حكومة السراج تتسلم زوارق من إيطاليا لمكافحة الهجرة غير الشرعية

حفتر يحتفل في بنغازي بمرور 3 سنوات على انطلاق «عملية الكرامة»

حفتر خلال الاحتفال العسكري في بنغازي أمس («الشرق الأوسط»)
حفتر خلال الاحتفال العسكري في بنغازي أمس («الشرق الأوسط»)
TT

حكومة السراج تتسلم زوارق من إيطاليا لمكافحة الهجرة غير الشرعية

حفتر خلال الاحتفال العسكري في بنغازي أمس («الشرق الأوسط»)
حفتر خلال الاحتفال العسكري في بنغازي أمس («الشرق الأوسط»)

في حين احتفلت المنطقة الشرقية في ليبيا أمس بمرور ثلاثة أعوام على إطلاق المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، عملية «الكرامة» العسكرية لتحرير مدينة بنغازي من قبضة المتطرفين، سلمت إيطاليا خفر السواحل الليبي في غرب البلاد أربعة زوارق لمكافحة الهجرة السرية في المتوسط، غير أن هذا الدعم أثار قلق بعض المنظمات الإنسانية التي تدير سفنا للإنقاذ قرب الساحل الليبي.
وقدم وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي الزوارق خلال زيارته القصيرة إلى طرابلس أول من أمس، حيث بحث مع فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من الأمم المتحدة، وسائل مكافحة الهجرة غير المشروعة، خاصة من الحدود الجنوبية التي يمر عبرها معظم المهاجرين قبل أن ينتقلوا إلى السواحل الأوروبية.
وقال مينيتى للصحافيين إن «هؤلاء مسؤولون وبحارة مؤهلون وقادرون من الآن فصاعدا على المساعدة في المياه الليبية، وهو أمر بالغ الأهمية لاستقرار هذا البلد، بالإضافة إلى الإسهام مع الدول الأوروبية الأخرى وإيطاليا في تأمين وسط البحر المتوسط من خلال القدرة على التدخل لمواجهة مهربي البشر والقيام بعمليات وقائية ضد الإرهاب».
وكان يفترض أن تسلم الزوارق إلى ليبيا في 2014، لكن العملية تأخرت بسبب أعمال العنف والوضع غير المستقر في البلاد، كما قال ضابط في البحرية الإيطالية.
وأوضح الوزير الإيطالي أن ست سفن أخرى ستسلم إلى ليبيا قريبا بعد تأهيل طواقمها في الأسابيع المقبلة من قبل وزارة الداخلية الإيطالية، مبرزا أن «خفر السواحل (الليبي) سيمتلك قريبا عشر سفن في المجموع».
لكن مسؤولين ليبيين يقولون إنهم بحاجة لعتاد أكثر بكثير، بخلاف الزوارق التي تسلمها لهم إيطاليا، والتي لا تضم أي قطع جديدة.
وتقول منظمات إنسانية إن خفر السواحل الليبي عرض أطقم الإنقاذ والمهاجرين للخطر في عدة مرات، مشيرة إلى أنها لا تخشى على سلامة أفرادها فقط، وإنما أيضا على سلامة المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا.
وتبحر سفن المساعدات الخاصة عادة في المياه الدولية على بعد نحو 20 ميلا قبالة ساحل ليبيا، وهو بلد تملك فيه الفصائل المسلحة وشبكات التهريب نفوذا أقوى من السلطات.
وتقول منظمات إنسانية إن حرس السواحل الليبي في البحر يمكن أن يشكل تهديدا لأطقم الإنقاذ ويعرض المهاجرين للخطر أيضا.
وكان أحدث تلك الوقائع في الأسبوع الماضي عندما انطلق زورق لخفر السواحل سريعا ليمر من أمام مقدمة سفينة إنقاذ تابعة لمؤسسة «سي ووتش»، التي رصدت قاربا للمهاجرين وكانت في طريقها للمساعدة. واعترض الليبيون سبيل نحو 500 مهاجر وأعادوهم إلى ليبيا. وليس خفر السواحل المسلح فقط هو ما يثير قلق سفن الإنقاذ، وإنما أيضا زيادة المعاناة التي يلقاها المهاجرون، حيت تم إرسال من تمت إعادتهم إلى ليبيا الأسبوع الماضي إلى مركز احتجاز في طرابلس.
ووعدت إيطاليا والاتحاد الأوروبي في فبراير (شباط) الماضي بإنفاق ملايين اليوروات بهدف مساعدة حكومة طرابلس على تطوير أسطول حراسة السواحل، وقام الاتحاد الأوروبي بتدريب نحو 90 من أفراد الأطقم. ومع ذلك، تشكو البحرية الليبية باستمرار من نقص الوسائل لمواجهة تدفق المهاجرين، الذين يحاولون القيام بالرحلة الخطيرة المتمثلة بعبور المتوسط في مراكب متداعية.
من جهة أخرى، احتفلت مدينة بنغازي والمنطقة الشرقية في ليبيا أمس بمرور ثلاث سنوات على تدشين عملية الكرامة العسكرية، التي أطلقها المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش لتحرير المدينة من قبضة الجماعات الإرهابية، التي هيمنت عليها منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. وحضر المشير حفتر والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الاحتفال، الذي أقامته الكلية العسكرية «توكرة» بمناسبة تخريج الدفعة الـ50 من طلابها.
وتواصل قوات الجيش معاركها لتحرير آخر معاقل المتطرفين في سوق الحوت في بنغازي بهجمات جوية وبرية وسط اشتباكات عنيفة.
من جهتها، أعلنت القوات الخاصة (الصاعقة)، التابعة للجيش الوطني الليبي، أنها أوقفت اثنين من عناصرها، وفتحت تحقيقا على خلفية مصرع ضابط شرطة خلال مشاجرة داخل قسم النجدة بمدينة بنغازي.
وقالت الصاعقة في بيان لـ«الشرق الأوسط» إن قائدها العميد ونيس بوخمادة أصدر تعليمات بالتحقيق في ملابسات الحادث، مضيفة أن «الجاني لا بد أن يعاقب، ولن نسمح لأحد بزعزعة أمن بنغازي ولا بتشويه القوات الخاصة وإضاعة تضحيات رجالها». وتسبب الحادث في إعلان النقيب محمود الورفلي، قائد المحاور في القوات الخاصة، عن تقديم استقالته من منصبه، قبل أن يتراجع عنها لاحقا بعد رفضها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم