القوات العراقية تضيق الخناق على «داعش» في الموصل القديمة

«هيومان رايتس ووتش» تتهم «الحشد» باعتقال عشرات المدنيين

جانب من مواجهة بين الشرطة الاتحادية و«داعش» في غرب الموصل أمس (إ.ب.أ)
جانب من مواجهة بين الشرطة الاتحادية و«داعش» في غرب الموصل أمس (إ.ب.أ)
TT

القوات العراقية تضيق الخناق على «داعش» في الموصل القديمة

جانب من مواجهة بين الشرطة الاتحادية و«داعش» في غرب الموصل أمس (إ.ب.أ)
جانب من مواجهة بين الشرطة الاتحادية و«داعش» في غرب الموصل أمس (إ.ب.أ)

أعلنت قوات مكافحة الإرهاب العراقية أمس عن تحريرها حي النجار بالكامل والوصول إلى مشارف حي الشفاء الاستراتيجي الذي يمثل البوابة الشمالية الشرقية للمدينة القديمة وسط الموصل، بينما اتهمت المنظمة الدولية لمراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش)، «الحشد الشعبي» باعتقال وتعذيب العشرات من المدنيين الفارين من المعارك في قضاء الحضر غرب الموصل.
وقال الملازم الأول قيس الجبوري، الضابط في جهاز مكافحة الإرهاب لـ«الشرق الأوسط»: «بعد اقتحامنا حي النجار خلال اليومين الماضيين، دارت معارك شرسة بيننا وبين إرهابيي (داعش)، وتمكنا في الساعات القليلة الماضية من بسط السيطرة على هذا الحي والبدء بعمليات التمشيط والتفتيش عن الإرهابيين المختبئين فيه لتأمينه بالكامل». وتابع قيس: «التقدم متواصل. لم يبق أمامنا سوى حي الشفاء الذي يقع على الحافة الغربية لنهر دجلة، ومع تحريره، نكون قد وصلنا إلى المدينة القديمة، لتنفيذ آخر مراحل عملية تحرير الموصل وتنظيفها».
في غضون ذلك، مهدت قوات الشرطة الاتحادية أمس لانطلاق المرحلة الأخيرة من المعارك، وقال قائد قوات الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط»: «قصفت قطعاتنا بالمدفعية الثقيلة وصواريخ (غراد) وبإسناد كثيف من الطائرات المسيرة، عشرات الأهداف المنتخبة للتنظيم، كمراكز القيادة والتموين ومخازن الأسلحة الدفاعية والعجلات وآليات النقل والإسناد، وسط المدينة القديمة».
بدورها، كشفت خلية الإعلام الحربي عن توجيه القوة الجوية العراقية عدة ضربات ضد مواقع وتجمعات «داعش» في قضاء البعاج غرب الموصل، وذكر بيان للخلية أنه «استناداً لمعلومات دقيقة من وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، وجهت طائرات القوة الجوية عدة ضربات جوية في قضاء البعاج، وأسفرت هذه الضربات عن تدمير مخزن وقود تابع للتنظيم وقتلت اثنين من مسلحيه، واستهدفت غارة أخرى مقرا للحسبة (شرطة داعش) وأسفرت عن مقتل 9 إرهابيين؛ من ضمنهم مسلحون من جنسية عربية، وتدمير الأسلحة والأعتدة التي كانت داخل المقر».
من جانبه، كشف مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، سعيد مموزيني، عن حرق التنظيم آلاف الوثائق الخاصة به وبمسلحين في المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرته في أيمن الموصل، وأردف قائلا: «التنظيم أعدم أمس أكثر من 25 مدنيا في المدينة القديمة رميا بالرصاص بعد أن اعتقلهم وهم يحاولون الخروج من المناطق المحاصرة».
وتزامنا مع مواصلة القوات الأمنية عملياتها العسكرية، اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أمس «الحشد الشعبي» باعتقال ما لا يقل عن مائة ر‏جل نازح تعسفيا وتعذيبهم في أواخر أبريل (نيسان) الماضي. وأوضحت المنظمة في تقريرها أنها قابلت 3 مواطنين من الحضر، اعتقلهم «الحشد الشعبي»، مضيفة أنه «كان هناك مسؤولون محليون على معرفة بعمليات الاحتجاز في المنطقة». ونقلت المنظمة الدولية عن أحد الرجال الهاربين قوله: «بعد فرارنا من منازلنا بسبب الحرب، تعرضنا للاحتجاز من قبل (الحشد الشعبي) لمدة تصل إلى 15 يوما في مبنى إحدى المدارس القريبة من المنطقة. استجوبونا عن صلات محتملة لنا بتنظيم داعش».
وأشارت المنظمة إلى أن المعتقلين «تعرضوا للضرب بكابلات معدنية سميكة قبل إطلاق سراحهم مع عدد قليل من المحتجزين الآخرين». ودعت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة الدولية، لمى الفقيه، الحكومة العراقية إلى التعامل مع هذه النتائج بقلق بالغ وبذل كل ما في وسعها لضمان وصول المدنيين الفارين من المعارك إلى المناطق الآمنة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».