متحف «بيت بيروت»: معاناة الحرب والسلم

صورة أرشيفية لبناية «بيت بيروت» خلال أعمال ترميمها (رويترز)
صورة أرشيفية لبناية «بيت بيروت» خلال أعمال ترميمها (رويترز)
TT

متحف «بيت بيروت»: معاناة الحرب والسلم

صورة أرشيفية لبناية «بيت بيروت» خلال أعمال ترميمها (رويترز)
صورة أرشيفية لبناية «بيت بيروت» خلال أعمال ترميمها (رويترز)

تأخر افتتاح متحف في بيروت يهدف إلى تجاوز ذكريات الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما رغم اكتمال أعمال التجديد في «البيت الأصفر».
ويطلق على البناية اسم مبنى «بركات» نسبة إلى الأسرة التي كانت تقطنه في السابق. وتحكي واجهته التي تغطيها الثقوب تذكارا صارخا بالحرب المريرة والطويلة التي لا يزال كثير من اللبنانيين، وخصوصاً ممن عانوا من ويلاتها، يجدون صعوبة في تجاوز ذكرياتها.
وقالت إحدى المدافعات عن مشروع الحفاظ على المبنى إن المتحف الذي يطلق عليه «بيت بيروت» يهدف إلى «أنسنة» الحرب أو إضفاء طابع «إنساني» عليها لإظهار التغييرات والتحولات التي شهدتها المدينة وسكانها منذ انتهاء الحرب عام 1990.
وقالت منى حلاق، وهي مهندسة معمارية وناشطة مهتمة بالحفاظ على التراث وساعدت في منع شركة عقارية من شراء المبنى وهدمه، لـ«رويترز»: «نحنا هنا ببيت بيروت نريد أن نحكي قصص بيروت وأهلها.. وكيف يتغير الإنسان خلال الحرب، ماذا يحدث له؟ وبالوقت نفسه كيف تتغير المدينة خلال الحرب. كيف تتقسم؟ وما هي كل تغيرات المدينة الديمغرافية والاجتماعية والثقافية خلال الحرب».
وأوضحت منى حلاق أنها تريد الابتعاد عن الجدل الخاص بالحرب الأهلية، ووصفت المتحف ببساطة بأنه متحف ذكريات بيروت وليس بالضرورة ذكريات الحرب فحسب، ولكن أيضاً ذكريات زمن السلم والتحولات والتغيرات في حياة سكانها.
وتبدأ حكاية بيت بيروت عام 1924 من القرن الماضي، وكان ملكاً لعائلة بركات التي كلفت المهندس أفتيموس ببنائه خلال الانتداب الفرنسي. فارتكز أفتيموس على الزوايا المفتوحة التي منحت غرف القصر جميعها إطلالة على الخارج من جميع الجهات. فعندما تدخل القصر لا تفارقك السماء المانحة ضوءها على مساحة البناء.
وفي عام 1932 وضع المهندس فؤاد قزح لمساته على بيت بيروت، وقام بتعزيز التقنيات المعمارية التي جمعت حضارات عثمانية وغربية، واستعمل الحجر الرملي الأصفر حيث بات المكان يعرف بالبيت الأصفر.
ومع بداية الحرب الأهلية عام 1975، وجد سكان البيت الأصفر أنفسهم في قلب النار، وأنهم أصبحوا على خطوط تماس بين شرقية وغربية، حيث تقع منطقة السوديكو أحد أشهر وأخطر مناطق القتال في بيروت.
غادر السكان المبنى الأصفر وتركوه إلى ميليشيات الحرب الذين استفادوا من هندسته المفتوحة على المدينة، مما سمح لهم باستخدامه منصة قنص مزودة برؤية بانورامية قادرة على الاصطياد السريع.
خرج البيت الأصفر من الحرب بدمار جزئي وتشويه شبه كامل، وكان على لائحة المباني المؤهلة للهدم في عام 1990.
وتقول منى حلاق إنه على الرغم من اكتمال أعمال التجديد منذ بعض الوقت وتوفر الأموال، لم يتم افتتاح المتحف رسمياً. وتوضح أن «البيت جرى ترميمه، وسمع الناس بافتتاحه أكثر من مرة، لكنه لم يفتتح ولم يبدأ محتواه الثقافي بعد. نحن اليوم نطالب البلدية ومحافظ مدينة بيروت بالبدء في المحتوى الثقافي والبرمجة الثقافية لهذا المبنى.. الأموال موجودة والكفاءات كذلك».
وبلدية بيروت هي المسؤولة عن أعمال الترميم ووضع برنامج، لكن عقبات تقف في الطريق. وينفي رئيس بلدية بيروت زياد شبيب وجود عقبات أمام الافتتاح الرسمي. وقال إن البلدية تعكف حالياً على إعادة تأهيل عدة متاحف وترغب في وضع برنامج ثقافي موحد للجميع.
وأوضح أنه لا يوجد ما يعوق الافتتاح، «لكن هناك تحضيرات أساسية نعمل عليها... فلدينا عدد كبير من المنشآت الثقافية التي ستشكل البنية الثقافية التحتية لبيروت، منها متحف بيروت التاريخي وبيت فيروز، وغيرها».
واستغرق ترميم المبنى نحو عشر سنوات وتكلف نحو 18 مليون دولار. ويجاور المبنى الأصفر القديم مباني أكثر حداثة، بينها مركز أبحاث وقاعة احتفالات ومكتبة. وجرت أعمال الترميم بمساعدة فنية من بلدية باريس.



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).