الحكومة تتجاوز «بيان الرياض» واختبار حاكمية مصرف لبنان

«حزب الله» تمسك برياض سلامة فتراجع رئيس الجمهورية عن الفيتو

اجتماع الحكومة اللبنانية بحضور الرئيس ميشال ورئيس الحكومة سعد الحريري عون امس (دالاتي ونهرا)
اجتماع الحكومة اللبنانية بحضور الرئيس ميشال ورئيس الحكومة سعد الحريري عون امس (دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة تتجاوز «بيان الرياض» واختبار حاكمية مصرف لبنان

اجتماع الحكومة اللبنانية بحضور الرئيس ميشال ورئيس الحكومة سعد الحريري عون امس (دالاتي ونهرا)
اجتماع الحكومة اللبنانية بحضور الرئيس ميشال ورئيس الحكومة سعد الحريري عون امس (دالاتي ونهرا)

تجاوزت الحكومة اللبنانية، يوم أمس، مطبين كبيرين كانا سيهددان استمراريتها، أبرزهما، الخلاف على «بيان الرياض» الذي صدر بُعيد القمة العربية – الإسلامية - الأميركية التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي في المملكة العربية السعودية، كما موضوع تجديد ولاية حاكم مصرف لبنان، الذي كان يعارضه رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، والذي سار به يوم أمس من دون تسجيل أي اعتراض أو تحفظ يُذكر.
واستبق رئيسا الجمهورية والحكومة أسئلة كان من المرتقب أن يوجهها وزيرا «حزب الله» حول موقف لبنان من «بيان الرياض» الذي التزم «التصدي لتدخلات النظام الإيراني العدائية في شؤون الدول الداخلية ودعمه الإرهاب والتطرف»، فأكد عون مع انطلاق الجلسة أن «بيان القمة العربية - الإسلامية - الأميركية التي عقدت في الرياض، صدر بعد مغادرة الرؤساء والوزراء»، مجددا بذلك موقفا كان قد أطلقه وزير الخارجية جبران باسيل. وشدد رئيس الجمهورية على «التزام لبنان بما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري»، وهو ما تحدث عنه أيضا رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي قال في كلمته: إن لبنان «ملتزم ميثاق جامعة الدول العربية وانتماء لبنان العربي، وحريص دائما على ترميم العلاقات مع كل الدول العربية وباقي الدول». وأوضح الحريري، أن «إعلان الرياض، ليس ملزما، وما يهمنا هو وحدتنا الوطنية والمواقف المحددة في خطاب القسم، والبيان الوزاري». وأضاف: «في المنطقة متغيرات عدة، وعلينا أن نحيّد لبنان، بحيث لا يكون جزءا من أي صراع أو خلاف. إن سياستنا النأي بالنفس لتجنيب لبنان أي دخول مع طرف ضد آخر، وهذا هو الأساس».
وأكد وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، أن أيا من الفرقاء ومن ضمنهم «حزب الله» لم يسجلوا أي اعتراض خلال جلسة مجلس الوزراء، يوم أمس، بخصوص طريقة التعاطي مع قمة الرياض وبيانها، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك اتفاقا ضمنيا داخل الحكومة وبين الرئيسين عون والحريري على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة كما عن القضايا الإقليمية، وهو اتفاق انسحب على قمة الرياض وما نتج منها.
وانسحبت الاتفاقيات بين القوى السياسية الرئيسية في البلد على موضوع تجديد ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فبعد أن كان الرئيس عون وفريقه السياسي يعارضون هذا التجديد، أو حتى مجرد تمديد الولاية من منطلق رفضهم بشكل عام لمنطق التمديد وتمسكهم بوجوب إتمام تعيينات جديدة في كل المراكز والمؤسسات دون استثناء، وافقوا يوم أمس على السير بولاية كاملة تمدد 6 سنوات جديدة، من دون تسجيل أي اعتراض أو تحفظ؛ ليضمن بذلك الحاكم رياض سلامة استمراره في منصبه حتى عام 2023، أي 30 عاما على التوالي في المركز نفسه.
وكشفت مصادر في قوى 8 آذار مقربة من «حزب الله» عن أن «السبب الرئيسي الذي دفع عون إلى السير بسلامة هو إلى جانب إجماع القوى السياسية على بقائه في موقعه، وتمنيات دولية وصلت إلى رئاسة الجمهورية، تمسك (حزب الله) به، واعتماده على خبرته وعلاقاته والأهم على إتقانه عملية تدوير الزوايا التي من شأنها أن تمتص قدر الإمكان تداعيات أي قرارات أميركية جديدة لمحاصرة الحزب». وأضافت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «(حزب الله) مقتنع أن المرحلة لا تحتمل وجوها جديدة مهما بلغت كفاءتها، بل تتطلب شخصية ذات خبرة وعلاقات دولية لربما تنجح بوقف العقوبات حتى قبل إصدارها». وقد أبلغ الحزب موقفه هذا لحليفه الرئيس عون، مرفقا التمني بالسير بالموضوع بأن يكون كاملا، أي تجديدا لـ6 سنوات، وليس تمديدا محدودا للولاية.
وأعلن وزير الإعلام اللبناني ملحم الرياشي بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أن الحكومة أعادت تعيين سلامة لمدة ستة أعوام أخرى، موضحا أن هذا الاقتراح طرح على مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال «وتمت الموافقة عليه بالإجماع». وكان وزير المال علي حسن خليل طلب رسميا من مجلس الوزراء تمديد ولاية سلامة التي تنتهي في أول أغسطس (آب) المقبل.
وتولى سلامة منصبه منذ نحو 24 عاما، ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه ضامن للاستقرار النقدي في البلاد، إلا أن ناشطين استنكروا على وسائل التواصل الاجتماعي التجديد له، وشددوا على وجوب كفاءات أخرى تستحق أن تتبوأ هذا المنصب.
وعلق الوزير تويني، المحسوب على رئيس الجمهورية، على تجديد ولاية سلامة، لافتا إلى أن هذا الموقع ليس موقعا سياسيا، بل يتعلق بإدارة مالية البلد، وله طابع تقني – مالي – اقتصادي، مختلف عن قيادة الجيش أو قوى الأمن الداخلي وغيرهما. وأضاف: «عندما اتخذ الرئيس عون قراره هذا انطلق من نقطتين أساسيتين، استقلالية القرار الاقتصادي، وسعيه للمحافظة على متانة الوضع المالي».
وواجه اقتصاد لبنان عقبات على مدى سنوات بسبب الاضطرابات في المنطقة، بما في ذلك الحرب في سوريا المجاورة والأزمة السياسية في البلاد. ويقول صندوق النقد الدولي إن «الناتج المحلي الإجمالي اللبناني زاد واحدا في المائة في 2015، ومن المتوقع نموه بنسبة مماثلة في 2016، وبلغ الدين العام 138 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015».
وقال سلامة إن «انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للبلاد في أكتوبر (تشرين الأول) بعد خلو المنصب لمدة عامين ونصف العام، وتشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري في أواخر العام الماضي، وضعا الأساس لتحقيق نمو أفضل». وحذّر رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم أمس من «خطورة الوضع الاقتصادي الذي لا يقل أهمية عن الوضع السياسي»، داعيا إلى «ترتيب بيتنا الداخلي في ظل التطورات الخطيرة في المنطقة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.