في بيتنا مصمم: نورين فرح... من المنشية في الإسكندرية إلى لندن ونيويورك

لم تكن تدرك نورين فرح (27 عاماً) أن قدرها هو أن تكون مصممة أزياء. فقد استغرقتها رحلة البحث عن ذاتها ما بين الفنون الجميلة والديكور عدة سنوات، علماً أنها تخرجت أساساً من الأكاديمية البحرية العربية للتكنولوجيا والنقل البحري، قبل أن تسافر إلى بريطانيا لدراسة الديكور. لم تحرك فيها أي من هذه المجالات مشاعر قوية تُشعرها بذاتها، إلى أن توجهت إلى ميلانو وفلورنسا لدراسة تصميم الأزياء حينها فقط تقول فرح: «شعرتُ بأني وجدتُ ضالَّتِي، حيث تعرفتُ على عالم الأزياء، وكيفية تركيب الأقمشة مع بعضها، وأساسيات التصميم، ووجدت نفسي في تصميم الأزياء». حفزها حماسها وشغفها على افتتاح أول أتيليه خاص بها رغم أنها لم تكن ملمَّة بصناعة الأزياء بجميع تفاصيل المهنة.
تروي: «وظفت خياطاً من المنشية بالإسكندرية حيث توجد محلات الملابس، وبعد أربعة أشهر وجدت الطلبات تنهال على من كل صور، الأمر الذي شجعني على الانتقال إلى القاهرة بنية افتتاح أتيلييه في مصر الجديدة»، وهو ما كان لها. فرح تُعيد بداية شهرتها لمدونة الموضة المصرية نهى الشربيني التي ما إن ظهرت بأحد تصاميمها حتى توالت الطلبات عليها، لكن البداية الحقيقة كانت بعد النسخة الثالثة لمهرجان القاهرة للموضة (Cairo Fashion Festival) حيث أطلقت أول مجموعة لها بالأقمشة المخملية بطابع رومانسي.
وفي أعقاب المهرجان بدأ اسمها يتداول بين الفنانات المصريات الشابات تحديداً، من مثيلات أمينة خليل، ودينا الشربيني، وتارا عماد، وأروى. كلهن بدأن يظهرن بتصاميمها في مناسبات متنوعة، وفي حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي في العام الماضي، مثلاً، وعندما فُجع عالم الفن بوفاة النجم محمود عبد العزيز وتغيرت خطط بعض النجمات في الظهور بتصاميم وألوان معينة على السجادة الحمراء، لجأت إليها كل من أمينة خليل ودينا الشربيني، فما كان منها إلا أن لبَّت الطلب وصممت لهما فستاني سهرة باللون الأسود لتفادي الوضع. كان الوقت قصيرا لكن النتيجة كانت مثيرة وناجحة لفتت أنظار فنانات أخريات مثل منى زكي وناهد السباعي وأخريات أصبحن يلجأن إليها في كل مناسباتهن المهمة، بما في ذلك مهرجانا القاهرة ودبي السينمائيان. ليس هذا فحسب بل يطلقن عليها «المنقذة» لأنها تنجز الفساتين في وقت قياسي وبمظهر يناسب شخصية كل واحدة.
تمتلك فرح رغم صغر سنها ميزة كبيرة، ألا وهي المهارة في تغيير شكل الأقمشة وتطويعها لتأخذ شكلاً مغايراً لخامتها الأصلية. فهي كما تقول لديها توجه خاص في استخدام الخرز والتطريز بأسلوب مبتكر، مما يمنح مجموعاتها تميزاً وانسيابية.
بيد أنها لا تنسى أن تشير إلى أن التحديات التي تواجهها كثيرة وعلى رأسها «توفر أيادٍ عاملة ماهرة في فنون الخياطة والتطريز، إضافة إلى قوة وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تشكل سيفا ذا حدين. إذا استعملت بطريقة صحية فإنها تصبح أفضل وسيلة بالنسبة لمصمم في بداية الطريق للوصول إلى زبونات من كل أنحاء العالم، لكنها أيضاً يمكن أن تضره إن لم تستعمل بطريقة صحيحة». في مجموعتها الثانية استخدمت نورين أقمشة الشيفون المطبوعة بالورود لتعيد للمرأة المظهر الرومانسي الذي اختفى وسط الأزياء العملية في الآونة الأخيرة، حسب رأيها. وأخيراً أطلقت مجموعة أزياء للشاطئ تتسم بالجرأة وتستلهم أشكالها وألوانها من بدايات القرن العشرين، وتحديداً الثلاثينات والأربعينات، بما في ذلك إعادتها لرداء السباحة ذي القطعة الواحدة أناقته، لكن بخطوط أكثر انسيابية وبألوان مبهجة. وتعتبر العودة إلى مظهر «الريترو» واللعب عليه سمة من سمات تصاميمها إلى جانب جرأتها واستقائها من «البوب آرت» بشكل معاصر للغاية. فتصاميمها الأخيرة مثلاً استلهمت بعضها من شكل هاتف «OPPO» وكانت على شكل بدلة مسائية للسهرة بوجهين مختلفين ظهرت بها الفنانة أمينة خليل في مهرجان القاهرة للموضة.
في شهر فبراير (شباط) الماضي، شاركت في أسبوع لندن للموضة مع 7 مصممين آخرين مثلوا مصر، كما شاركت في أسبوع نيويورك، إلا أنها لا تزال ترى نفسها في البداية وأن الطريق أمامها طويل جداً، لا سيما أن من طموحاتها الكثيرة إعادة البريق لمصر في مجال الأزياء والقاهرة كعاصمة للموضة العربية كما كانت عليه في منتصف القرن الماضي.