في آيسلندا... سوق عقارية نشطة تتحدى التجمد

الاقتصاد القوي يدفع الأسعار للانتعاش... وتوقعات نمو 30 % في 2019

منزل عصري في العاصمة الآيسلندية ريكيافيك (نيويورك تايمز)
منزل عصري في العاصمة الآيسلندية ريكيافيك (نيويورك تايمز)
TT

في آيسلندا... سوق عقارية نشطة تتحدى التجمد

منزل عصري في العاصمة الآيسلندية ريكيافيك (نيويورك تايمز)
منزل عصري في العاصمة الآيسلندية ريكيافيك (نيويورك تايمز)

المنزل مقسم إلى عدة مستويات ويطل على المحيط في مدينة هفنارفيوردور التي تبعد نحو 20 دقيقة بالسيارة جنوب مدينة ريكيافيك، عاصمة آيسلندا. تعد ريكيافيك ثالث أكبر مدن البلاد، ويبلغ تعداد سكانها 250 ألف نسمة، وينظر إليها السكان باعتبارها ميناء الصيد ويصفونها «بالمدينة التي ترقد فوق الحمم» بسبب كثرة ما تحويه من صخور بركانية.
بني المنزل الذي تبلغ مساحته 3.073 قدم مربع عام 2002، وهو من تصميم ابنة صاحب البيت، ومعروض للبيع مقابل نحو 860 ألف دولار، بحسب ما تقول أسيدس أوسك فالسدوتير، سمسار العقارات بشركة هوساسكيول التي تولت عرض العقار للبيع. وأضافت أن المنزل يتكون من غرفة نوم رئيسية ومساحتين مفتوحتين يمكن بسهولة تحويلهما إلى غرفتي نوم إضافيتين.
يتكون المنزل من أربعة طوابق مبنية حول ساحة في الوسط، ويفضي السلم الموجود بالمرآب الذي يسع سيارة واحدة إلى المدخل، وهو عبارة عن ردهة زجاجية طويلة. ومن هناك تؤدي السلالم إلى غرفة المعيشة من خلال ممر بأرضية باركيه وأسقف عالية ومكان لتناول العشاء. لغرفة النوم أرضية خشبية وأبواب زجاجية.
تؤدي السلالم التي تبدأ من المدخل أيضاً إلى الطابق الثاني، حيث المطبخ، وغرفة معيشة صغيرة ومكتب يمكن تحويله إلى غرفة نوم ثانوية أو رئيسية. بالمطبخ خزائن من خشب الماهوغني، وطاولات من حجر الغرانيت وأحواض ومشتملات ستينليس.
بأحد أركان المطبخ مكان يمكن تناول العشاء السريع فيه، بالإضافة إلى غرفة لغسيل الملابس. بالمنزل حمامان، أحدهما قريب من غرفة النوم الرئيسية والثاني به حوض استحمام، وهو قريب من المطبخ وبه نصف حمام للضيوف.
الطابق العلوي به غرفة جلوس محاطة بالنوافذ من ثلاث جهات تطل على المحيط والمدينة المجاورة، وبالمنزل أيضاً غرفة منفصلة يمكن تحويلها إلى غرفة نوم، بحسب فلسدوتير.
والمنزل مقام على مساحة نصف هكتار، وحوله فناء مسور وأشجار مكتملة النمو وشجيرات صغيرة. وبالمنزل فناء يمكن الوصول إليه من غرفة النوم، وسطح خشبي. وعلى مسافة مسير قصير من البيت، هناك بعض المدارس ومركز تجاري وحمام سباحة، والمكان مناسب للتنزه ولممارسة الأنشطة التي تتطلب هواء طلقاً، بالإضافة إلى وجود طرقات للمشي ولركوب الدراجات، وفق فالسدوتير.
وعلى بعد 10 دقائق بالسيارة، هناك مركز لرياضة الفروسية، وهناك محال ومطاعم بوسط مدينة ريكيافيك لا تبعد أكثر من خمسة دقائق عن البيت، فيما يبعد مطار كيفلافيك الدولي 30 دقيقة بالسيارة عن البيت.
أفادت جاسون كريستيان أولفاسون، مندوبة المبيعات بشركة ميكلبورغ العقارية، بأن سوق العقارات منتعشة بمدينة ريكيافيك، حيث ارتفعت الأسعار ما بين 10 إلى 15 في المائة خلال الثمانية عشر شهراً الماضية، ويبلغ متوسط سعر العقار ما بين 40 مليون إلى 50 مليون كرونا، أي ما يوازي في المتوسط نحو 454 ألف دولار أميركي.
وبحسب تقرير حديث صدر عن بنك أريون، من المتوقع أن ترتفع الأسعار مجدداً بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2019. فالاقتصاد قوي، وهو ما تمثل في ارتفاع إجمالي الناتج المحلي بواقع 7.2 في المائة عام 2016، بحسب بيانات حكومية. ولم تشهد البلاد إنشاءات جديدة في السنوات العشرة الأخيرة التي أعقبت فترة الركود الاقتصادي العالمي.
