لدولة لبنانية مدنية... إضغط على الرقم التالي: 81202040

شعار الحملة المطالبة بدولة مدنية في لبنان (عن صفحة الحملة على تويتر)  -  بعض التغريدات التي تحمل شعار «نحن الدولة المدنية»
شعار الحملة المطالبة بدولة مدنية في لبنان (عن صفحة الحملة على تويتر) - بعض التغريدات التي تحمل شعار «نحن الدولة المدنية»
TT

لدولة لبنانية مدنية... إضغط على الرقم التالي: 81202040

شعار الحملة المطالبة بدولة مدنية في لبنان (عن صفحة الحملة على تويتر)  -  بعض التغريدات التي تحمل شعار «نحن الدولة المدنية»
شعار الحملة المطالبة بدولة مدنية في لبنان (عن صفحة الحملة على تويتر) - بعض التغريدات التي تحمل شعار «نحن الدولة المدنية»

بدأت في لبنان شعارات مطالبة باستبدال النظام الطائفي بنظام عصري متطور ينهي صراع الطوائف على السلطة، تتردد مؤخراً في معظم المناسبات السياسية أو الدينية، وفي المظاهرات والتحركات المطلبية، على ألسنة السياسيين، والمواطنين الناشطين في الحقول الاجتماعية. وترافق مع هذه الفكرة العامة عنوان عريض يحمل مصطلح «الدولة المدنية».
كثيرا ما نسمع من بعض اللبنانيين أن الحل لآفة الفساد ومشكلة النظام الطائفي يكمن بقيام الدولة المدنية. ونسمع من البعض الآخر أنه ضد هذا المفهوم، خوفا على دينه. فيزعم الكثير بأن الدولة المدنية تتعارض مع الأديان والإيمان.
ضمن هذا الإطار، أطلقت 44 شخصية لبنانية، من مثقفين وأكاديميين وفنانين ومهندسين وإعلاميين، أمس (الخميس) في 18 مايو (أيار)، حملة وعريضة بعنوان «احترموا الدستور، نعم للاقتراع خارج القيد الطائفي»، من أجل «استعادة الدولة المدنية»، وفق الأمين العام لحركة "مواطنون ومواطنات في دولة"، الوزير السابق شربل نحاس.
تصدر هاشتاغ #نحن_الدولة_المدنية قائمة التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، بعد ساعة على إطلاق المبادرة من برنامج كلام الناس الذي يبث مساء كل خميس على قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال.
تنطلق الحملة من المادة السابعة من الدستور التي تنص على أن «كل اللبنانيين سواء لدى القانون»، والمادة التاسعة منه التي تنص على «حرية الاعتقاد مطلقة». بالتالي: «أي قانون انتخاب يحرم المواطن من خيار الترشح أو الاقتراع لمرشح التزم تمثيله خارج الانتماء الطائفي هو خرق للدستور».
* اللبنانيون ينشرون هوياتهم دعماً للدولة المدنية
دعت الحملة المواطنين إلى إرسال صور عن هوياتهم إلى رقم الحملة 81202040 عبر تطبيق واتساب. كما يمكنهم التواصل مع منظمي الحملة عبر الاتصال بالرقم نفسه. وقد شهدت الساعات الأولى من إطلاق الحملة إرسال ما يزيد على 3 آلاف هوية، مع إطلاق هاشتاغ التواصل والرد: #نحن_الدولة_المدنية.
استضاف برنامج كلام الناس، الوزير السابق شربل نحاس، قائد الحملة، فأعلن رسميا عن ولادة هذه الحملة، وقال‬: «نحن نثبّت شرعية الدولة المدنية. لسنا قلائل. لا نخاف. نحن هذا المجتمع، ونحن نناضل لأجله!».
وأشار نحاس إلى أن هذه الحملة هي خطوة أساسية لـ: «نردّ القاعدة مع المواطنين إلى ماهية لبنان وأساسه: الدولة المدنية». وأضاف: «في بلادنا لا تقاليد. نحن اليوم نستعيد تاريخ البلد من خلال دعوة المواطنين إلى مبادرة سياسية تسترد الدولة المدنية».
* نص العريضة
«أي قانون انتخاب يحرم المواطنة من خيار الترشح خارج الانتماء الطائفي أو من الاقتراع لمرشحة التزمت تمثيله خارج الانتماء الطائفي هو خرق للدستور».
- المادة 7: كل اللبنانيين سواء لدى القانون.
- المادة 9: حرية الاعتقاد مطلقة.
الدولة المدنية هي القاعدة. الواسطة الطائفية هي الاستثناء. احترام الدستور واجب وحاجة.
