«داعش» محاصر في 12 كيلومتراً غرب الموصل

بغداد تعلن مقتل 16 ألفاً من التنظيم وتراجع مناطق سيطرته إلى 6 % من مساحة العراق

«داعش» محاصر في 12 كيلومتراً غرب الموصل
TT

«داعش» محاصر في 12 كيلومتراً غرب الموصل

«داعش» محاصر في 12 كيلومتراً غرب الموصل

أعلنت السلطات العراقية، أمس، أن تنظيم داعش بات محاصراً في 12 كيلومتراً مربعاً في البلدة القديمة، غرب الموصل، بعدما حررت القوات نحو 90 في المائة من المدينة. وأشارت إلى مقتل نحو 16 ألفاً من عناصر التنظيم خلال المعارك، متوقعة حسم المعركة قريباً.
وعقد مسؤولون أمنيون من قيادة العمليات المشتركة مؤتمراً صحافياً في بغداد، أمس، حضره الناطق باسمها العميد يحيى رسول، والناطق باسم قوات التحالف الدولي جون دوريان، لإعلان حصيلة العمليات ضد «داعش». وأكد رسول تحرير 89.5 في المائة من مناطق غرب الموصل، لافتاً إلى أن التنظيم كان يسيطر قبل 10 يونيو (حزيران) 2014 على نحو 108 آلاف كيلومتر، أي نحو 40 في المائة من الأراضي العراقية، وانحسرت هذه المساحة اليوم إلى نحو 28 ألف كيلومتر، لتعادل نحو 6 في المائة فقط من أرض العراق.
وقال رسول إن حصيلة قتلى «داعش» منذ انطلاق العمليات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تجاوزت الـ16 ألفاً. وأضاف أن الخسائر المادية التي تكبدها التنظيم تضمنت «تدمير 679 مفخخة، ومعالجة 6661 عبوة ناسفة وتدمير 11 مركزاً للقيادة، فضلاً عن تفكيك 217 حزاماً ناسفاً وتدمير 47 طائرة مسيّرة للتنظيم الإرهابي، إلى جانب تدمير 76 معملاً للتفخيخ».
وأشار إلى أن عدد النازحين من جانبي الموصل بلغ نحو 610 آلاف نازح، بينما بلغ إجمالي العائدين إلى منازلهم نحو 142 ألفاً. وكشف عن استمرار التنسيق المشترك بين القوات العراقية وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن التحالف يساعد القوات العراقية عبر «عمليات الاستطلاع والتصوير الجوي على مدى الساعة وعلى امتداد الأسبوع، إلى جانب نقل الأشخاص والمعدات، وتزويد القوات العراقية بالصورة الجوية للعدو، إضافة إلى مهمة التدريب والتجهيز، وفرق المستشارين المرافقين لقادة وضباط المحاور الحربية في أرض المعركة».
وقال الناطق باسم التحالف الدولي إن «(داعش) على وشك الهزيمة»، وإن «عناصره محاصرون بصورة كاملة، وتم قتل كثير منهم وتدمير مصادر تمويلهم»، مؤكداً: «استمرار التحالف الدولي في دعم القوات العراقية التي تقاتل (داعش) في الموصل».
وكشف دوريان خلال المؤتمر أن قوات التحالف «قتلت كثيراً من عناصر (داعش)، ودمر الطيران أكثر من 300 سيارة مفخخة، وأكثر من مائتي نفق يستخدمها (داعش)، إلى جانب تدمير نحو ألف موقع سيطرة وتحكم لإدامة القتال واستنزاف القوات».
إلى ذلك، أصدرت وزارة الداخلية إحصائية عن عملياتها خلال الأشهر السبعة الماضية من المعركة ضد «داعش». وذكرت أن الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع وشرطة نينوى وأفواج الطوارئ «تمكنت من تحرير 84 قرية ومنطقة، إلى جانب تحرير معمل كبريت المشراق ومطار الموصل ومجمع المحاكم ومديرية كهرباء في غرب الموصل ومديرية شرطة نينوى، إضافة إلى مشاركتها في تحرير شرق المدينة». وقالت إن مديرية الاستخبارات في مكافحة الإرهاب في نينوى «تمكَّنَت من ضبط 39 كدساً للعتاد، ومعمل لتصنيع العبوات والتفخيخ، كما ضبطت أختاماً لـ(داعش)، ومناهج خاصة بما يسمى ديوان التعليم للتنظيم، وألقت القبض على 500 هدف، وعثرت على 13 حزاماً ناسفاً».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.