حكومة فرنسية جديدة مناصفة بين الرجال والنساء

تعكس فلسفة ماكرون... وتعقد اليوم أولى جلساتها في قصر الإليزيه

سيلفي غولار التي عينت أمس وزيرة للدفاع في حكومة ماكرون (أ.ب)
سيلفي غولار التي عينت أمس وزيرة للدفاع في حكومة ماكرون (أ.ب)
TT

حكومة فرنسية جديدة مناصفة بين الرجال والنساء

سيلفي غولار التي عينت أمس وزيرة للدفاع في حكومة ماكرون (أ.ب)
سيلفي غولار التي عينت أمس وزيرة للدفاع في حكومة ماكرون (أ.ب)

بتأخير 24 ساعة، أبصرت أول حكومة في عهد الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون النور، مُشكَّلَة بالتساوي من 22 وزيراً ووزيرة «باستثناء شخص رئيسها إدوار فيليب». واليوم يعقد في قصر الإليزيه برئاسة ماكرون أول اجتماع لمجلس الوزراء يتبعه اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى الذي يضم إلى رئيس الجمهورية والحكومة وزراء السيادة مع قادة الأجهزة الأمنية.
ومثلما كان متوقعاً، ووفق ما أعلنه ماكرون منذ ما قبل انتخابه في السابع من الحالي، فإن الحكومة الجديدة تعكس تماماً فلسفة الرئيس السياسية القائمة على تخطي التناقض العامودي بين اليمين واليسار، والمجيء بحكومة عمادها الرئيسي تيار الوسط الذي يمثله ماكرون مع وزراء من يسار ويمين الوسط. ومع إعلان أمين عام قصر الإليزيه في الثالثة من بعد ظهر أمس التشكيلة الحكومية حتى انهالت عليها، كما كان منتظراً، الانتقادات من كل حدب وصوب.
فمن جهة، وصفها المرشح الرئاسي عن اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون الذي حصل على أكثر من 19 في المائة في الجولة الرئاسية الأولى بأنها «حكومة يمينية»، مما يبرر بنظره أن تصب أصوات الناخبين لصالح حركته السياسية «فرنسا المتمردة» لإيجاد قوة يسارية تواجه العهد اليميني. ومن جهة أخرى، اعتبر أمين عام الحزب الاشتراكي جان كريستوف كمبادليس أن حكومة إدوار فيليب «ليست حكومة تجديد»، وفق ما وعد به الرئيس ماكرون. وعبر المسؤول الاشتراكي الذي يتداعى حزبه شيئاً فشيئاً عن «أسفه» لكون رئاسة الحكومة ووزارة الاقتصاد أُعطيتا لسياسيين من اليمين، وهما إدوار فيليب وبرون لو مير. والأخير كان مرشحاً للانتخابات التمهيدية لحزب «الجمهوريون» اليميني، لكنه كان أول سياسي يميني من الصف الأول «عرض خدماته» على الرئيس الجديد رغم ممانعة إدارة حزبه. كذلك لم يتأخر حزب الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) عن إدانة الحكومة الجديدة التي «تعيد تدوير خليط من السياسيين من اليمين واليسار الهرمين». وما يلفت الانتباه في تعليق الجبهة الوطنية انتقادها العنيف لتولي سيلفي غولارد، النائبة الأوروبية المنتمية إلى تيار الوسط وزارة الدفاع.
وجاء في بيان الجبهة أن هذا التعيين «أمر مثير للقلق، عندما ندرك أن غولارد من أشد مناصري الاتحاد الأوروبي، ولذا فإن (الخطر) وَضْع الدفاع الوطني الفرنسي تحت وصاية أوروبية». وخلاصة اليمين المتطرف أن كل هذه الأسباب يتعين أن تدفع الناخبين للاقتراع لصالح المرشحين «الوطنيين» (أي مرشحي الجبهة) من أجل ولادة معارضة حقيقية في البرلمان. وأخيراً، فإن فرنسوا باروان، المسؤول في حزب «الجمهوريون» عن حملته للانتخابات النيابية القادمة عبّر عن «أسفه» لأن وجهين معروفان من حزبه، وهما برونو لو مير (وزير الاقتصاد) وجيرار دارمرين (وزير الميزانية) التحقا بالحكومة، إلا أن أمين عام الحزب اعتبر أن كلّ مَن انضم إلى الحكومة «فقد عضويته» في حزب «الجمهوريون».