سألت «الشرق الأوسط» أحد القيمين على حملة 81202040، ما المقصود وراء إرسال صور الهويات، فأتى الرد كالتالي: «تعتبر هويات المناصرين لهذه الحملة وسيلة تثبت انك ضد منع الترشح والانتخاب خارج الانتماء الطائفي. وهذه الخطوة الأولى باتجاه الدولة المدنية».
وعندما طرحنا موضوع حماية الخصوصية، خاصة أن أرقام الهويات في لبنان لا تتوفر للجميع، ومن المستحسن أن تبقى هكذا معلومات خصوصية بعض الشيء، نظرا لدقتها، أجاب المتحدث باسم الحملة: «تتعهد الهيئة التنسيقية للحملة على حماية خصوصية المواطنين، ولن نقوم باطلاع أي جهة مهما كانت على المعلومات الخاصة بأي مناصر». وأضاف: «سنتواصل مع جميع المشاركين بالحملة لإعلامهم بكل المستجدات والخطوات المقبلة، في الوقت المناسب». كما أكد أن هذه الخطوة التي أطلقتها حملة 81202040 تتعدى النشاط المطلبي، لتسجل موقفا سياسيا صارخا بوجه السلطة التي تعرقل الانتخابات النيابية، وتتمسك بمضمون الطائفية.
تنتمي حملة «احترموا الدستور، نعم للاقتراع خارج القيد الطائفي» من أجل «استعادة الدولة المدنية» إلى سلالة «حركتي» التي تسعى إلى شطب المذهب عن سجلات النفوس، والحصول على حق الزواج المدني الكامل والقانوني على الأراضي اللبنانية.
فهي مثل سابقتيها تستند إلى تفسير الدستور، وتنطلق من مواد فيه تعتبرها مدنيّة. فتقول إن الدستور مغيّبٌ ويجري استبداله بـ«نظام» عرفي.
وهي مثل سابقتيها أيضاً وأيضاً... تهدف إلى إحداث خرق دستوري وحقوقي وسياسي وثقافي في الجدار الطائفي، على أمل إحراج السلطة السياسيّة والإدارية عبر مواجهتها بالدستور.
يقولون: «إذا أردت أن تميّع مفهوماً، أو تشوّهه وتتحايل عليه، وتخلق بلبلة عنه، وتصرف الأذهان في المحصلة، يكفي أن تطلق عليه تسميات أخرى لتزيده غموضاً ولبساً، وتخترع له ألقاباً وأوصافاً».
فهل هذا ما حصل حقا بما يتعلق بمفهوم الدولة المدنية في لبنان؟ فكثيرا ما نربط مباشرة بين مفهوم الدولة المدنية، والأفكار المنبثقة عن «العلمانية».
أولا، ما هو مفهوم الدولة المدنية؟
لا يوجد في علم السياسة ما يسمى أصلاً بالدولة المدنية، ومصطلح الدولة المدنية لا أساس له في المراجع السياسية كمصطلح سياسي. ولكن، تم استخدمه وتداوله إعلامياً في لبنان. يعني هذا المصطلح قيام دولة يكون الحكم فيها للشعب بطريقة ديمقراطية، ويتساوى أبناء الشعب في الحقوق، ولا يكون فيها الحكم لرجال الدين أو للجيش.
* مفهوم الدولة العلمانيّة
الدولة العلمانيّة هي الدولة القائمة على حقوق الإنسان، بغض النظر عن دينه أو عرقه، أو مستواه الاجتماعي، حيث مصدر السلطة هو الشعب وليس رجال الدين.
الدولة العلمانية نوعان، يحدّدهما الموقف من الدين.
النوع الأول: الدولة العلمانية المعارضة للدين.
النوع الثاني: وهو في نظرنا الدولة المدنيّة، هي الدولة العلمانية التي لا تعارض وتحاول أن لا تتعارض مع الدين، لا بل ترعاه من حيث مبادئها وفلسفتها، ومن حيث حمايتها حرية الضمير وحرية العبادة.
مخاطر العلمانية.
يتفق الكثير من خبراء علم الاجتماع، على بعض المخاطر التي تحوم حول هذا المفهوم في لبنان. ومن أبرزها: «أن تكون المطالبة بالعلمانيّة، في مجتمع تعدّدي كلبنان، غطاءً للديمقراطيّة العدديّة القائمة على أساس طائفيّ، وأن تُستخدَم أداة لقهر الأقليّات».
نماذج من الدول المدنيّة
الدولة المدنية يمكن أن تكون أحادية الأمة والدين، كفرنسا وتركيا وتكون عادة متحفظة على الدين. ويمكن أن تكون مركبة كسويسرا وبلجيكا والولايات المتحدة وألمانيا حيث تكون عادة إيجابية مع الأديان.
