دي ميستورا يطلب غطاء دولياً لاستئناف «جنيف»

مجموعة فنية لبحث الدستور... وعودة إلى «السلال الأربع»

دي ميستورا يطلب غطاء دولياً لاستئناف «جنيف»
TT

دي ميستورا يطلب غطاء دولياً لاستئناف «جنيف»

دي ميستورا يطلب غطاء دولياً لاستئناف «جنيف»

يطلع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مجلس الأمن في الساعات المقبلة على نتائج الجولة السابقة من مفاوضات جنيف بين 16 و19 الشهر الجاري بهدف الحصول على غطاء دولي لعقد جولة سابعة من «جنيف السوري» منتصف الشهر المقبل لاستئناف عمل اللجنة الاستشارية الخاصة ببحث الدستور السوري في منتصف يونيو (حزيران) المقبل.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن دي ميستورا دعا عددا من الخبراء القانونين والسياسيين إلى مونترو في سويسرا بين 22 و24 الشهر الجاري لعقد مشاورات مع فريقه إزاء صوغ الدستور السوري الجديد وفق أولوية موسكو التي كانت اقترحت مسودة دستور لسوريا تضمنت تشكيل «جمعية للمناطق» وأخرى للبرلمان مع الحفاظ على النظام الرئاسي في البلاد، الأمر الذي قوبل بانتقادات من دمشق وممثلي المعارضة السورية. ويُتوقع أن يختار دي ميستورا بعض المشاركين في مشاورات مونترو للانضواء في اللجنة الاستشارية التي كان اقترح خلال الجولة الماضية تشكيلها بين ممثلي النظام ووفد «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة الذي أبدى تحفظات وتمسك في بحث الانتقال السياسي في سوريا.
وبحسب وثيقة وزعها مكتب دي ميستورا عن الجولة السادسة من جنيف، وحصلت «الشرق الأوسط» على نصها، فإن المفاوضات اتسمت بـ«قصر مدتها وتركزها على هدف محدد تمثل في إضافة بعض الهياكل إلى العملية لتمكين الجانبين من تعميق تعاونهما فيما يتعلق بالسلال الأربع» التي اتفق في الجولة الخامسة على بحثها وشملت «الحكم» و«الدستور» و«الانتخابات» و«محاربة الإرهاب»، إضافة إلى «تحقيق تفهم أكبر لما ينبغي تحقيقه لضمان نجاح الحكومة والمعارضة في التفاوض حول عملية انتقال سياسي بالتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254 وبيان جنيف (للعام 2012)، مع الاحترام الكامل لسيادة سوريا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها».
عليه، فإن «الجديد» في الجولة السادسة كان «إطلاق عملية فنية تشاورية لتفحص بعمق أكبر القضايا الدستورية والقانونية»، حيث أبلغ دي ميستورا وفدي النظام والمعارضة أن الهدف من تشكيل «عملية فنية تشاورية دعم إحراز تقدم أسرع عبر ضمان تمتع أي عملية انتقال سياسي أثمرتها المفاوضات بأسس فنية دستورية وقانونية متينة»، ذلك بحسب وثيقة مكتب دي ميستورا. وأضافت الوثيقة: «من أجل تحفيز المناقشات حول هذه العملية الاستشارية الفنية وزع دي ميستورا ورقة حيال كيفية بناء هذه العملية. وعندما لم ير جدوى من وراء التفاوض حول ورقة داخلية تخص الأمم المتحدة حض الطرفين على المضي قدماً لما وراء الورقة من خلال تحديد أسس مشاركتهما في العملية التشاورية».
وأشارت الورقة إلى اجتماعين عقدا بين خبراء مكتب دي ميستورا وآخرين من وفد النظام والمعارضة، إضافة إلى اجتماعات أخرى مع «خبراء من مجموعتي القاهرة وموسكو حيث اتسمت جميع اجتماعات الخبراء بروح المجاملة وجاءت بناءة وتثقيفية» على أن ينضم ممثل من كل مجموعة في الوفد الاستشاري للمعارضة المرحلة المقبلة.
وينوي دي ميستورا عقد الجولة السابعة من مفاوضات جنيف في منتصف يونيو، إضافة إلى عقد تشاورات عميقة مع ممثلي المجتمع المدني في مونترو بين الأحد والأربعاء و«سيعرض دي ميستورا قبل الجولة المقبلة مقترحات حول الاستعدادات المفيدة الواجب اتخاذها فيما يخص عناصر أجندة العمل عبر جميع السلال الأربع وحول كيفية المضي قدماً. كما سيجري طرح فرصة المشاركة في اجتماعات الخبراء الفنيين في ظل العملية التشاورية على جميع الأطراف المعنية»، بحسب الوثيقة.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.