لافروف بحث مع نظيريه المصري والأردني المناطق الآمنة في سوريا

وسط إصرار موسكو على التحقيق بحادثة خان شيخون وفق رؤيتها الخاصة

لافروف بحث مع نظيريه المصري والأردني المناطق الآمنة في سوريا
TT

لافروف بحث مع نظيريه المصري والأردني المناطق الآمنة في سوريا

لافروف بحث مع نظيريه المصري والأردني المناطق الآمنة في سوريا

بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تطورات الأزمة السورية والجهود السياسية، مع نظيريه المصري والأردني، خلال اتصالين هاتفين أمس. ومن جانب آخر، واصلت موسكو إصرارها على إجراء تحقيق في الهجوم الذي شنه النظام السوري بالسلاح الكيماوي على خان شيخون، ولكن وفق الاقتراح الذي طرحه ممثلو روسيا وإيران.
الخارجية الروسية أعلنت أمس في بيان رسمي أن لافروف بحث مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مسائل توسيع نظام وقف إطلاق النار في سوريا، بناء على مذكرة إقامة «مناطق تخفيف التصعيد». وأوضحت أنهما «بحثا آفاق التعاون في الشأن الإقليمي، مع تركيز على التسوية السورية، في سياق جهود تعزيز وتوسيع نظام وقف الأعمال القتالية في سوريا، في تطوير مذكرة (مناطق تخفيف التصعيد) الموقعة في آستانة يوم 4 مايو (أيار) التي وافقت عليها الحكومة السورية، وتشمل مناطق على الحدود مع الأردن».
وعن المحادثات مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، قالت الخارجية الروسية إن لافروف وشكري تبادلا وجهات النظر حول الأزمة السورية «بما في ذلك الأخذ بالحسبان نتائج اللقاء الرابع في آستانة»، الذي تطلق عليه الخارجية الروسية في بيانها صفة «اللقاء الدولي الرفيع المستوى حول سوريا». وأضافت أن «الوزيرين لافروف وشكري بحثا خطوات مشتركة محددة في إطار دفع عملية التسوية السياسية للنزاع المسلح في سوريا». وتجدر الإشارة إلى أن مصادر عدة كانت قد أشارت بعد لقاء «آستانة - 4» إلى أن مصر واحدة من الدول التي قد تشارك بقوات مراقبة في «مناطق تخفيف التصعيد». ويركز المسؤولون الروس في تصريحاتهم على «عملية آستانة» بصورة خاصة. وفيما يخص جنيف، قال مصدر مطلع لوكالة «ريا نوفوستي» أمس، إن غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي سيشارك في الجولة القادمة من المفاوضات في 16 - 19 مايو، بينما يجري العمل حاليا على تحديد أعضاء الوفد الذي سيرافق غاتيلوف.
في غضون ذلك، واصلت روسيا التسويق لفكرة المشاركة الأميركية في «مناطق تخفيف التصعيد»، وقال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي في تصريحات، أمس، إن روسيا لا تستبعد مشاركة الولايات المتحدة في مجموعة العمل الخاصة بهذه المناطق، وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أن «الاتصالات جارية بهذا الخصوص، وتعمل على هذا الأمر الدول الضامنة»، موضحاً أنه يقصد «الدول المراقبة في عملية آستانة». وأضاف أن «وزير خارجيتنا لافروف كان في واشنطن، وهناك اتصالات على مختلف المستويات مع الشركاء الأميركيين».
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات للصحافيين خلال وجوده في ولاية آلاسكا الأميركية أمس، إن المحادثات التي أجراها مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مؤخراً لم تتناول مسألة المشاركة الأميركية في مذكرة «مناطق تخفيف التصعيد» في سوريا، وأوضح أن «ما قلناه إننا نرحب بأي مشاركة أميركية في التجسيد العملي لهذه الفكرة، لا سيما أن الرئيس ترمب تحدث منذ البداية عن إقامة بؤر آمنة يمكن للمدنيين أن يلتقطوا أنفاسهم فيها». وأكد أن محادثات تجري حاليا مع المشاركين المحتملين في عملية إقامة «مناطق تخفيف التصعيد» من دون أن يوضح مع أي دول تحديداً تجري تلك المحادثات. في شأن آخر على صلة بالمواقف الروسية من تطورات الأزمة السورية، تصر موسكو على إجراء تحقيق في الهجوم الذي شنه النظام السوري بالسلاح الكيماوي على خان شيخون، لكن وفق الاقتراح الذي طرحه ممثلو روسيا وإيران في وقت سابق على اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ولم يلق حينها قبولا. وأمس قال ميخائيل أوليانوف مدير دائرة الخارجية الروسية لشؤون عدم الانتشار، إن الجانب الروسي يواصل بنشاط العمل الرامي إلى حل مسألتين: «إجراء تحقيق في مكان الهجوم في خان شيخون، (...) والثانية أن يزور فريق التحقيق الدولي مطار الشعيرات الذي تعرض لقصف صاروخي من جانب الولايات المتحدة، بذريعة أنه يتم الاحتفاظ هناك بمادة السارين»، وأضاف الدبلوماسي الروسي مشددا: «ونصر على أن يتم تشكيل لجنة المحققين على أساس تمثيل جغرافي واسع»، أي أن تضم لجنة التحقيق ممثلين عن دول المنطقة وقوى دولية وإقليمية. وأكد أوليانوف أن العمل في هذا الاتجاه يجري لكنه محاط بالكتمان نظراً لحساسية الأمر.
واتهم مدير دائرة عدم الانتشار في الخارجية الروسية الدول الغربية بأنها تخشى من تحقيق نزيه في الهجوم على خان شيخون، ونقلت عنه «ريا نوفوستي» قوله: «يتولد لدي انطباع بأن الشركاء الغربيين يخافون من تحقيق موضوعي، ويعملون بكل قواهم على تعطيله»، وهذا الموقف يشير حسب مزاعم أوليانوف إلى أن «دول الغرب نفسها لا تصدق تماما احتمال أن دمشق هي المسؤولة عن الهجوم». واتهم دول الغرب بأنهم «لا يريدون أبدا أن يتضح أن المسؤول في واقع الأمر عن ذلك الهجوم هي (جبهة النصرة) وغيرها من تنظيمات إرهابية». وفي تعليقه على تزويد روسيا النظام السوري بأسلحة حديثة بينها مدفعية، قال أوليانوف إن هذا الأمر يجري في إطار التعاون الطبيعي بين البلدين، لافتاً إلى عدم وجود أي عقوبات أو حظر على توريد السلاح إلى سوريا، وقال إن «التعاون مستمر والأرجح سيتواصل».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.