طائرات أميركية تستهدف رتلاً لقوات النظام على طريق دمشق ـ بغداد

على بعد نحو 30 كيلومتراً من قاعدة عسكرية للتحالف الدولي في التنف

طائرات أميركية تستهدف رتلاً لقوات النظام على طريق دمشق ـ بغداد
TT

طائرات أميركية تستهدف رتلاً لقوات النظام على طريق دمشق ـ بغداد

طائرات أميركية تستهدف رتلاً لقوات النظام على طريق دمشق ـ بغداد

استهدف طيران التحالف الدولي، أمس، آليات تابعة لقوات النظام السوري جنوب سوريا، غرب منطقة التنف في البادية السورية، وذلك بعد محاولتها التقدم في الطريق السريعة بين دمشق وبغداد، بحسب ما أعلن بيان للتحالف المعارضة السورية و«المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقال بيان للتحالف، إن القوات الموالية للحكومة السورية «شكلت تهديدا» للقوات الأميركية وشركائها في قاعدة التنف بجنوب سوريا، والضربة أعقبت إطلاق نار تحذيري. وقال مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية لوكالة الأنباء الألمانية، إن قوات التحالف نفذت الهجوم بعد تقييم من قائد التحالف في الميدان يفيد تهديد ضد قواته.
وأضاف المسؤول أن قوات التحالف أجرت استعراضا للقوة، وأطلقت رصاصات تحذيرية، فبل شن الهجوم. ولم يقدم المسؤول أي معلومات عن الخسائر البشرية أو توقيت وقوع الهجوم.
وأكّد مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن « طائرات أميركية استهدفت رتلا لقوات النظام في منطقة قريبة من معبر التنف». من جهته، قال مزاحم السلوم مسؤول في «لواء مغاوير الشرقية» لـ«وكالة رويترز» إن «الطائرات نفذت الضربة بينما كانت القافلة تتقدم على بعد 27 كيلومترا من القاعدة»، مشيرا إلى أن «قوات المعارضة أبلغت التحالف أنها كانت تتعرض لهجوم من قوات النظام والإيرانيين في هذه النقطة... وجاء التحالف ودمر القافلة المتقدمة».
ونقل المرصد عن ضابط منشق قوله إن «طائرات استهدفت آليات لقوات النظام والمسلحين الموالين لها في بادية حمص الشرقية، مشيرا إلى أنها استهدفت آليات عسكرية كانت تحاول التقدم نحو منطقة التنف الحدودية مع العراق والأردن، حيث تسعى قوات النظام لتوسيع نطاق سيطرتها واستعادة مزيد من المناطق التي خسرتها في الأشهر والسنوات الفائتة».
كذلك، قال مصدر قيادي في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الضربة جاءت بعد محاولات من قوات النظام مرات عدة التقدم نحو المناطق الحدودية وتم تحذيرها مرات عدة، وبالتالي أتت هذه الضربة بعد استمرار هذه المحاولات وعدم التجاوب مع التحذيرات»، واعتبر أنها تختلف عن تلك التي استهدفت مطار الشعيرات في حمص قبل نحو شهر، موضحا «ضربة الشعيرات كانت عقوبة للنظام أما هذه الضربة فهي كي تحمي واشنطن مصالحها في المنطقة».
وكان التحالف الدولي قد أنشأ قاعدة عسكرية في منطقة التنف تديرها قوات أميركية وبريطانية وتقوم بتدريب لواء «أسود الشرقية» أحد فصائل «الجيش الحر».
من جهته، قال سعد الحاج مسؤول المكتب الإعلامي لـ«جيش أسود الشرقية»: «القصف من طائرات التحالف الدولي استهدف رتلا لقوات النظام في منطقة تبعد نحو 30 كيلومترا عن التنف، وذلك بعدما حاولت قوات النظام التقدم على طريق دمشق - بغداد»، لافتا إلى أنه ليست هناك أي إحصائية دقيقة حول الخسائر التي نتجت عن هذه الضربة. ورأى الحاج، أن هذه الضربة التي تعتبر الأولى من نوعها هي رسالة إلى قوات النظام وحلفائها لعدم محاولة التقدم في هذه المنطقة التي تخضع لسيطرة فصائل في «الجيش الحر» و«لواء مغاوير الثورة».
وذكر ناشطون أن الطائرات التابعة للتحالف الدولي استهدفت رتلا لقوات النظام والمجموعات المساندة لها في منطقة «الزرقة» على طريق «دمشق - بغداد» الدولي، والتي تبعد عن قاعدة التنف نحو 27 كيلومتراً، وهو ما أشار إليه البراء فارس مدير المكتب الإعلامي في «جيش مغاوير الثورة» لعنب بلدي.
وبحسب «شبكة شام» المعارضة «كان الرتل الموجود في المنطقة يتألف من أربع دبابات وعربة شيلكا و12 شاحنة بعضها محمل بمضادات طيران.
مع العلم أن منطقة البادية السورية تشهد اشتباكات بين قوات النظام وفصائل «الجيش الحر» التي سيطرت على مساحات واسعة من البادية بعد اشتباكات مع تنظيم داعش، حيث تحاول قوات النظام التقدم باتجاه طريق «دمشق - بغداد» انطلاقا من محيط منطقة السبع بيار.
وتعد هذه الضربة بحسب المرصد، الثالثة من نوعها في سوريا، إذ كانت أول ضربة تعرضت لها في النصف الثاني من سبتمبر (أيلول) الماضي مستهدفة جبل الثردة ومحيط مطار دير الزور العسكري وتمركزات لقوات النظام ومواقع لها في محيطها، قضى خلالها 90 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، فيما تلقى مطار الشعيرات العسكري بريف حمص ثاني ضربة حيث استهدفتها الولايات المتحدة الأميركية بضربات صاروخية قضى على أثرها نحو 10 من عناصر قوات النظام وضباطها والمسلحين الموالين لها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.