لقاء «سري» يبحث تسهيلات إسرائيلية للفلسطينيين

جمع بين وزير المالية موشيه كحلون ونظيره شكري بشارة في القدس

لقاء «سري» يبحث تسهيلات إسرائيلية للفلسطينيين
TT

لقاء «سري» يبحث تسهيلات إسرائيلية للفلسطينيين

لقاء «سري» يبحث تسهيلات إسرائيلية للفلسطينيين

بعد ساعات من كشف مصادر إسرائيلية لقاء «سريا» بين وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، ونظيره الفلسطيني شكري بشارة في القدس من أجل بحث تسهيلات إسرائيلية للفلسطينيين، أقر بشارة بهذا الاجتماع وقال إنه تم ضمن «اللقاءات الدورية المنصوص عليها في الاتفاقيات الفلسطينية - الإسرائيلية، لتسوية كثير من الملفات المالية، وذلك بما يضمن المصالح الفلسطينية».
وجاء في بيان لوزارة المالية الفلسطينية «أن هذا اللقاء يأتي لاحقا للقاء المانحين الدوليين الذي شدد بموجبه بشارة على ضرورة إيفاء الطرف الإسرائيلي بالتزاماته حسبما تنص الاتفاقيات».
وأوضح بشارة أنه تم خلال اللقاء مناقشة كثير من الملفات المالية العالقة والحقوق الفلسطينية، خصوصا تلك التي تتصل بالمحاسبة وفواتير المقاصة المفقودة التي لا يتسلمها الجانب الفلسطيني، والمبالغ التي تحتجزها إسرائيل والتي يجب تحويلها إلى الخزينة الفلسطينية.
وشدد وزير المالية على أنه تم خلال اللقاء بحث تشغيل معبر الكرامة على مدار الساعة دون إغلاق، من أجل تسهيل التنقل والسفر على أبناء شعبنا، وإنهاء المعاناة التي يواجهونها على المعبر. كما أثار بشارة ضرورة استمرار البنوك الإسرائيلية بتقديم خدمات المقاصة وعدم الإحجام عنها، وتم الاتفاق على تقوية التحاسب والمراجعة ودقة تزويد الجانب الفلسطيني بالمعلومات المحاسبية، بما يضمن المصالح الفلسطينية.
وكانت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي قد قالت إن اللقاء تم بعلم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ينوي إجراء تصويت بعد غد الأحد في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية على رزمة «تسهيلات» للفلسطينيين بهدف تقديمها أمام ترمب.
وقالت القناة الثانية، إن اللقاء الذي كان «سريا» وعقد بين وزير المالية الإسرائيلي ونظيره الفلسطيني ناقش هذه التسهيلات. ونقلت عن مصدر إسرائيلي أنه جرى خلال اللقاء التوصل إلى اتفاق بشأن «تسهيلات اقتصادية ستقدم للفلسطينيين» بعد المصادقة عليها في المجلس الوزاري المصغر.
ووفقا للقناة التلفزيونية الإسرائيلية فإنه من بين أشياء أخرى تم التوافق عليها «قد يتم التصويت يوم الأحد المقبل في جلسة الحكومة الإسرائيلية على فتح معبر (اللنبي) (المعبر الذي يسافر من خلاله سكان الضفة إلى الخارج) على مدار الساعة، وتطوير المناطق الصناعية وتنميتها في مناطق الخليل جنوب الضفة وجنين، شمالها».
وحسب المصدر ذاته، فإن نتنياهو يحاول أن يثبت لترمب قبيل وصوله أنه يمكن أن يتخذ خطوات إضافية دون أن تشمل تجميد البناء في المستوطنات أو إخلاء أي منها. وقال المصدر إن نتنياهو سيعرض هذه التسهيلات التي صاغها بنفسه على ترمب عند زيارته لإسرائيل الأسبوع المقبل.
وحمل الوزير الفلسطيني أيضا عدة أمور يواجه بها الفلسطينيون مشكلات جمة، مثل آلية نقل عائدات الضرائب بينهم وبين إسرائيل، وأيضا أزمة البطالة في أوساط الأكاديميين الفلسطينيين، التي وصلت نسبتها إلى ما يقارب الـ30 في المائة.
وكان الجانب الفلسطيني قد تحدث مع وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي تساحي هنغبي حول هذه القضايا العالقة، ليبادر هنغبي إلى هذا اللقاء، الذي عقبت عليه المالية الإسرائيلية بالقول: «إنه ليس اللقاء الأول الذي يجتمع به كحلون مع وزراء فلسطينيين».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.