في تغريدة مقتضبة، اعتبر الرئيس ماكرون أن حكومته الأولى هي «حكومة رص الصفوف والتجديد من أجل تغيير فرنسا». وبنظر «الجمهورية إلى الأمام»، فإن الحكومة الجديدة هي «اللبنة الثانية» (بعد الفوز بالرئاسة) من اللبنات الثلاث الواجب توافرها لإحداث التغيير الذي وعد به ماكرون خلال حملته الانتخابية. وحرص رئيس الجمهورية على تفعيل المعايير الثلاثة التي وضعها سلفاً للحكومة وهي: المساواة بين النساء والرجال وضم اليمين واليسار والوسط في حكومة واحدة، وأخيراً ضخ دماء جديدة وشابة من خلال إدخال شخصيات من المجتمع المدني لم تشغل في السابق مناصب وزارية أو نيابية. وبالفعل، فإن حكومة إدوار فيليب التي ستكون مهمتها الأولى والرئيسية تهيئة الانتخابات التشريعية، والسعي لتوفير أكثرية لماكرون، تحترم مبدأ التساوي، كما أنها تضم مزيجاً من اليمين واليسار والوسط.
وأبرز الشخصيات اليسارية وزير الداخلية الجديد جيرار كولومب، وهو من أوائل المسؤولين الاشتراكيين الذين تبنوا ترشيح ماكرون منذ البداية، وكان نائباً عن مدينة ليون (ثاني مدن فرنسا) ورئيساً لبلديتها. ومن الشخصيات الاشتراكية البارزة جان إيف لودريان، وزير الدفاع السابق الذي أوكلت إليه وزارة الخارجية خلفاً لجان مارك أيرولت. وكان الجميع يترقبون أن يبقى لو دريان في وزارة الدفاع التي شغل حقيبتها طيلة خمس سنوات من غير انقطاع، وهو من المقربين جداً للرئيس السابق فرنسوا هولاند، وكان من أهم ركائز حكوماته المتعاقبة.
ووصول لو دريان إلى الخارجية من شأنه أن يطمئن «أصدقاء» فرنسا في الخليج والعالم العربي، لأنه سيكون بمثابة ضمانة لاستمرار السياسة الفرنسية التقليدية في هذه المنطقة، مع ترجيح حصول تغييرات محتملة في سياسة فرنسا إزاء سوريا، وتحديداً إزاء موقف فرنسا السابق الداعي إلى رحيل الأسد كمدخل للعملية الانتقالية السياسية.
ويُضاف إلى هاتين الشخصيتين النائب ريشار فران الذي كان أمين عام حزب «الجمهورية إلى الأمام»، وأعطي حقيبة التنمية للمناطق. وتوزير الثلاثة يعمق رغبة ماكرون في مكافأة من وقف إلى جانبه منذ انطلاقته. ويطرح تكليف سيلفي غولارد وزارة الدفاع بعض الأسئلة غير تلك التي تثيرها الجبهة الوطنية، بل لجهة معرفتها بالشأن العسكري. وليست المرة الأولى التي تكلف امرأة حقيبة الدفاع، إذ سبقتها في هذا المنصب ميشال أليو ماري التي شغلتها طيلة خمس سنوات في ولاية جاك شيراك الثانية.
ورجحت مصادر دبلوماسية في باريس أن تكون تسميتها غولارد المنتمية سياسياً إلى تيار الوسط، في هذا المنصب السيادي الرئيسي مرتبطة بعاملين: الأول، وقوفها إلى جانب المرشح ماكرون منذ البداية، وبالتالي فإن حصولها على هذه الحقيبة مكافأة كبرى لها، والثاني تمسكها العميق بالاتحاد الأوروبي ودفاعها عنه، لا بل دعوتها لقيام فيدرالية أوروبية. وتجدر الإشارة إلى أن غولارد هي من رتبت زيارة المرشح ماكرون إلى برلين ولقاءه المستشارة ميركل. لكن تبقى علامة عدم معرفتها العميقة بالشؤون العسكرية موضع تساؤل في باريس، حيث يرى المراقبون أن «خبرة» لو دريان ستكون مفيدة لها.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن وزير الخارجية الجديد اختار سفير فرنسا لدى لبنان، إيمانويل بون، ليكون مديراً لمكتبه. وبون الذي شغل في السبق منصب مستشار الرئيس هولاند لشؤون العالم العربي والشرق الأوسط يتميز بمعرفة عميقة بشؤون المنطقة، وبالتالي سيكون عوناً للوزير الجيد في مهماته الدبلوماسية فيما يخص البؤر المشتعلة، وفي العلاقات مع بلدان الخليج وبقية البلدان العربية.
تبقى هناك مفاجأتان: الأولى، أن ماكرون أسند الوزارات الاقتصادية الرئيسية لليمين (الاقتصاد والمال ورئاسة الحكومة)، مما يعني أنه ينوي اتباع سياسة ليبرالية واضحة تتماهى مع برنامجه الانتخابي. والثانية أنه أوكل لنيكولا هولو، وهو شخصية معروفة في التيار البيئي مهمة رئيسية. ويتمتع هولو بشعبية واسعة إلى درجة أنه كان يفكر بالترشح لرئاسة الجمهورية. وقبل ماكرون حاول هولاند وساركوزي اجتذابه، ولكن من غير فائدة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.