين على متن سيارة أطلقوا الرصاص على نجية ولاذوا بالفرار، بينما كانت تقوم، كعادتها، بتنظيف الشارع المعروف باسم الكورنيش.
وقالت مسؤولة بمستشفى الجلاء للحوادث ببنغازي إن الحالة الصحية للسيدة نجية مستقرة، مشيرة إلى أنها أصيبت بطلق ناري بالبطن.
وتعدّ هذه المرأة أحد رموز الثورة، التي اشتهرت بنشاطاتها المساندة للثوار المعتصمين في ميدان التحرير، من خلال تطوعها لتنظيف طريق الكورنيش منذ اندلاع الثورة وحتى الآن.
وتزامن هذا الاعتداء مع قيام مجهولين باغتيال العقيد إبراهيم السنوسي عقيلة آمر المخابرات العامة الليبية بالمنطقة الشرقية، على يد مسلحين مجهولين ترصدوه بمنطقة الفويهات وأطلقوا عليه وابلا من الرصاص وهو يقود سيارته، ولاذوا بالفرار.
وقبل مصرعه، كان السنوسي قد أبلغ إحدى القنوات المحلية الليبية، في اتصال هاتفي، عن رصده لاجتماع مريب شاركت فيه عناصر متطرفة في بنغازي مع مسؤولين أجانب.
إلى ذلك، ارتفع عدد ضحايا الحادث الذي استهدف عناصر من جهاز الشرطة القضائية بتقاطع منطقة الحشان بورشفانة في العاصمة الليبية طرابلس، إلى خمسة قتلى.
وقال عضو الشرطة القضائية مسعود القماطي إنه تعرض وزملاءه، خلال قيامهم بملاحقة عناصر عصابة مسلحة قامت بسرقة سيارة تابعة لوزارة العدل، لإطلاق نار عشوائي، مما أدى إلى وفاة ثلاثة عناصر على الفور، ووفاة اثنين آخرين متأثرين بجراحهما التي أصيبا بها أثناء الحادث.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم