موسكو تركز على «صوغ دستور سوري»... وتستضيف اجتماعاً رباعياً لـ«محاربة الإرهاب»

موسكو تركز على «صوغ دستور سوري»... وتستضيف اجتماعاً رباعياً لـ«محاربة الإرهاب»
TT

موسكو تركز على «صوغ دستور سوري»... وتستضيف اجتماعاً رباعياً لـ«محاربة الإرهاب»

موسكو تركز على «صوغ دستور سوري»... وتستضيف اجتماعاً رباعياً لـ«محاربة الإرهاب»

أكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن موسكو تعمل بنشاط مع الأردن وإسرائيل في الموضوع السوري، داعيا الأطراف المشاركة في العملية السياسية إلى مناقشة الدستور سواء في جنيف أو في آستانة، في وقت استضافت فيه موسكو اجتماعا لمسؤول الأمن في إيران وروسيا والعراق والنظام السوري. وقال شويغو أمام مجلس الدوما، خلال «الساعة الحكومية» أمس: «نود لو أن يبدأ العمل على الدستور ومستقبل سوريا على منصة جنيف أو منصة آستانة»، وأشار إلى أن روسيا تتمنى أن يتم بحث آليات اعتماد الدستور الجديد «نظرا لأنه يدور الحديث فيه حول الآليات الجديدة للانتخابات البرلمانية وانتخاب القيادة السورية». كما أعرب عن أمله في انطلاق جولة جديدة من المفاوضات في آستانة، مطلع يونيو (حزيران) المقبل، موضحا: «سنتمكن من العمل هناك على تثبيت كل معايير خريطة إنشاء ممرات آمنة بين الأطراف المتنازعة، ويجب أن يكون طولها وفق الاقتراح الروسي نحو كيلومتر واحد».
وتابع شويغو: «نعمل بشكل مستمر مع الأردن، ونعمل كذلك، لا أخفيكم أمراً، مع إسرائيل»، مشيرا في هذا السياق إلى «اتصالات بناءة» مع وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان. وأعرب عن قناعته بأنه «لدينا كل الإمكانيات كي يؤدي هذا كله إلى بداية نشطة للحوار السياسي» حول تسوية الأزمة السورية.
وفي السياق ذاته، قال وزير الدفاع الروسي إن موسكو ما زالت تواصل بحث تطورات الأزمة السورية بصورة مستمرة مع الولايات المتحدة، وكشف عن عمل مشترك بين الجانبين على مشروع مناطق تخفيف التصعيد في جنوب سوريا. وقال: «اتصالاتنا وتعاوننا مع الأميركيين لا تنقطع، ومستمرة على مدار الساعة، نتحدث معهم ليل نهار، ونلتقي على مختلف الساحات». وقال إن عملا كبيرا يجري مع الأميركيين، رافضا الكشف عن أي تفاصيل قبل إنجاز ذلك العمل، واكتفى بالإشارة إلى أن العسكريين الروس والأميركيين يعملون بالطبع على إقامة مناطق تخفيف التصعيد جنوب سوريا.
وتوقف بعد ذلك عند الهجمات باستخدام السلاح الكيماوي في سوريا، وكرر الموقف الروسي ذاته، الذي يرفض تحميل نظام الأسد المسؤولية عن تلك الهجمات. وأشار إلى أن معظم مقاطع الفيديو عن تلك الهجمات «مجرد فبركات». وأكد أن وزارة الدفاع الروسية لديها معلومات «حول امتلاك المنظمات الإرهابية المحظورة في روسيا (جبهة النصرة) و(داعش) مكونات السلاح الكيماوي». كما كشف شويغو عن زيارة أجراها إلى سوريا الجنرال فاليري غيراسيموف رئيس الأركان الروسي إلى سوريا، وقال إنه عاد من هناك ليل أمس الأربعاء، دون أن يوضح تفاصيل تلك الزيارة واللقاءات التي جرت خلالها.
في غضون ذلك، قالت وسائل إعلام إن قادة مجالس الأمن القومي لكل من روسيا وإيران والعراق والنظام الوسري عقدوا اجتماعا الثلاثاء في ضواحي موسكو. ولم تشر وسائل الإعلام الروسي إلى ذلك اللقاء، غير أن وكالة «فارس» قالت إن مسؤولي الأمن من الدول المذكورة عقدوا اجتماعهم الأول في ضواحي موسكو، وشارك في الاجتماع نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، وعلي مملوك مستشار الأمن القومي السوري، وعلي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، وفالح فياض مستشار الأمن القومي العراقي. وبحث المجتمعون التعاون في مجال التصدي للإرهاب، ونتائج القمة السعودية - الأميركية في الرياض. وقال مصدر روسي لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماعا على هذا المستوى وبهذه الطبيعة الأمنية يجري عادة بعيدا عن الأنظار والصحافة، لبحث قضايا استراتيجية. ورجح في هذا السياق إلى أن رؤساء مجالس الأمن القومي من دول «تحالف بغداد» حسب وصفه، تدارسوا الخطوات المشتركة على ضوء استئناف التعاون الاستراتيجي بين الرياض وواشنطن، لا سيما الموقف المشترك من إيران وتصنيفها دولة راعية للإرهاب، مستبعدا تبني المجتمعين لأي خطوات محددة، وقال إن الأمر ربما اقتصر على التأكيد على «استمرار التعاون».
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاجتماع هو الأول من نوعه بين كبار المسؤولين الأمنيين الأربعة، منذ الإعلان في سبتمبر (أيلول) عام 2015 عن تشكيل تحالف يضم روسيا ونظام الأسد والعراق وإيران، لمواجهة تنظيم داعش، وافتتاح مركز معلوماتي في بغداد يضم ممثلي هيئات أركان جيوش الدول الأربع، ويكون مقره في بغداد. حينها قال مصدر روسي لوكالة «إنتر فاكس» إن الوظائف الأساسية للمركز ستتلخص في جمع ومعالجة وتحليل معلومات عن الوضع في منطقة الشرق الأوسط، في سياق محاربة تنظيم داعش، إضافة إلى توزيع هذه المعلومات إلى الجهات ذات الشأن وتسليمها إلى هيئات أركان القوات المسلحة للدول المشاركة في المركز.
وبحسب وكالة «تسنيم»، فإن الاجتماع تناول «التنسيق بين الدول الراعية لمحادثات آستانة، أي إيران وروسيا وتركيا من أجل دعم وقف إطلاق النار خصوصا في المناطق الأربع السورية، حيث شدد الجميع على دعم هذه الخطوة في سبيل إنهاء الأزمة السورية». وتم الاتفاق في نهاية الاجتماع على عقد جلسات دورية مماثلة لهذا الاجتماع من أجل زيادة التعاون « لمكافحة الإرهاب بشكل مؤثّر».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم