القوات العراقية تخوض معارك شرسة شمال غربي الموصل

مدنيون هاربون من المعارك: «داعش» قصفنا بـ«الكيماوي»

مدنيون يفرون من معارك غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
مدنيون يفرون من معارك غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تخوض معارك شرسة شمال غربي الموصل

مدنيون يفرون من معارك غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
مدنيون يفرون من معارك غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)

خاضت القوات العراقية أمس معارك شرسة فيما تبقى من أحياء ومناطق الجانب الأيمن من الموصل ساعية للوصول إلى مشارف الجهة الشمالية من المدينة القديمة التي ما زال التنظيم يفرض سيطرته على مساحة واسعة منها. بينما تمكنت ميليشيات الحشد الشعبي من الوصول إلى مشارف مركز ناحية القيروان (بليج) التابعة لقضاء بعاج شمال غربي الموصل.
وقال قائد قوات الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»: «حاصرت قطعاتنا المتوغلة في شمال الجانب الأيمن من الموصل دفاعات إرهابيي (داعش) في حيي الاقتصاديين و17 بخط من النيران الكثيفة بمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والطائرات المسيرة (الدرون) تمهيداً لاقتحامهما واستعادة السيطرة عليهما والوصول إلى تخوم المدينة القديمة».
ونفذ الجهد الهندسي في قوات الشرطة الاتحادية أمس عملية موسعة لتطهير المناطق المحررة من الأفخاخ والعبوات الناسفة والصواريخ الموجهة ومخلفات مسلحي التنظيم. أما في محاور باب الطوب وباب الجديد ومنطقة الفاروق وسط المدينة القديمة فاستمرت قطعات الشرطة الاتحادية في اشتباكاتها مع مسلحي التنظيم المتحصنين فيها، وكثفت عمليات استنزاف قدرات التنظيم الدفاعية وواصلت تقدمها ببطء نحو جامع النوري الكبير، وفي الوقت ذاته واصلت طائرات التحالف الدولي تقديم الإسناد الجوي للقوات الأمنية العراقية، ودمرت مخزناً لأسلحة ومتفجرات «داعش» في حي الزنجيلي في الجانب الأيمن من المدينة.
وتزامناً مع اشتداد المعارك، تدفق أمس المئات من المدنيين الهاربين من مناطق الاشتباكات إلى المناطق المحررة، حيث نقلتهم القوات الأمنية العراقية إلى مخيمات النازحين في شرق الموصل، وقالت المواطنة رحيمة كريم القادمة من حي 17 لـ«الشرق الأوسط»: «أنا من حي التنك، لكن بعد تقدم القوات الأمنية باتجاه الحي، أجبرنا مسلحي (داعش) على الخروج من بيوتنا وساقونا إلى الأحياء الخاضعة لسيطرتهم، وأسكنونا في حي 17 في المدارس وهياكل البيوت غير المكتملة، وكدنا نموت من الجوع لذا قررنا الهرب ليلا باتجاه منطقة الهرمات ووصلنا سالمين بأعجوبة إلى مواقع القوات الأمنية التي أنقذتنا ونقلونا إلى مخيم حمام العليل ومنها إلى مخيم حسن شام شرق الموصل».
وبحسب المدنيين الهاربين، فإن التنظيم يستخدم باستمرار الأسلحة الكيماوية في استهدافهم، مبينين مقتل كثير منهم بسبب الاختناق، إضافة إلى إصابة العشرات الآخرين بالحروق والتقيؤ جراء تلك الغازات السامة، وقال سعيد عمر الذي هرب قبل يومين من حي الإصلاح الزراعي في الجانب الأيمن: «خلال اشتداد المعارك بين القوات الأمنية ومسلحي التنظيم سقطت قذيفة من قذائف التنظيم على بيتنا، وامتلأ المنزل بغاز ذات رائحة كريهة، وبدأت عيوننا تدمع ونتقيأ ونختنق حتى أن الأطفال وكبار السن في العائلة فقدوا الوعي، فخرجنا بسرعة لكن مسلحي التنظيم منعونا من الخروج فتوفي أخي مختنقا، ولجأنا نحن إلى ممرض قريب من بيتنا فأعطانا بعض الأدوية لكننا قبل أن نتوجه إليه غسلنا أيدينا وأرجلنا بالماء فظهرت حالات حروق على جلودنا وما زلنا نعاني منها». وكشف سعيد أنه دفن أخاه في حديقة المنزل لأن مسلحي «داعش» منعوهم من التوجه إلى المقبرة.
في غضون ذلك، تمكنت ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية التابعة لإيران من الوصول إلى مشارف ناحية القيروان، وذكر بيان للحشد أمس: «‎نجحت قطعاتنا من الوصول إلى مشارف مركز القيروان بمسافة 3 كيلومترات، ونفذت عملية عزل وتطويق لمركز الناحية من ثلاث اتجاهات وهي شمالا عن سنجار) وشرقا عن تلعفر وجنوب عن البعاج».
وأسفرت المعارك التي خاضتها ميليشيات الحشد بإسناد من طائرات القوة الجوية العراقية عن ‎ تحرير قرية الخنيسي شمال القيروان، والسيطرة على الطريق الرابط بين القيروان وبعاج جنوباً، وقطعت الطريق الممتد بين القيروان وسنجار شمالاً.



مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».