يتألف نظام الحكم في لبنان من مؤسسات الدولة وسلطاتها التشريعية (المجلس التشريعي)، والتنفيذية (الحكومة)، يديرها مدنيون منتخبون يخضعون للمساءلة والمحاسبة، ولا تدار الدولة بواسطة عسكريين أو رجال دين. واستبعاد رجال الدين لا يعني استبعاد المتدينين، ولكن المقصود ألا تجتمع السلطتان السياسية والدينية في قبضة رجل واحد، حتى لا يتحول إلى شخص فوق القانون وفوق المحاسبة.
فمدنية الدولة تمنع تحويل السياسة إلى صراع حول العقائد الدينية أو الشرائع السماوية، بل تبقيها صراعا سلميا بين رؤى وأفكار وبرامج وقوى ومؤسسات وأشخاص يهدف إلى اختيار الأفضل للدولة والمجتمع. وذلك لا يعني الإلحاد أبدا، فالدستور اللبناني يجرم الملحدين، ويمنعهم من التجمع أو إقامة الندوات والمحاضرات العامة منها والخاصة. كما وتعاقب المادة 473 التجديف على اسم «الله» المقدس.
رجال الدين يعترفون بالدولة المدنية في لبنان
اعتبر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن «لبنان دولة مدنية من خلال حكم الميثاق الوطني والمادة 9 من الدستور، ومواصفاتها دولة غير دينية، سلطتها من الشعب لا من الدين، وهي قائمة على حقوق الإنسان والحريات العامة، تساوي في الحقوق والواجبات بحكم المواطنة لا الدين، وفيها تمايز واستقلالية وتعاون بين الدولة والدين، ديمقراطية توافقية لا عددية، مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وتحترم جميع الأديان».
أما الشيخ شفيق جرادي فيتفق مع القول التالي: «إنّ الدولة نقطة ارتكاز نهائية لأي نشاط سياسي، وثمرة عليا لأي مشروع مطلبي أو تغييري، والمصبّ النهائي لأي رؤية مجتمعية. فالدولة ليست مضافة إلى المجتمع، بل هي المجتمع نفسه منظورٌ إليه من أعلى مستويات تنظيمه لنفسه. إنّها داخليته ومرجع هويته ومبرّر وجوده… فالمجتمع المدني ليس اللادولة، وإنّما هو شرط وجود الدولة، مثلما أنّ الدولة هي شرط وجوده أيضاً. فعلى رغم قيام المجتمع المدني كوحدة قائمة بذاتها، إلا أنّه يكتسب عينيته وملموسيته من علاقته بالدولة والأوضاع السياسية ونظام الحكم».
لا يمكننا أن نتحدث عن الدولة المدنية من دون استحضار رجل من رجال الاستقلال، فؤاد شهاب، لا اسماً علَماً لقائد جيش ورئيس جمهورية وحسب، بل عنوانا لمرحلة ما زال لها شهودها، باقية على صورة «دولة مدنيَّة»، لا عسكرية ولا دينية. فحاول جاهدا القيام بإصلاحات في الإدارة الرسمية اللبنانية، بأنها «دولة حديثة تتأسس على علاقة التعاقد الوطني، بعيداً عن التعاقد الطائفي». وتعود بنا الذاكرة أيضا إلى كل ما تحدث عنه كمال جنبلاط في كتابه «نظرة عامة في الشؤون اللبنانية والذهنية السياسية»، فيؤمن أنه: «لا وطن قومي مسيحي في لبنان ولا وطن قومي إسلامي، ولا طغيان سياسي لطائفة على طائفة، بل دولة مدنيّة علمانية تحترم مبادئ الأديان وتعاليمها الأخلاقية المشتركة وتستند إليها. فعلمانية الدولة شرط بقاء لبنان وضمان بنيه».
منذ أن أبصرت الدولة اللبنانية النور، وحلبة صراع الطوائف مفتوحة للجميع في أي زمان ومكان. لأن الطوائف بتعددها واختلافها لا يمكنها أن تبني دولة، ولأن «الدولة» بشكلها الحالي مبنيّة أصلا على الطوائف. ولأن لا أمل بأن تغيّر الطبقة السياسية هذا الواقع، ولا أن تتغير هي بحد ذاتها، فلا بدّ لحملات من هذا النوع، مثل حملة 81202040 أن تُظهر ما يريده اللبنانيون حقاً. لعلّ هذه الصرخة لا تقع على آذان صمّاء، وأن لا تكون «موضة تويترية» عابرة، ينطفئ وهجها مع مرور الوقت.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.