وقال فلهايمور بيارنسون، رئيس اتحاد صناعات «هاغزموناسامتوك هيميلانا»، إن «الأسعار تضخمت بدرجة كبيرة بسبب نقص العقارات، حيث اقتصرت مشروعات البناء التي تولتها البلدية على إضافة عدد محدود من مشروعات البناء بمدينة ريكيافيك منذ عام 2008».
ونتيجة لذلك، تجد الكثير من عروض الشراء بمجرد طرح عقار للبيع، وفق سماسرة العقارات، وغالباً ما يزيد السعر المعروض عن 4 إلى 8 في المائة عن السعر المطلوب، خاصة وسط وغرب العاصمة الآيسلندية ريكيافيك، التي تعد ضمن أكثر المناطق شعبية. «عادة ما يباع البيت بسرعة كبيرة»، بحسب فالسدوتير، «والشقق التي تضم غرفتي نوم أو ثلاث غرف غالباً ما تباع خلال أيام معدودة».
السوق بطيئة في مدينة هفنارفيوردور، لكنها بدأت في اللحاق بالسوق في ريكيافيك، «ولذلك حتى وإن كان ارتفعت الأسعار كثيراً في وسط المدينة، فإن فرص الشراء لا تزال متاحة في الضواحي».
وبحسب سماسرة العقارات المشترين فإن الأجانب ندرة في آيسلندا، ويأتي أغلبهم من دول أوروبا، مثل ألمانيا، وإسبانيا، وسويسرا. «يحتاج المشترون الأجانب تصريحاً قبل شراء العقارات في آيسلندا... وتعد عملية الشراء أسهل بالنسبة لمواطني دول الاتحاد الأوروبي مقارنة بباقي الجنسيات»، بحسب ما يقول بيارنسون. وبصفة عامة، فغالبية المشترين هذه الأيام يشترون بغرض الانتقال إلى بيوت أوسع، وبعضهم مواطنين عائدين للتو من الخارج ويسعون لشراء منزل ثانٍ في آيسلندا. وشهدت آيسلندا زيادة في أعداد المشترين الراغبين في الاستثمار بشراء المنزل لتأجيره لاحقاً، وفق أولافسون، مضيفاً أن نحو 15 في المائة من عملاء ميكلابورغ من المستثمرين.
* أساسيات الشراء
بمجرد أن يتلقى المشتري الأجنبي موافقة حكومية على شراء عقار، لا تطرأ أي عقبات أمامه بعد ذلك. أغلب عمليات نقل الملكية يتولاها وكيل البائع، حيث إنه لا يوجد وكيل للمشترين في آيسلندا، «ولذلك إن أردت شراء عقار في آيسلندا، عليك بالذهاب إلى وكيل البيع مباشرة»، بحسب ما تقول السيدة فالسدوتير.
عادة لا يحتاج المشترين إلى محامٍ، ويقول بيارنسون إن «وكيل العقارات يتمتع بسلطة قانونية في التعامل مع عمليات الشراء والبيع». الأهم هو أن عملية البيت والشراء تسير بشكل مباشر وسلس، «فإن توافر المال وتصريح الحكومة، فالعقبات الباقية بسيطة، هذا إن وجدت».
* المواقع الإلكترونية
موقع سياحة هفنارفيوردور: visithafnarfjordur.is
موقع سياحة ريكيافيك visitreykjavik.is
مواقع عقارية fasteignir.is and mbl.is
* اللغة والعملة
الآيسلندية، والعملة الكورونا (1 كورونا = (009.دولار)
* الضرائب والمصروفات
مصروفات نقل الملكية منخفضة نسبياً في آيسلندا بالمقارنة بغيرها من الدول، والتكلفة النهائية للمصروفات تتراوح ما بين 2.5 إلى 3.5 في المائة من سعر البيع، وفق أحد الوكلاء العقاريين. ويسدد البائع 0.8 في المائة من قيمة العقار كرسم بيع، أو 0.4 في المائة من سعر البيع لأول مشترٍ حسب تقييم الحكومة. ويسدد البائع عمولة السمسار والتي تتراوح عادة بين 1.5 إلى 2.5 في المائة من سعر البيع، بالإضافة إلى القيمة المضافة وهي 24 في المائة من قيمة العمولة، وتبلغ الضريبة العقارية على هذا المنزل 4.659 دولار سنوياً، بحسب السيدة فالسدوتير.

* خدمة «نيويورك تايمز»



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».