أوكرانيا بين نهجين سياسيين

التكامل مع روسيا أو التقارب مع المؤسسات السياسية والعسكرية الغربية

مكاتب محرك البحث الروسي «ياندكس» الذي حجبته السلطات الأوكرانية بسبب دعم موسكو الانفصاليين في شرق البلاد (أ.ف.ب)
مكاتب محرك البحث الروسي «ياندكس» الذي حجبته السلطات الأوكرانية بسبب دعم موسكو الانفصاليين في شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا بين نهجين سياسيين

مكاتب محرك البحث الروسي «ياندكس» الذي حجبته السلطات الأوكرانية بسبب دعم موسكو الانفصاليين في شرق البلاد (أ.ف.ب)
مكاتب محرك البحث الروسي «ياندكس» الذي حجبته السلطات الأوكرانية بسبب دعم موسكو الانفصاليين في شرق البلاد (أ.ف.ب)

تنظر السلطات الأوكرانية إلى روسيا بوصفها «دولة معتدية»، بسبب ضمها شبه جزيرة القرم ودعمها العسكري والسياسي للميليشيات المسلحة في دونيتسك ولوغانسك، كما تنتقد الدول الأوروبية الدور الروسي في النزاع الدائر في تلك المنطقة. ويشير مراقبون إلى أن عودة الحديث عن فرض تأشيرات على المواطنين الروس بالتزامن مع قرار الاتحاد الأوروبي إعفاء الأوكرانيين من التأشيرات، موقف يعكس بدقة خلفية النزاع في المنطقة، ويشيرون بصورة خاصة إلى أن الأزمات السياسية التي شهدتها أوكرانيا طيلة السنوات الماضية جاءت على خلفية تنافس داخلي بين نهجين سياسيين؛ الأول يدعو إلى التكامل مع الجارة روسيا والابتعاد عن المؤسسات السياسية والعسكرية الغربية، والآخر يدعو إلى العكس تماماً.
وفي هذا السياق، يصف محللون روس قرار أوكرانيا فرض التأشيرات بأنه خطوة جديدة من جانب السلطات في كييف، لتثبيت أسس «جدران العزل» السياسية والاجتماعية بين البلدين، مقابل إزالة كثير من العقبات أمام انضمام أوكرانيا للمؤسسات الغربية.
يدرس مجلس الرادا الأوكراني (البرلمان) إمكانية طرح مشروع قانون للنقاش، يتم بموجبه فرض تأشيرات دخول على المواطنين الروس الراغبين بالتوجه إلى الأراضي الأوكرانية. وتعود مبادرة مشروع القانون المذكور إلى عدد من القوى السياسية الأوكرانية المناهضة لروسيا، وفي مقدمتها حزب «الجبهة الشعبية» بزعامة رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق أرسيني ياتسينيوك، ومعه أحزاب أخرى تصنف في روسيا على أنها أحزاب قومية متطرفة، مثل حزب «الدعم الذاتي»، فضلا عن بعض النواب من «كتلة بيوتر بوروشينكو»، وهي الكتلة النيابية الموالية للرئيس الأوكراني الحالي بوروشينكو. وحسب بعض المصادر، فإن البرلمانيين الأوكرانيين سيعملون على اتخاذ قرار بشأن مشروع القانون المذكور، والسعي لطرحه على التصويت في مجلس الرادا قبل منتصف يونيو (حزيران) المقبل، أي بالتزامن مع بدء العمل بقرار الاتحاد الأوروبي الخاص بإعفاء المواطنين الأوكرانيين من تأشيرات دخول الدول الأوروبية.
وكانت أوكرانيا قد لوحت أكثر من مرة بفرض تأشيرات دخول على المواطنين الروس خلال السنوات الماضية، وتحديداً منذ عام 2014 حين بدأت الأزمة السياسية داخل أوكرانيا، التي أدت لاحقا إلى نزاع مسلح في مناطق دونباس (جنوب شرقي أوكرانيا)، التي تحظى بدعم روسي كبير.
وعلى الرغم من تصاعد حدة الأزمة والخلافات بين موسكو وكييف، فإن السلطات الأوكرانية لم تتجرأ بعد على اتخاذ قرار بشأن التأشيرات للمواطنين الروس، وكان أوليغ لياشكو، الزعيم الراديكالي الأوكراني، قد عرض الفكرة في عام 2014، إلا أن القيادة الأوكرانية لم توافق عليها، واكتفت بإعلان روسيا «دولة معتدية» وإطلاق «الحملة العسكرية» في جنوب شرقي أوكرانيا. واقتصر الأمر على قرار اتخذته السلطات في كييف عام 2015 فرضت بموجبه على المواطنين الروس استخدام جواز السفر الخارجي لعبور الحدود الأوكرانية، بعد أن كانوا يستخدمون جواز السفر الداخلي، وهو بمثابة بطاقة تعريف، أو «هوية شخصية» للمعاملات داخل البلاد ولا يُستخدم للسفر خارج البلاد. ولم ترد روسيا على تلك الخطوة، وما زالت تسمح للمواطنين الأوكرانيين بدخول الأراضي الروسية باستخدام جواز السفر الأوكراني الداخلي.
ويبدو أن السلطات الأوكرانية تتريث في تبني الخطوة السياسية في مجال فرض تأشيرات على المواطنين الروس، خشية النتائج الاقتصادية التي قد تنجم عن رد روسي مماثل، يحرم أكثر من 4 ملايين مواطن أوكراني يعملون في روسيا من مصدر دخلهم الرئيسي. وتشير بعض المعطيات الروسية إلى أن نحو 5 ملايين مواطن أوكراني يعملون في السوق الروسية، ويرسلون سنوياً إلى ذويهم نحو مليار دولار أميركي، مما يعني أنهم يشكلون مصدر دخل للاقتصاد الأوكراني المنهك. وأكدت ماريانا بيتسا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأوكرانية، في تصريحات خلال خريف العام الماضي، أن تطبيق قرار فرض تأشيرات على المواطنين الروس، أمر ممكن من الناحية التقنية، لكن في حال تم اتخاذ قرار سياسي بهذا الشأن، ولفتت إلى «عدد من المسائل التي لا بد من النظر إليها بتوازن، وأخذها بالحسبان خلال اتخاذ القرار، وبالدرجة الأولى تداعيات قرار كهذا على حياة المواطنين البسطاء، حيث يعيش قرابة 3 ملايين مواطن أوكراني في روسيا، وحماية مصالحهم من أولوياتنا».
وعلى الجانب الروسي، رفض ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، الحديث عن الرد الروسي المحتمل، وقال: «الحديث النظري في غير محله في قضايا كهذه»، داعياً للتريث إلى حين «بدء موجة جديدة من الكراهية لروسيا» حسب قوله، وأضاف محذراً من أن فرض التأشيرات «قد يوجه ضربة لمصالح الأوكرانيين أنفسهم»، لافتاً إلى أن «السلطات الأوكرانية وجدت ما يكفي من الشجاعة لعدم اتخاذ قرار كهذا»، وعاد وكرر دعوته للتريث «لأنه لم يتم بعد اتخاذ أي قرار». تصريحات بيسكوف جاءت تعليقاً على تجدد الحديث في الأوساط السياسية الأوكرانية حول هذا القرار، وإطلاق برلمانيين أوكرانيين حملة لتوضيح القرار وجمع تواقيع لصالحه، وذلك منذ 21 مايو (أيار) الحالي، أي قبل يوم واحد عن نشر الاتحاد الأوروبي قراره بإعفاء المواطنين الأوكرانيين من تأشيرات دخول أراضي الاتحاد الأوروبي.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.