تصاعد الحملات المنظمة والمعادية لروحاني وحكومته في إيران

مسؤول حكومي: تشكيل مراكز لتوجيه وتنظيم الانتقادات ضد الحكومة

جانب من مظاهرة لمحتجات إيرانيات متشددات ضد حملات الاستهزاء بالحجاب في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة لمحتجات إيرانيات متشددات ضد حملات الاستهزاء بالحجاب في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تصاعد الحملات المنظمة والمعادية لروحاني وحكومته في إيران

جانب من مظاهرة لمحتجات إيرانيات متشددات ضد حملات الاستهزاء بالحجاب في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة لمحتجات إيرانيات متشددات ضد حملات الاستهزاء بالحجاب في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)

اتخذت الانتقادات المتصاعدة ضد أداء الرئيس الإيراني حسن روحاني، وحكومته، شكلا جديدا، في حين يعتقد بعض المسؤولين غير الحكوميين أن الهجوم الشرس يتجاوز حدود الانتقاد.
ويعزو المراقبون ازدياد حجم الانتقادات اليومية التي يتعرض لها روحاني إلى اعتماده نهج إزالة التوتر في السياسة الخارجية، والمساعي الحكومية لحلحلة الملف النووي، والحد من العقوبات ضد إيران. ولم تقف الانتقادات الموجهة للحكومة عند هذا الحد، بل طالت حفلا نظمته زوجته في مناسبة دينية.
ويعد انتشار فيلم بعنوان «لا أُُدعى روحاني»، وتنظيم ملتقى «نحن قلقون» المناهض للحكومة من قبل مؤيدي السياسات الهجومية بشأن الملف النووي، من أحدث الإجراءات التي اعتمدها منتقدو روحاني ضد الحكومة.
وأثارت الحملات التي يتعرض لها روحاني ردودا من قبل رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، وهو محسوب على التيار المحافظ، وعدد من الوجوه البارزة في التيار المحافظ. وأعلن محمد رضا خباز، مساعد نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية وعضو البرلمان السابق، في حوار مع صحيفة «آرمان» الصادرة في طهران عن «تشكيل مراكز بهدف وضع الخطط وإدارة وتنظيم الحملات الهادفة لتشويه صورة حكومة روحاني». وأضاف خباز: «تعمل هذه المراكز بشكل منظم في أنحاء البلاد، وتستخدم المنابر الرسمية بهدف تشويه صورة حكومة روحاني». وتابع: «يسعى منظمو هذه الحركة إلى أن يظهروا حسنات الحكومة على أنها سيئاتها، وإظهار الحكومة على أنها تقوم بخطوات غير مناسبة في شتى المجالات».
وتساءل خباز عن مصادر الرعاية المالية لهذا المشروع، وقال: «لا يتولى شخص واحد أو تيار فكري واحد إدارة كل هذه الحملات والعمليات التي تستهدف حكومة روحاني؛ بل هناك مخازن للتفكير تعمل بشكل منظم، وتقوم بالتخطيط من دون أن تلتزم بالمعايير الأخلاقية، وبالتأكيد فإنها تلقى الرعاية المالية». وتابع خباز: «هؤلاء هم الذين هددوا الحكومة بأن فترة شهر عسلها ستنتهي في غضون ستة أشهر، وبعدها سيتم استهداف الحكومة. لا أعلم بالتحديد هوية الذين يعملون في مخزن التفكير الذي يستهدف روحاني، ولكنهم يساهمون في استمرار المشكلات التي خلقوها بدلا من المساعدة في حلحلتها».
وأشار إلى حملات الدعم التي تلقاها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في فترة رئاسته التي امتدت من 2005 حتى 2013، وقال: «يجب أن نقول لهؤلاء إنكم أمسكتم بزمام الحكم لمدة ثماني سنوات، وأثرتم المشكلات للبلاد، ولكنكم تقومون بوضع الحواجز أمام السيد روحاني الذي اعتزم إزالة المشكلات، بدلا من أن توجهوا الشكر إليه، وتدعون له بالتوفيق. إن مؤيدي حكومة أحمدي نجاد يقومون اليوم بتشويه صورة حكومة روحاني».
من جهته، قال الناشط السياسي والعميد السابق لجامعة «علامة طباطبايي» في طهران الدكتور نجفقلي حبيبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «لا يمكن الجزم بأنه قد جرى تشكيل مخزن للتفكير يستهدف روحاني، ولكننا نلاحظ ظهور حركات متشددة وحادة تستهدف حكومة روحاني خلال الفترة الأخيرة، مما يدل على أن معارضي الحكومة يتجهون نحو تشويه أداء الحكومة سواء في المجال النووي، أم بالحفلة التي نظمتها زوجة روحاني في قصر سعد آباد». وتابع حبيبي: «لقد تعرضت القوانين لصفعات قاسية من قبل المتشددين في مختلف الفترات؛ إذ شاهدنا توسيع نطاق نشاط المتشددين في فترة السيد خاتمي الرئاسية، ولكنها أصبحت أكثر تنظيما خلال الفترة الحالية»، وأضاف حبيبي: «تظهر التصريحات الصادرة من السيد روحاني خلال هذه الفترة بأنه يراقب هذه التحركات، وأعلن أنه سيرد عليها في الوقت المناسب. ولكن يجب القول إن تحركات التيار المتشدد ستحد من نشاط الحكومة، وذلك نظرا للظروف التي تواجهها البلاد».
ويمكن مقارنة الحملات الهادفة للنيل من حكومة روحاني مع نظيراتها في فترة رئاسة محمد خاتمي خلال الأعوام من 1997 إلى 2005، حيث قال خاتمي في توصيف الحملات التي تعرض لها: «يخلقون أزمة جديدة للحكومة كل تسعة أيام».



خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
TT

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم

أغلق المرشد الإيراني علي خامنئي الباب أمام المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، بعدما أرسلت حكومة الرئيس مسعود بزشكيان إشارات إلى إمكانية إنهاء القطيعة مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولى مهامه لولاية ثانية في البيت الأبيض.

ودعا خامنئي، الأربعاء، المسؤولين وصناع القرار في بلاده «ألا يأخذوا طلبات ومواقف أميركا والصهاينة بعين الاعتبار؛ لأنهم أعداء للشعب والجمهورية الإسلامية ويتمنون تدميرها».

وحذر من أنه «إذا استمع المسؤولون في بلادنا في أي مرحلة من مراحل اتخاذ القرار حول القضايا المختلفة إلى التوقعات غير المبررة من الأميركيين، أي مراعاة مصالحهم، فإنهم يكونون قد هددوا ديمقراطية البلاد وجمهوريتها».

والأسبوع الماضي، قال علي عبد العلي زاده، كبير مستشاري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً الملف النووي الإيراني، مع بلوغ طهران مستويات متقدمة من تخصيب اليورانيوم القريب من مستوى إنتاج الأسلحة.

وقد بعثت إدارة ترمب المقبلة وطهران برسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، أم لا.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات التي أجرتها إدارة جو بايدن مع إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي، أم لا؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

ووصف خامنئي العقوبات التي أعاد فرضها ترمب في 2018 بـ«السياسات الخاطئة وغير المجدية»، لافتاً إلى أن «هدفها هو إجبار الاقتصاد الإيراني على الركوع، ولكن الشعب الإيراني حقق أكبر تقدم في مجالات العلم والتكنولوجيا خلال فترة العقوبات، وظهر الشباب الإيرانيون الجاهزون للعمل في مجالات متنوعة».

وأضاف: «بالطبع، تسببت العقوبات في أضرار للبلاد، ولكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وإن شاء الله سيأتي يوم يحاسبهم فيه الشعب الإيراني على هذه الأضرار».

وقال إن «أحد مطالب الاستكبار، بمن في ذلك مسؤولو الجمهورية الإسلامية، هو مراعاة مصالحهم واعتباراتهم في تصميم القضايا المختلفة».

