إسرائيل تدرس إقامة جزيرة صناعية قبالة غزة

الخطوة ستعرض على ترمب لإظهار رغبة تل أبيب في السلام

إسرائيل تدرس إقامة جزيرة صناعية قبالة غزة
TT

إسرائيل تدرس إقامة جزيرة صناعية قبالة غزة

إسرائيل تدرس إقامة جزيرة صناعية قبالة غزة

قالت مصادر إسرائيلية إن يسرائيل كاتس، وزير الاستخبارات والنقل في الحكومة الإسرائيلية، سيعرض على الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارته المرتقبة إلى المنطقة بعد نحو أسبوع ونصف، مقترحا لإقامة جزيرة صناعية قبالة سواحل قطاع غزة، كخطوة ستسهم باستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.
وقالت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي إن إقامة جزيرة صناعية ستكون اقتراحاً سيرغب ترمب بسماعه، وسيعكس رغبة إسرائيلية بالنسبة له باستئناف عملية السلام. وبحسب القناة أيضا فإن الإسرائيليين يدركون أن ترمب يريد سماع اقتراحات قد تدعم عملية السلام.
وحسب متابعين لمسار المفاوضات بين الجانبين، فإن ترمب يضع نصب عينيه بحث سبل دفع عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين من ضمن قضايا أخرى سيناقشها. وكان ترمب قد حدد ثلاث قضايا سيبحثها خلال زيارته للمنطقة، وهي بحسب رسالة مكتوبة وجهها إلى صحيفة «يسرائيل هايوم» اليومية: «تعزيز العلاقات الثنائية، والعمل ضد التهديدات المشتركة، ودفع عملية السلام».
ويصل ترمب إلى القدس في الـ22 من مايو (أيار) الحالي، ثم يذهب لاحقا إلى بيت لحم في الضفة الغربية. وقد وصل وفد أميركي أول من أمس إلى إسرائيل لبحث ترتيبات الزيارة.
ولا يعرف الإسرائيليون والفلسطينيون ما إذا كان ترمب سيعرض عليهم مبادرات، أو إذا كان سيقترح على وجه الخصوص اجتماعا ثلاثيا بينه وبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وكان الرئيس عباس قد أعلن قبل يومين أنه مستعد للقاء نتنياهو، تحت رعاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مؤكدا أنه أبلغ ذلك لترمب حين التقاه في واشنطن، وقال للصحافيين «قلنا له إننا مستعدون للتعاون من أجل صنع السلام، كما أكدنا التزامنا للتعاون في إطار الشراكة الكاملة لمحاربة الإرهاب والتطرف في منطقتنا والعالم».
وخلال هذا اللقاء سلم عباس وثائق وخرائط لترمب أثناء لقائه في واشنطن في محاولة لإطلاع الرئيس الأميركي على تفاصيل أكثر حول الصراع، إذ قال المسؤول في ديوان الرئيس الفلسطيني إن «الجانب الفلسطيني عرض أمام الرئيس الأميركي ومساعديه تفاصيل المحادثات الفلسطينية مع أولمرت»، موضحا أن الطرفين «ناقشا آنذاك تبادل الأراضي بنسبة 1.9٪، فيما اقترح أولمرت أن تكون هذه النسبة 6.3٪. وهنا توقفت المحادثات مع أولمرت الذي ترك الساحة السياسية، تاركا خلفه فجوات ليست كبيرة في المحادثات التي يمكنها أن تكون نقطة انطلاق جيدة لأي مفاوضات حول الحدود مستقبلا. فهي قضية حاسمة تترك آثارها على كل القضايا الجوهرية الأخرى عند التسوية الدائمة». لكن نتنياهو رفض في وقت سابق التفاهمات التي توصل إليها أولمرت مع عباس.
ويريد نتنياهو إبقاء جنوده على حدود الدولة الفلسطينية، ويرفض عودة اللاجئين أو التنازل عن القدس، كما يشترط الاعتراف بيهودية الدولة. فيما يرفض الفلسطينيون كل ذلك.
لكن نتنياهو، يدعم مقترح إقامة الجزيرة الصناعية في غزة كما تدعمه جهات أمنية إسرائيلية.
وقالت المصادر الإسرائيلية إن مبعوث ترمب لـ«الشرق الأوسط» جيسون غرينبلات اطلع على مقترح إقامة الجزيرة قبل ذلك. ويشمل المخطط المذكور إقامة مطار وميناء مع فرض رقابة أمنية إسرائيلية ودولية.
وقال كاتس صاحب الاقتراح إن الجزيرة المقترحة، ستتيح التحرر من المسؤولية عن غزة.
وبحسب المخطط فإن الجزيرة المفترضة تقوم على مساحة 8 كيلومترات مربعة، وتبعد عن غزة بثلاثة أميال، وترتبط معها عبر جسر بمسارين يخضع لنقاط تفتيش أمنية. وستضم الجزيرة إضافة إلى الميناء والمطار، منشآت للبنى التحتية ومحطة تحلية للمياه.
وتبحث إسرائيل منذ فترة عن شركاء دوليين لتمويل المشروع الذي تبلغ تكلفته خمسة مليارات دولار.
وأوضح كاتس أن الجزيرة سيكون لها وضع قانوني دولي وقوات أمن دولية كذلك. لكن لا يعرف ما إذا كان سيكون هناك أي دور للسلطة الفلسطينية في هذا المشروع، إذا ما رأى النور.
وتريد السلطة قطع الطريق على أي خطط للانفصال في غزة، بما في ذلك خطة الجزيرة.
وتتجه السلطة حاليا للضغط على «حماس» عبر إجراءات اقتصادية بهدف تسليم غزة لحكومة التوافق. وقد تعهد الرئيس عباس بالاستمرار في الإجراءات ضد «حماس»، حتى تستجيب لمبادرة تسليم القطاع، حيث خفض عباس من الرواتب وأوقف دفع ثمن الكهرباء لإسرائيل، وألغى إعفاءات ضريبية على الوقود، كما طالب المواطنين بعدم دفع أي ضريبة لحماس، ضمن سلسلة إجراءات ضد الحركة، وخيرها بين الاستمرار في هذه الإجراءات، أو إقامة حكومة وحدة وطنية والذهاب إلى انتخابات عامة رئاسية وتشريعية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.