بوتفليقة يريد حكومة ائتلاف موسعة لأحزاب غير موالية للسلطة

«جبهة التحرير» ترحب... وإسلاميو «مجتمع السلم» منقسمون

بوتفليقة يريد حكومة ائتلاف موسعة لأحزاب غير موالية للسلطة
TT

بوتفليقة يريد حكومة ائتلاف موسعة لأحزاب غير موالية للسلطة

بوتفليقة يريد حكومة ائتلاف موسعة لأحزاب غير موالية للسلطة

أفاد حزب «جبهة التحرير الوطني» الجزائري، الذي تصدر نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في 4 من الشهر الحالي، بأنه يرحب بقرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة توسيع الحكومة لتشمل أحزابا جديدة لم يسبق أن سيرت الشأن الحكومي. فيما تترقب الأوساط السياسية والإعلامية إعلان المحكمة الدستورية قرارها بخصوص مئات الطعون التي وصلتها، والتي تشكك في صدقية الاستحقاق.
وقالت «الجبهة» وهي حزب الرئيس بوتفليقة في بيان أمس، عقب اجتماع مكتبه السياسي، إن التشكيلات السياسية التي ينتظر أن تلتحق بالطاقم الحكومي الجديد، ستنفذ برنامج الولاية الرابعة للرئيس (2014 – 2019). ومعنى ذلك أن البرامج الحزبية التي عرضت على الناخبين في حملة الاستحقاق التشريعي لا مكان لها في «مخطط عمل الحكومة» (كما يسميه الدستور)، لو كانت مختلفة عن الأفكار التي يتضمنها برنامج بوتفليقة الذي انتخب على أساسه قبل 3 سنوات. وأوضح البيان أن «جبهة التحرير» رفعت نتائجها من حيث عدد أصوات الناخبين، مقارنة بانتخابات البرلمان 2012، حيث انتقل، حسبه، من مليون و200 ألف صوت، إلى مليون و700 ألف. ومن مفارقات هذه الانتخابات أن عدد الأصوات الملغاة هو بالضبط نفس عدد المصوتين لفائدة الحزب، الذي يمثل القوة السياسية الأولى في الجزائر.
والتقى رئيس الوزراء عبد المالك سلال الأحد الماضي، بأمين عام «جبهة التحرير» جمال ولد عباس، في إطار استشارة حزبية كلفه بها الرئيس بوتفليقة، تحسبا لتشكيل الحكومة. كما جمعت سلال لقاءات مع ثلاثة أحزاب أخرى موالية للرئيس، جاءت في المراتب الأولى وفق نتائج الانتخابات، وهي «التجمع الوطني الديمقراطي»، و«تجمع أمل الجزائر»، و«الحركة الشعبية الجزائرية». كما التقى بمسؤول الحزب الإسلامي المعارض «حركة مجتمع السلم»، وهو الرقم الصعب في المعادلة؛ لأن الرئيس يريد عودته إلى الحكومة، التي غادرها عام 2012 في سياق أحداث «الربيع العربي»، بينما قادته منقسمون بين مؤيد ورافض لهذا العرض.
وكتب عبد الرزاق مقري، رئيس «مجتمع السلم» بصفحته على «فيسبوك»، بخصوص عرض السلطة: «لا بد أن أشكر من عرض علينا المشاركة في الحكومة احتراما وتقديرا لنا، وحتى من أراد أن يجعلنا في الحكومة لأسباب تكتيكية لتزيين الواجهة نشكرهم. نشكر هؤلاء كذلك لأنهم على الأقل رأوا فينا الجمال الذي يصلح للتزيين ولو بحرماننا من التأثير».
وأضاف مقري موضحا: «الذين نقصدهم هم أولئك الذين يصنعون الاستراتيجيات المستقبلية للجزائر دون أن يراهم الناس، أولئك الذين يريدوننا بإلحاح في الحكومة، ولو بأساليب ليست سياسية ولا شريفة. ليس الهدف عند هؤلاء وطنيا يتعلق بمصلحة الجزائر، إنما المقصود هو السيطرة على المستقبل كما سيطروا على الماضي، وكما يسيطرون على الحاضر لأغراض سلطوية نفعية مصلحية وكذلك آيديولوجية».
وبذلك يكون مقري قد أعلن صراحة أنه لا يريد العودة إلى الحكومة، قبل حتى أن يقول «مجلس الشورى»، وهو أعلى هيئة في الحزب، كلمته. ويرتقب أن يفصل في الأمر خلال اجتماع يعقده الجمعة المقبل.
ويواجه مقري معارضة شديدة داخل حزبه، يقودها رئيس «مجتمع السلم» ووزير الدولة سابقا أبو جرة سلطاني، الذي يريد عودة الحزب إلى أحضان السلطة. وكتب في هذا الشأن يقول إن «وجود حركتنا في السلطة يقضّ مضاجع اليساريين ويصيب المعارضة بخيبة أمل، ووجودها في المعارضة يفقد الحكومة توازنها ويحرج السلطة أمام الرأي العام، وتوسّطها بين السلطة والمعارضة يضع مناضليها بين مطرقة الشعب وسندان النظام. هذه هي الخلاصة المركّزة التي خرجتُ بها بعد معاينة للوضع العام، وبعد تتبّع كرونولوجي لمسار ربع قرن من تعاطي الحركة مع واقع شديد التعقيد والتقلّب، جرّبت فيه الحركة حظّها في المشاركة وفرصتها في المعارضة، وهي اليوم أمام اختبار مفصليّ، بسبب الاهتمام الذي توليه الدولة لهذه الحركة، وبسبب حجم ترقّب المتابعين لقرار مجلس الشورى المنتظر صدوره نهاية هذا الأسبوع».
يشار إلى أن الأحزاب العلمانية المعارضة، ترفض من حيث المبدأ المشاركة في الحكومة، وأهمها «جبهة القوى الاشتراكية» و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«حزب العمال». كما تبدي أحزاب إسلامية تحفظا شديدا حيال القضية، مثل «جبهة العدالة والتنمية»، و«حركة النهضة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».