الفلسطينيون يحيون ذكرى «النكبة» بمواجهات... وإصرار على اعتذار بريطانيا

عباس: لن نطوي الصفحة وسلامنا لن يكون بأي ثمن

جانب من المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي خلال إحياء ذكرى النكبة وسط بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
جانب من المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي خلال إحياء ذكرى النكبة وسط بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يحيون ذكرى «النكبة» بمواجهات... وإصرار على اعتذار بريطانيا

جانب من المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي خلال إحياء ذكرى النكبة وسط بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
جانب من المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي خلال إحياء ذكرى النكبة وسط بيت لحم أمس (أ.ف.ب)

أحيا الفلسطينيون أمس الذكرى الـ69 لذكرى «النكبة» بمسيرات ومواجهات، والتأكيد مجددا على حق العودة إلى بلدانهم التي هجروا منها، وحولوها إلى مناسبة لمساندة الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام داخل السجون الإسرائيلية.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن «شعبنا لا يزال شعبنا بعد 69 عاماً على النكبة متمسكاً بحقوقه كاملة غير منقوصة، وهو مصرٌّ على الكفاح والنضال حتى دحر الاحتلال وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967»، مشددا على أن الشعب الفلسطيني «لن يطوي صفحة النكبة إلا بعد أن يتم الاعتراف بكامل حقوقه الوطنية المشروعة دون نقصان أو استثناء، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو لعام 67 وعاصمتها القدس الشرقية».
وطالب عباس من بريطانيا الاعتذار عن وعد بلفور باعتباره سبب النكبة، وقال إنه يجب التأكيد في هذه الذكرى الأليمة على أن الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني وما يزال يتفاقم «بدأ من الناحية العملية مع وعد بلفور المشؤوم، ومن هنا، فإننا ندعو الحكومة البريطانية إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية بألا تقوم بإحياء الذكرى المئوية لهذا الوعد الباطل والاحتفال به، بل عليها أن تبادر بدلاً من ذلك بتقديم الاعتذار لشعبنا الفلسطيني الذي دفع ثمناً باهظاً دماً وتشرداً، نتيجة لهذا الوعد المشؤوم، وتنفيذه على حساب أرض وطننا التاريخي وعلى حساب شعبنا وحقوقه المشروعة».
واستغل عباس هذه المناسبة ليحيي الأسرى المضربين عن الطعام، مؤكدا «أنه لن يهدأ لنا بال حتى ينال جميعهم الحرية، ويعودوا إلى أهلهم وأسرهم مرفوعي الرأس»، داعيا «المجتمع الدولي للتدخل والضغط على إسرائيل من أجل تلبية مطالبهم الإنسانية المشروعة والعادلة، تمهيداً لإطلاق سراحهم جميعاً دون شرط أو استثناء».
وحضرت قضية الأسرى أمس في كل فعاليات النكبة التي أطلقها الفلسطينيون. وبدأ يوم النكبة مع إطلاق صفارات الإنذار منتصف النهار، ثم جابت مسيرات كبيرة شوارع المدن الفلسطينية في رام الله والخليل ونابلس وجنين وطولكرم وبيت لحم، قبل أن تتحول غالبية هذه المسيرات إلى مواجهات مع الجيش الإسرائيلي.
واختارت اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة التركيز أيضا على زيارة خيم الاعتصام المنصوبة لمساندة الأسرى المضربين عن الطعام. ونظمت اللجنة بالإضافة إلى المسيرات ندوات ومعارض وتجمعات ووقفات في معظم المدن والمخيمات الفلسطينية. من جانبه، توقف رئيس الوزراء رامي الحمد الله، لدى مشاركته في إحياء فعاليات الذكرى في رام الله، عند قضية المضربين، وقال بهذا الخصوص «نستذكر اليوم 7 آلاف أسير في سجون الاحتلال وهم يخوضون الإضراب عن الطعام، معركة الحرية والكرامة، ولذلك نناشد المجتمع الدولي بالوقوف عند مسؤولياته، والضغط على إسرائيل لتطبيق القانون الدولي، وتلبية مطالبهم العادلة كمقدمة لإطلاق سراحهم... الأمل لدى أبناء شعبنا موجود، والحتمية التاريخية تؤكد أن الاحتلال إلى زوال، والدولة الفلسطينية لا بد أن تقوم، وعاصمتها القدس الشرقية... ونؤكد أن النصر قادم والدولة قادمة».
وبخصوص قضية اللاجئين الفلسطينيين، أوضح الحمدالله أن «قضية اللاجئين ثابتة لدى القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، ومحادثات السلام والمفاوضات مع إسرائيل يجب أن تستند إلى المبادرة العربية للسلام، التي تؤكد ضمن بنودها على حق العودة».
ووضع الحمدالله إكليلا من الزهور على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، إلى جانب عدد من أعضاء القيادة الفلسطينية، إيذاناً بانطلاق فعاليات إحياء ذكرى النكبة. من جهته، حذر رمضان شلح، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في خطاب بمناسبة الذكرى الـ69 «للنكبة» الفلسطينية من تعريض حياة المعتقلين في السجون الإسرائيلية، الذين يخوضون إضرابا جماعيا عن الطعام دخل يومه الـ29، للخطر. متوعدا بأن خيارات «المقاومة مفتوحة».
وقال شلح في كلمة متلفزة بثتها فضائية «فلسطين اليوم» المحسوبة على حركة الجهاد إن «استمر العدو في غطرسته بما يعرض حياة أسرانا للخطر فنحن لن نقف مكتوفي الأيدي... فلنا في المقاومة كلمتنا وخياراتنا المفتوحة وكفى»، وشدد على أن حركته لن تعترف بالدولة العبرية»، مضيفا: «إننا في حركة الجهاد سنبقى متمترسين عند خيار التحرير الكامل لفلسطين، لن نلقي السلاح ولن نعترف بالوجود الصهيوني على أي شبر من فلسطين».
ويحيى الفلسطينيون كل عام في الـ15 من مايو (أيار) الذكرى التي شردوا فيها من ديارهم عام 1948. وشهد هذا اليوم ثلاثة أحداث كبرى هي النكبة الفلسطينية، وقيام إسرائيل وبدء الحرب العربية - الإسرائيلية الأولى.
من جهته، قال صائب عريقات في بيان: «بهدف التوصل إلى سلام عادل وقابل للتطبيق بين إسرائيل وفلسطين، من المهم أن تعترف إسرائيل بالنكبة وتعتذر على ارتكابها».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».