تونس تريد «فرض شروطها» لإبرام اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي

تونس تريد «فرض شروطها» لإبرام اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي
TT

تونس تريد «فرض شروطها» لإبرام اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي

تونس تريد «فرض شروطها» لإبرام اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي

قال رئيس لجنة التجارة والفلاحة في برلمان تونس محمد الراشدي، إن مفاوضات اتفاق التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، المزمع إطلاقها قريباً، بها «جانب كبير من الإيجابيات لفائدة الاقتصاد التونسي، ولكن بشروط... لدينا بعض القضايا التي يجب إنهاؤها قبل تطبيق الاتفاق، ومنها القضية الصحية، وأعني هنا المراقبة الصحية للمنتجات الفلاحية واللحوم والبيض والدجاج، وأيضاً منتجات البحر التي نحن متقدمون فيها نوعاً ما»، مشيراً إلى «تكلفة الإنتاج وهي قضية كبيرة، ورغم أن الكلفة ما زالت ضعيفة، ولكن هناك دولاً أخرى تسبقنا في هذا، ولديها إمكانيات أكثر منا في السوق العالمية».
وشارك رئيس لجنة التجارة والفلاحة في برلمان تونس محمد الراشدي أخيراً ضمن وفد كبير زار البرلمان الأوروبي في بروكسل، خلال فعاليات الأسبوع التونسي في البرلمان الأوروبي، التي شهدت نقاشات بشأن إمكانية إبرام اتفاق للتجارة الحرة بين الجانبين.
وأضاف الراشدي لـ«الشرق الأوسط»، على هامش زيارته لبروكسل، أنه «لا بد من الاستعداد الجيد من الطرفين، قبل توقيع الاتفاقية، يجب أن نأخذ كل الاحتياطات لأن الاتفاق لا بد أن يكون فيه فائدة لتونس ونحن لا نريد اتفاقاً من أجل الاتفاق... وأعتقد أن أوروبا لها كذلك مصلحة في الاتفاق مع تونس، ولكن علينا في تونس أن نستعد جيداً لهذا الأمر».
وعن التجارة الداخلية في تونس، قال الراشدي: «هناك وزارة ومؤسسات، وهناك مثلاً هيكل للدفاع عن المستهلك، ولا بد من وضع سياسة واضحة في هذا الصدد، وخصوصاً بين المنتج والمستهلك... كما يجب أيضاً تنظيم وتقنين دور الوسيط، وذلك للحفاظ على مصلحة المستهلك والمنتج، أما بالنسبة للتجارة الخارجية، فهناك مشكلة كبيرة في تونس، لأن حالياً لدينا تجارة موازية تفوق 50 في المائة، وخصوصاً في المناطق الحدودية الشرقية والغربية».
وأضاف: «الحكومة لها برنامج لمقاومة هذه التجارة غير القانونية... وأعتقد أنه لا بد من إدماجها في الاقتصاد الوطني، ولو من خلال إجراءات استثنائية التي يمكن أن تدخل رأس المال التونسي في التجارة والفلاحة والصناعة، وفي الاقتصاد بشكل عام».
وحول ملف غسل الأموال ومكافحة الفساد، الذي طرح بين الجانبين أخيراً في النقاشات، أوضح رئيس لجنة التجارة والفلاحة في برلمان تونس، أن تونس تعمل بشكل كبير على مكافحة الرشوة والفساد المالي، «والآن نحن بصدد قوانين جديدة وهناك هيئات وهياكل تم تخصيصها لهذا الغرض، وهذا يخدم سمعة التاجر التونسي وأيضاً المنتج التونسي، وهذه السمعة هي التي تسبقه إلى الأسواق العالمية».
واستطرد: «نحتاج إلى الاستثمار، ولكن بجانب ذلك لا بد أن نتحدث عن البنية التحتية، ونحن بصدد وضع برنامج طموح جداً اقتصادي واجتماعي، وخصوصاً بشأن تحضير البنية التحتية، وترسانة من التشجيعات الجبائية والاجتماعية التي تخدم المستثمرين التونسيين والأجانب»، موضحاً أن القوانين القديمة كانت تفضل أحدهما على الآخر، لكن القانون حالياً يساوي بين الاثنين، ولهذا «لابد من تشجيع الاستثمار الوطني ضماناً للاستقرار الاقتصادي والسياسي إلى جانب ضرورة تشجيع الاستثمار الأجنبي».
وفي نهاية الأسبوع الماضي، اختتمت في بروكسل أعمال مجلس الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي في دورته الـ13، وانتهت إلى التوقيع على اتفاقيتين؛ واحدة تتعلق بالتنمية المحلية، والثانية بانضمام تونس إلى برنامج أوروبي لتعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتقارب بين المؤسسات، إلى جانب التباحث حول سبل تطوير العلاقات في المجالات المختلفة.
وحسب مصادر في بروكسل لـ«الشرق الأوسط»، فإن النقاشات شهدت التركيز على ملفات تتعلق بالتنمية الاقتصادية والاهتمام بالشباب.
وجاء الاجتماع الثنائي بين الجانبين، بعد أيام قليلة من فعاليات الأسبوع التونسي في البرلمان الأوروبي وإطلاق نقاشات حول اتفاقية للتجارة الحرة بين تونس والاتحاد الأوروبي.
من جانبه، قال رئيس برلمان تونس محمد الناصور، على هامش تلك الفعاليات، إن بلاده ترى أن مستوى الشراكة الحالي بين تونس والاتحاد الأوروبي لا يلبي الطموحات ولا التطورات.
ومن وجهة نظر كثير من المراقبين، يسعى الاتحاد الأوروبي وتونس لتعميق علاقات الشراكة القائمة بينهما، عبر توسيع أفق الحوار السياسي والتفكير بكيفية العمل للتوصل إلى اتفاق أكثر طموحاً مما هو موجود حالياً. وركز المسؤولون الأوروبيون والتونسيون في بروكسل على أولويات العمل المستقبلي، والمتمثلة بشكل خاص بالاهتمام بفئة الشباب والتبادل المجتمعي والثقافي بين الطرفين.
وعبّر كل من وزير خارجية مالطة جورج فيللا، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، والمفوض الأوروبي المكلف بشؤون التوسيع يوهانس هان، ووزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، عن ارتياحهم لمستوى التعاون والتفاهم القائمين بين بروكسل وتونس. وشدد المسؤولان الأوروبيان، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقداه مع الوزير التونسي بعد الاجتماع، على أهمية الاستمرار والمضي قدماً في العمل لدعم الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة التونسية ومساعدتها في مجالات التحول الاقتصادي وتعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية.
أما وزير الخارجية التونسي، فقد أسهب في عرض التقدم الذي أحرزته بلاده على طريق تدعيم الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب والتطرف، «مما أسهم في انتعاش قطاعات السياحة والاستثمار في البلاد».



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».