المعارضة تطالب بوقف نار شامل تمهيداً للانتقال السياسي

اجتماع «الهيئة العليا» أبقى على وفدها إلى جنيف... وبحث «اتفاق آستانة»

المعارضة تطالب بوقف نار شامل تمهيداً للانتقال السياسي
TT

المعارضة تطالب بوقف نار شامل تمهيداً للانتقال السياسي

المعارضة تطالب بوقف نار شامل تمهيداً للانتقال السياسي

لم تجر «الهيئة العليا للمفاوضات» السورية المعارضة أي تعديل على لائحة أسماء وفدها إلى مفاوضات جنيف المقرّر عقدها الأسبوع المقبل. وبحثت في اجتماعاتها التي بدأت في الرياض أمس وتنتهي اليوم، موضوع الانتقال السياسي، حيث شددت على ضرورة أن يكون أولوية في المفاوضات، إضافة إلى المطالبة بوقف شامل لإطلاق النار في سوريا، بدل الاقتصار على مناطق محددة، بحسب ما جاء في «اتفاق آستانة»، وفك الحصار عن المناطق ورفض التهجير القسري.
وفي حين لا تبني المعارضة آمالاً كبيرة على هذه الجولة، فإنها لا تستبعد أن ينعكس عليها إيجاباً الحضور الأميركي الذي يرجّح أن يكون بمستوى أرفع مما كان عليه في الجولة الخامسة، إضافة إلى أن المفاوضات تأتي بعد اللقاءات الروسية - الأميركية والاتفاق على تفعيل مفاوضات جنيف.
وقال عضو «الهيئة العليا» فؤاد عليكو لـ«الشرق الأوسط»: «لا نعوّل على تغيرات كبيرة. ندرك أن المشوار طويل، إنما نأمل في أن تحمل المستجدات والحراك الدولي بعض التغيير ولا سيما على الخط الأميركي». وأضاف: «نتوقع أن يكون هناك زخم وحضور أميركي أكبر، قد يكون ممثلاً بالمبعوث الأميركي إلى سوريا مايكل راتني».
وأشار عليكو إلى عدم تحديد جدول الأعمال بشكل واضح حتى الآن، وأكّد على أن المفاوضات يفترض أن تبدأ مما انتهت إليه الجولة السابقة وبشكل أساسي الانتقال السياسي، مستبعداً البحث في الدستور والانتخابات. وأضاف: «قد يأخذ موضوع الإرهاب حيّزاً أساسياً من الاجتماعات، لا سيما أن هذا الأمر موضع خلاف أساسي بيننا وبين النظام الذي يرى كل الفصائل منظمات إرهابية بينما نعتبر أن (داعش) وجبهة النصرة والمجموعات الشيعية التي تقاتل إلى جانب النظام جميعها في خانة الإرهاب».
وقال المتحدث باسم «الهيئة العليا» أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماعات الرياض بحثت مفاوضات جنيف المقررة الثلاثاء المقبل، «وأكّدت ضرورة الالتزام الروسي بوقف النار، لا سيما أن موسكو هي إحدى الجهات الضامنة لاتفاق آستانة». وأشار إلى أن الهيئة ستطالب في جنيف «بعدم تحديد مناطق بعينها لتخفيف التصعيد، كما نص اتفاق آستانة، إنما بقرار وقف شامل وفوري لإطلاق النار، مع رفض عمليات التهجير القسري التي يقوم بها النظام ويوسّع دائرتها يومياً، خصوصاً في محيط دمشق». وأكد أن «هذه الأمور أساسية للدخول في المفاوضات التي سنطالب بأن تكون مباشرة حول الانتقال السياسي».
يذكر أنه خلال الجولات الخمس السابقة من محادثات جنيف، لم تكن المفاوضات بين وفدي النظام والمعارضة مباشرة، بل من خلال وساطة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا. وتوقع المبعوث الخاص إلى سوريا مايكل كونتيت أن تستمر الصيغة نفسها في الجولة السادسة التي تستمر أربعة أيام، وتناقش إقامة مناطق أخرى غير مناطق التهدئة التي نصت عليها مفاوضات آستانة، بحسب دي ميستورا.
وكما الجولة السابقة، سيتألف وفد «الهيئة العليا» من عشرين شخصية سياسية وعسكرية، أبرزها رئيس الوفد نصر الحريري ونائبته أليس المفرج وكبير المفاوضين محمد صبر.
وأكد الأمين العام لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» نذير الحكيم، أمس، أن «طهران لا يمكن لها أن تكون طرفاً ضامناً في سوريا»، مشيراً إلى أن «روسيا بدورها هي التي طرحت نفسها طرفاً ضامناً، والشعب السوري ما زال ينتظر منها تأدية هذا الدور والابتعاد عن مشاركة النظام بجرائمه».
ولفت إلى أن «الائتلاف الوطني» وهيئته الرئاسية يعقدان الأمل على جولة جنيف المقبلة، والدور الذي تلعبه تركيا والدول العربية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، معتبراً أن هذه الدول «يجب أن يكون دورها أكثر فعالية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».