الاشتباكات الأعنف بين النظام و{داعش} في ريف السلمية

31 قتيلاً حصيلة المواجهات داخل قرية ينتمي سكانها إلى طائفة الإسماعيلية

الاشتباكات الأعنف بين النظام و{داعش} في ريف السلمية
TT

الاشتباكات الأعنف بين النظام و{داعش} في ريف السلمية

الاشتباكات الأعنف بين النظام و{داعش} في ريف السلمية

قالت وسائل إعلام رسمية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن تنظيم داعش هاجم قرية قرب الطريق الرئيسي بين حلب وحمص، فجر أمس، وقتل الكثير من السكان. ويعد هجوم التنظيم على هذه المنطقة بـ«الأعنف خلال العام الجاري»، حيث تمكن التنظيم من التقدم في عدة مواقع وانتزع السيطرة عليها من قوات النظام.
تواصلت الاشتباكات بين عناصر تنظيم داعش من جانب، وقوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها من جانب آخر، على محاور في محيط منطقتي المبعوجة وعقارب الصافية وبلدة الصبورة في الريف الشمالي الشرقي لمدينة السلمية
بريف حماه الشرقي.
وقال التنظيم في رسالة على مواقع التواصل الاجتماعي، إنه سيطر على قرية عقارب الصافية، لكن الوكالة العربية السورية للأنباء أفادت بأن «الجيش السوري تصدى للهجوم». وذكرت الوكالة أن مقاتلي «داعش» قتلوا 20 شخصا في القرية «قبل أن يتمكن جيش النظام والفصائل المتحالفة معه من دحرهم».
وقالت مصادر أهلية في قرية عقارب الصافية (17 كم شرق مدينة سلمية) لوكالة الأنباء الألمانية إن «مجموعات من مسلحي داعش اقتحموا فجر أمس الأطراف الجنوبية للقرية وتمكنوا من قتل خمسة من عناصر الحاجز التابع لمجموعات الدفاع الوطني الموالية للجيش السوري والسيطرة عليه، قبل دخولهم إلى سبعة منازل وقتل مالا يقل عن 15 شخصا ذبحا بالسكاكين».
ولفتت المصادر، في القرية التي ينتمي سكانها إلى طائفة الإسماعيلية، إلى أن «مسلحي داعش فشلوا في الوصول إلى وسط القرية حيث تصدى لهم الأهالي ومقاتلو الدفاع الوطني بالأسلحة الخفيفة المتوفرة لهم، حيث اضطروا إلى الانسحاب بعد أسر ثلاثة من مقاتلي الدفاع الوطني واقتيادهم إلى خارج القرية».
من جانبه أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الاشتباكات ترافقت مع مزيد من القذائف التي استهدفت مناطق الاشتباك، والتي أطلقها التنظيم على المناطق التي هاجمها، كما سمع دوي انفجارات جديدة في مدينة السلمية، ناجمة عن سقوط قذائف مجدداً على مناطق في المدينة، ما أدى لأضرار مادية، وسقوط جريحين على الأقل.
وحسب المرصد، خلفت الاشتباكات 31 قتيلا، وهم 12 مدنيا على الأقل جرى إعدام ثلاثة منهم، فيما لم يعلم ظروف مقتل الباقيين، و19 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، فيما قتل 15 على الأقل من عناصر «داعش».
وقال إن بعض القتلى كانوا أسرى لدى التنظيم. وتقع القريتان شمالي سلمية قرب الطريق الوحيد الذي لا يزال قابلا للاستخدام بين حلب ومناطق أخرى من سوريا تسيطر عليها النظام.
وطبقا للمرصد، لا تزال أعداد القتلى مرشحة للارتفاع لوجود عشرات الجرحى والمفقودين. وقال مصدر في مستشفى سلمية، إن 20 جثة و45 جريحا وصلوا إلى المستشفى من قرية عقارب الصافية، غالبيتهم أطفال ونساء ومقاتلون من الدفاع الوطني.
ويسيطر النظام وحلفاؤه على الطريق وعلى شريط صغير من الأرض على الجانبين، بينما يسيطر تنظيم داعش على المنطقة الشرقية وتحتل جماعات سورية معارضة وجماعات إسلامية متشددة المنطقة الغربية.
وتعرضت قرية المبعوجة في نهاية أبريل (نيسان) 2015 لهجوم مشابه، أعدم التنظيم خلاله 46 مدنياً بينهم نحو 10 أطفال ومدنيات في القرية التي يقطنها مواطنون من الطوائف الإسماعيلية والسنية والعلوية بالريف الشرقي لمدينة سلمية، وذلك حرقاً وذبحاً وبإطلاق النار من قبل عناصر «داعش».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.