ومن شأن هذه التصريحات أن تزيد ضغوط المحافظين ووسائل إعلامهم على الرئيس مسعود بزشكيان المدعوم من الإصلاحيين.

لكن خامنئي عبر عن ارتياحه لـ«المواقف الصريحة والحاسمة والشجاعة، لرئيس الجمهورية (مسعود بزشكيان) ضد الكيان الصهيوني ودعم أميركا لجرائمه»، وقال إن «هذه المواقف أسعدت قلوب الشعب».

وقال خامنئي في بداية كلامه إنه موجه إلى «أولئك الذين يرتعبون من سياسات أميركا»، وذلك في خطاب سنوي تقليدي له أمام ممثلين من أهل قم، المعقل الأول لرجال الدين في البلاد، بمناسبة ذكرى مظاهرات دموية شهدتها المدينة قبل الإطاحة بنظام الشاه في 1979.

وأردف في السياق نفسه: «الذين يخافون من سياسات أميركا لا ينبغي أن يكونوا خائفين... على مدار عقود بعد الثورة، ارتكب الأميركيون أخطاء في حساباتهم فيما يتعلق بقضايا إيران، ويجب على الخائفين أن يعيروا اهتماماً كافياً لنقطة الضعف الأساسية والمستمرة في النظام الأميركي».

وقال خامنئي: «بعض الأشخاص يقولون: لماذا تتفاوضون وتتواصلون مع الأوروبيين ولا ترغبون في التواصل والتفاوض مع أميركا؟ أميركا كانت قد امتلكت هذا المكان، لكن تم انتزاعه من قبضتها؛ لذا فإن حقدها على البلاد والثورة هو حقد عميق! ولن تتخلى عنه بسهولة».

وأضاف: «أميركا فشلت في إيران، وهي تسعى لتعويض هذا الفشل».

وطالب خامنئي بالتركيز على العمل الإعلامي والدعائي لمواجهة الولايات المتحدة. وقال: «اليوم، فهم الأميركيون جيداً أنه لا يمكنهم تحقيق أهدافهم باستخدام الأدوات العسكرية فقط»، وأشار إلى «زيادة الأميركيين للبرمجيات الدعائية».

وأشار خامنئي إلى الحرب في غزة، وكذلك اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، وقال: «انظروا إلى ما حدث في غزة، قتلوا هذا العدد الكبير من الناس؛ دبابات، مدافع، قنابل، رشاشات، طائرات مسيرة. قتلوا جميع العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على الحركة... وقاموا بتدمير العديد من العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من تدمير (حزب الله)، ولن يستطيعوا ذلك. لذا يجب عليهم العمل عبر الوسائل الإعلامية الناعمة، يجب عليهم القيام بالدعاية».

وقال: «هذه نقطة مهمة لنا، نحن الشعب الإيراني. العمل الإعلامي الناعم هو اختلاق الأكاذيب لخلق فجوة بين الواقع وتصورات الرأي العام. أنتم تتقدمون بقوة لكنهم يروّجون أنكم تضعفون...هم يضعفون لكنهم يروجون أنهم يصبحون أقوى. أنتم تصبحون غير قابلين للتهديد، وهم يقولون إنهم سيقضون عليكم بالتهديدات. هذه هي الدعاية. وهناك من يتأثرون بها».

وقال: «اليوم، العمل الأساسي والمهم للأجهزة الإعلامية لدينا، للأجهزة الثقافية، للدعاية، لوزارة الثقافة والإعلام، لإذاعتنا وتلفزيوننا، ولنشطائنا في الفضاء الإلكتروني، هو أن يمزقوا وَهْم قوة العدو، أن يكسروا هذا الوهم، وألا يسمحوا لدعاية العدو بالتأثير على الرأي العام».

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد أدلى بتصريحات مماثلة عن أهمية الإعلام، وذلك خلال مؤتمر لـ«الحرس الثوري»، الثلاثاء.

وقال عراقجي: «إلى جانب الميدان (الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري») والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».