مطعم الأسبوع: «فيشرز» أنس نكهة النمسا في لندن

لقب لندن الجديد هو «عاصمة الطعام»، وهذا اللقب لم يأتِ من فراغ، لأن تلك العاصمة الفقيرة بمطبخها غنية بوفرة مطاعمها الإثنية التي يتعدى عددها الـ350 نوعاً ومطبخاً، ومطعم «فيشرز» Fischer’s هو خير دليل على نجاح لندن بالتربع على قمة العواصم التي تجلب لك نكهات العالم.
«فيشرز» يحمل شعار «كافيه غير رسمي يحيي أجواء فيينا في أوائل القرن العشرين»، وهذا الشعار يترجمه الديكور الذي يقف وراء روعته برادلي ويليامز الذي ركز على النحاس وأرائك الجلد وساعة عملاقة متدلية من السقف تتوسط المكان أشبه بتلك التي تجدها في محطات القطارات حول العالم، وهذا الديكور يجعلك تشعر كأنك في فيينا أو بالأحرى في أحد مقاهيها مثل «زاخر» أو «كافيه سنترال» وغيرها من المقاهي الشهيرة التي تفتح أبوابها في الصباح الباكر وتقدم القهوة النمساوية مع الحلوى والفطور وتستمر الضيافة طيلة اليوم فتقدم الغداء والعشاء وهذا ما يفعله «فيشرز» تحديداً، فيفتح أبوابه من الساعة السابعة والنصف صباحاً ويقدم الفطور. فترى الزبائن يجلسون برفقة كتاب أو صحيفة، وفترة الغداء والعشاء يقدم لائحة غنية بالأطباق الألمانية / النمساوية مثل «فينر شنيتزل» (قطعة من لحم العجل مغلفة بالخبز المقرمش ومقلية) تقدم مع صلصة «الغرايفي» إلى جانب سلطة البطاطس وسلطة الطماطم، ومن الممكن طلب الحجم الصغير أو الكبير ولكن أنصحك بأن تطلب قطعة كبيرة لأنها لذيذة جدا وستندم إذا طلبتها صغيرة.
ويقدم المطعم أيضاً نقانق الفرانكفورتر (على الطريقة الألمانية) وسمك «الهيرينغ»، وغيرها من الأطباق التقليدية اللذيذة التي تعتبر عماد المطبخ البافاري.
ولا يكتمل مهرجان الأكل في «فيشرز» من دون تذوق حلوى «سترودل» (فطيرة التفاح تقدم مع الآيس كريم أو الكريمة). يملك «فيشرز» الواقع في منطقة ماريلبون في وسط لندن كريس كوربن وجيريمي كينغ اللذان يقفان وراء ملكية ونجاح «آيفي» و«لو كابريس» و«ذا وولزلي» و«ديلوني» و«براسري زيديل» و«كولبير» الأشهر في سلوان سكوير، وعندما تزور «فيشرز» سوف تلاحظ نقط التشابه التي تجمعه مع المطاعم الأخرى التي يملكها كوربن وكينغ لأنه يحمل توقيعها وفلسفتهما في عالم المطاعم.
أكثر ما يميز «فيشرز» بعيداً عن نوعية الطعام، هو الاهتمام بالتفاصيل والخدمة، فترى النادل دائمي الابتسامة ويعرفون لائحة الطعام عن ظهر قلب ويقدموا شرحا مفصلا عن الأطباق ويدلون بنصائحهم فيما يخص اختيار الأطباق خصوصاً وأن المطبخ البافاري (ومثل هذه الأطباق) ليس معروفا لدى الجميع. والاهتمام بالتفاصيل يظهر من خلال اختيار أطباق طبع عليها اسم المطعم وشوك وسكاكين من الفضة الخالص تزيد المائدة رونقا وجمالا.
عندما فتح «فيشرز» أبوابه منذ نحو ثلاث سنوات، استغرب كثيرون اختيار مطبخه واعتبر بعض النقاد أن زيارته ستكون أشبه بمغامرة أو زيارة مدينة ملاهي، ولكن المطعم أثبت للنقاد والذواقة بأنه عنوان مميز ولا يتنافس مع مطاعم مشابهة له في لندن لأنه بالفعل مميز وقد يكون الوحيد الذي يقدم الأطباق النمساوية والألمانية بحرفية عالية تنقلك إلى أعالي الألب وإلى قلب بافاريا، والأهم هو الجو العام للمطعم، فبمجرد الدخول إليه تشعر بالراحة، فهو أنيق ولكنه خال من التكلف، فليس أشبه بسيرك يتنافس فيه الزبائن على ارتداء الماركات، لا بل إنه عنوان جميل وبسيط يشعرك بالراحة وتزوره مرة لتدرك بأنه سيكون من عناوينك المفضلة، لأنه يقدم الفطور والغداء والعشاء ويفتح باكراً ويقفل أبوابه في ساعة متأخرة، وهذه ميزة لا تجدها في كثير من مطاعم لندن.